أثارت قضية اغتيال القيادي البارز في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس محمود المبحوح موجة عاتية من الاتهامات والتراشق الإعلامي والتلاسن بين محاور عدة تركزت في الآونة الأخيرة بين السلطة وحماس من جهة، وبين دبي وحركة حماس من جهة أخري وبين إسرائيل والاتحاد الأوروبي من جهة ثالثة وشهدت العلاقات بين دبي وحركة حماس تلاسنا إعلاميا علي خلفية اغتيال المبحوح في قضية يشتبه أن الموساد الإسرائيلي هو منفذها، غير أن التوتر بدأ بين الطرفين بعد أن اتهم رئيس شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان وجود عميل من حماس سرب للموساد معلومات عن تحركات المبحوح الذي اغتيل في دبي الشهر الماضي. وعلي نفس الوتيرة نفسها طغت تفاعلات قضية الاغتيال علي اهتمامات وسائل الإعلام الإسرائيلي وتركزت حول الورطة الدبلوماسية مع بريطانيا تحديدا علي خلفية استخدام جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية "موساد جوازات سفر بريطانية مزورة، وتابعت إسرائيل باهتمام بالغ نتائج لقاء سفيرها في بريطانيا رمن بروسؤور مع وكيل وزارة الخارجية البريطانية بيتر ريكتس في شأن استخدام تفاصيل خاصة بجوازات سفر سبعة بريطانيين، فقد اتخذت الأزمة الناجمة عن استخدام جوازات السفر البريطانية في عملية اغتيال المبحوح أبعادا جديدة في لندن، خاصة بعد إعلان إسرائيل أن السلطات البريطانية كانت تعلم بالأمر قبل حدوثه، وكذلك ما تردد في دبي حول إبلاغ بريطانيا بأمر جوازات السفر المزورة بعد العملية بأسبوعين تقريبا ولم تفعل لندن شيئا إزاءه. ويتهم رئيس شرطة دبي جهاز المخابرات الإسرائيلي موساد بالوقوف وراء العملية التي شارك في تنفيذها حوالي 18 شخصا بعد وصول مسئول حماس بخمس ساعات دبي مستخدمين جوازات سفر أوروبية منها 6 لبريطانيين يعيشون في إسرائيل، وعلي الرغم من عدم الاعتراف رسميا بمسئوليتها عن العملية، تسرب إسرائيل شائعات تفيد بأن جهاز المخابرات البريطاني الخارجية "ام أي تي" بلغ بأن عملاء للموساد سيستخدمون جوازات سفر بريطانية لتنفيذ عملية في الخارج، غير أن هذه المعلومات التي نقلت ل "ام أي تي" لم تحدد هوية الهدف ولا المكان الذي ستنفذ فيه العملية كما قالت صحيفة "الديلي ميل" البريطانية وثمة قناعة لدي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بأن المعلومات التي مررت للندن لن يكون لها رد فعل لدي الحكومة البريطانية، ولن يكون أكثر من صفعة علي اليد كي تبدو أنها تفعل شيئا، ولن يتطور الوضع المستحدث إلي أزمة دبلوماسية كما يتوقع البعض. لكن ورغم ذلك تري صحيفة الجارديان البريطانية أن العلاقة بين تل أبيب ولندن بدأت تدخل مرحلة الأزمة بسبب موضوع جوازات السفر، خاصة أن العلاقة بين البلدين كانت متوترة جراء الخلافات بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، وتزايد التوتر بشكل ملحوظ منذ وصول حكومة بنيامين نتنياهو اليمنية المتطرفة إلي الحكم بعد الحرب العدوانية علي قطاع غزة. ويظهر واضحا أن استخدام إسرائيل لجوازات السفر البريطانية والإيرلندية والألمانية والفرنسية هي صفعة في الوجه لأهم دول الاتحاد الأوروبي، وهي أشد من الصفعة التي وجهت لكندا باستخدام جوازات سفرها في محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في الأردن عام 1997. لذا وفي خطوة هي الأولي من نوعها منذ اغتيال القيادي في حركة حماس في أحد فنادق دبي دخلت العاصمة أبوظبي علي خط تداعيات القضية داعية الحكومات الأوروبية المعنية بالقضية إلي مواصلة التعاون في عملية التحقيقات للتوصل إلي جميع المعلومات المطلوبة، خاصة أن هذه العملية قد أثارت توترا دبلوماسيا بين إسرائيل وأربع دول أوروبية تم استخدام جوازات سفر تابعة لمواطنيها في العملية، وطلبت لندن دبلن وباريس وبرلين علي أثرها توضيحات من سفراء إسرائيل في هذه العواصم حول استخدام جوازات سفر تلك الدول. وهنا يجدر التنويه انه منذ إلغاء نقاط التفتيش الحدودية قبل نحو 15 عاما بين ما عرف ببلاد "الشجن" في إطار الاتحاد الأوروبي، تعرض أكثر من 340 ألف جواز سفر وبطاقة هوية إلي السرقة من مبان حكومية ومقرات دبلوماسية أوروبية، وطبقا لأجهزة الاستخبارات فإن هذه الوثائق تشكل قيمة كبيرة لمهربي البشر والإرهابيين والمجرمين وإذا كان الموساد المتهم الأول في عملية الاغتيال قد قلل من أهمية قدرات شرطة دبي التكنولوجية باستخدام جوازات سفر صحيحة وليست مزورة فإن ذلك فتح المجال واسعا أمام مشكلة دولية كبيرة أوضحت مما لا يدعو للشك بأن هناك اختراقا إسرائيليا لأجهزة إصدار الجوازات في دول كبري مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا!!.