إنني أدعو كل فلسطيني وكل عربي وكل مدافع عن حرية التعبير في العالم الي إرسال برقية مساندة ودعم لعميدة الصحافة الأمريكية السيدة هيلين توماس كبيرة المراسلين في البيت الأبيض التي فقدت وظيفتها وعملها بعد أن أدلت بتعليق قالت فيه إن حل الصراع في الشرق الأوسط سهل وبسيط ويتمثل في عودة اليهود الي ديارهم التي جاءوا منها في بولندا وألمانيا.. وأضافت تذكروا ان هؤلاء الأشخاص محتلون.. وما إن أدلت هيلين بهذا التعليق قبل عدة أيام حتي قامت قيامة المنظمات اليهودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وشنت هجوما شديدا علي الكاتبة الأمريكية التي تعتبر واحدة من أشهر الصحفيات الأمريكيات والتي لها مقعد دائم في الصف الأول في قاعة الصحافة بالبيت الأبيض والتي يحرص كل رئيس أمريكي علي تحيتها قبل ان يتحدث في مؤتمر صحفي نظرا لخبرتها الطويلة في البيت الأبيض وباعتبارها أقدم صحفية في القاعة. وتخلت الولاياتالمتحدة عن المبدأ الأساسي الذي تنادي به حول حرية الصحافة وحق التعبير ورضخت للضغوط اليهودية والإسرائيلية التي أفقدت هيلين وظيفتها لتواجه الصحفية الطاعنة في السن البطالة الآن..! وستواجه هيلين توماس أياما صعبة قادمة لأنهم لن يكتفوا بطردها من الصحيفة التي تعمل بها، وانما سيمتد ذلك الي ملاحقتها والضغط علي أي صحيفة اخري تقبل ان تنشر لها كتاباتها او آرائها. ولكن هذا لن يوقف ما حصلت عليه هيلين من إعجاب وتقدير لشجاعتها الأدبية الفائقة في إعلان رأيها الصريح وهي تعلم بالقطع عواقب الإعلان عن مثل هذا الموقف وتحدي اللوبي اليهودي القوي والمنظم والمسيطر داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية. وموقف هيلين يثبت أن الاعلام الأمريكي يعرف الحقيقة ويعلم تماما ان اسرائيل هي دولة محتلة ولكنه الخوف علي المصالح الحياتية والمعيشية والوظيفية هو الذي يمنعهم من التعبير عن مواقفهم صراحة ويدعوهم الي ان يلقوا دائما باللائمة علي العرب الذين لا تأثير لهم ولا صوت ولا نفوذ داخل المجتمع الأمريكي. وهي قضية أهملناها طيلة كل العقود الماضية، فنحن لا نؤمن ولا نعرف ولا نتحرك لكي يكون لنا تواجد مؤثر داخل المجتمع الأمريكي ونبخل علي المنظمات العربية الامريكية الموجودة هناك بالدعم المادي والمساندة المعنوية مع ان ما ينفق علي شراء بضع دبابات ومدافع يتم تخزينها في رمال الصحراء كفيل لو تم توجيهه الي هذه المنظمات بتحويلها الي جماعات ضغط قوية تساند وتدعم المواقف العربية داخل الولاياتالمتحدةالامريكية وتقدم للرأي العام الامريكي صورة مختلفة عن الشخصية العربية المشوهة التي تصل اليهم عبر الاعلام اليهودي. إن هيلين توماس وحدها بكلماتها الصريحة التي هاجمت فيها موقف بلادها الرسمي حين قالت: أي علاقة متينة لنا مع دولة تتعمد قتل الناس وتحاصر أي نجدة لهم.. وتحاصرهم؟!. إن الأسف الذي أبدته أمريكا لن يعيد الحياة لمن قتلوا.. إنها بهذه الكلمات كسرت حاجزا كبيرا للخوف والصمت كان سائدا في الإعلام الأمريكي، وعلينا الآن ألا نتجاهل هذا الموقف أو أن ننظر اليه بدون اهتمام، فهذه السيدة العظيمة قالت كلمة الحق ولا أقل من أن نحتفي بها ونوجه اليها كلمة الشكر.