لا أظن أن أحدا قد احتفل بأحمد عكاشة منذ قدومه إلي مصر من رحلته العلمية عام 1964 قدر احتفالي به، فقد اندهشت منذ لقائي الأول به، وكان سبب الاندهاش هو محاولته الدءوب لتحويل الطب النفسي من عار يلحق بالشخص إلي حق طبيعي لكل إنسان يعاني من أزمة عاطفية أو يري نفسه في خناقة مع ظروفه وغير قادر علي أن يقول "آآآه ياني.. أنا غلبان". وقد فتح أحمد عكاشة باب إعادة اكتشاف كل إنسان لنفسه وعدم السباحة في بحر الخجل من آلامه النفسية، وأهدانا جميعا نحن الذين نجيد القراءة والكتابة والفهم، القدرة علي أن ننظر جيدا في أعماقنا لنستخرج كنوز مواهبنا. وعبر السنوات لم تفتر همة أحمد عكاشة عن محاولة الارتقاء بالبشر، وإقناع كل إنسان أنه مقدس وموهوب، وعلي أي واحد أن يبحث طريقة أو أسلوبا يكتشف به مواهبه. وإذا كان أحمد عكاشة قد ارتقي المصاف العليا في دنيا الطب النفسي فلم يكن هذا وليد صدفة، فهو واحد من قلة بين أطباء النفس في عالمنا العربي إن لم يكن الوحيد الذي يحمل درجة الدكتوراة في الأمراض الباطنية بجانب ماجستير في الأعصاب وبجانب درجة الدكتوراة في الطب النفسي، وفوق كل ذلك هو من وهبنا عشرات المئات من التلاميذ.. ولعله هو من فتح الأبواب للتتآزر علوم النفس مع الفنون، وساعده في ذلك قدرة تذوق عالية في الفنون المختلفة تلقاها من الجليل حقا وصدقا أستاذ الأساتذة ومؤسس التذوق الفني في بر مصر المحروسة المقاتل الفارس النبيل د. ثروت عكاشة. وعلي الرغم من سطوع ووهج مواهب الدكتور ثروت إلا أن موهبة أحمد عكاشة وجدت طريقها للظهور والتأكد وارتقاء مقعد رئيس البرلمان العالمي للطب النفسي. وبعد غد "الخميس" سيكون الاحتفال السنوي بمحاضرة عكاشة العلمية والتي تمنح فيها لجنة علمية متخصصة جائزة مالية وميدالية ذهبية لواحد من الأطباء الشبان. وفوق ذلك سيلقي الموهوب والعبقري إسماعيل سراج الدين محاضرة عكاشة السنوية عن الأعمدة العلمية للحياة المعاصرة. ولعل التلاقي بين اثنين من الكبار، أحمد عكاشة بقامته الفريدة علميا وعالميا وإسماعيل سراج الدين بقامته الفريدة أيضا علميا وعالميا، لعل هذا التلاقي يهدينا قبسا من نور يمكن أن تثق به الأجيال القادمة في معني كلمة الإخلاص في العلم. مبروك للعالم أحمد عكاشة جائزة مبارك في العلوم.. ومبروك لنا محاضرة إسماعيل سراج الدين عن قيمة العلم في حياتنا.