منصب رئيس الجمهورية منصب رفيع ، له في مصر صلاحيات واسعة ، لذلك أحاطه الدستور المصري بضمانات قوية تحول دون اختطافه من جانب قوي غير وطنية أو شخصيات انتهازية قد تتسلل الي الساحة السياسية في ظروف التحولات الكبيرة في النظام السياسي المصري . يحلو لبعض الناس أن يشككوا في حدوث تحولات سياسية ايجابية في مصر ويصرون علي أن التحول يتجه الي الأسوأ باستمرار ، الترويج الدءوب لهذا الكلام لا ينفي أن تطورا حدث في النظام السياسي في اتجاه تعزيزالديمقراطية قد لا يرضي طموح البعض وقد لا يروق للبعض وقد لا يتفق مع أولويات البعض الآخر ، ولكنه في النهاية يؤكد أن تطويرا حدث فعلا وأصبح أمرا واقعا في حياتنا السياسية من بين أعراضه الواضحة ذلك اللغط الدائر الآن حول شروط الترشح لمنصب الرئيس في الانتخابات المقرر اجراؤها في عام2011 . الشروط التي حددها الدستور والقانون لشخص المرشح لمنصب الرئيس لاتعني مطلقا أن من تنطبق عليه شروط الترشح يصلح أن يكون رئيسا ولكن الدستور افترض أنها تمثل الحد الأدني الشكلي اللازم للتقدم للترشيح . رغم ذلك ورغم أن تجربة انتخابات 2005 أوضحت لنا أن الذين تقدموا لمنافسة الرئيس علي المنصب لم يكن أي منهم يصلح من قريب أو بعيد لقيادة مصر، فان البعض يعتبر الشروط أوالضوابط مانعة وأنها تستهدف تفصيل الترشيح علي مرشح الحزب الحاكم دون غيره ، ويطالبون باطلاق حرية الترشح لانتخابات الرئيس لكل من هب ودب دون ضابط أو رابط . لست ممن يوافقون علي ذلك الاتجاه العبثي الذي يتجاهل ظروف النمو الطبيعي للتوجه نحو الثقافة الديمقراطية المحملة علي نظام الانتخاب الحر المباشر حيث يسبب تجاهل العوامل الثقافية نوعا من الفوضي علي الأرجح وقد ينتج عنه اختراق البنية السياسية للمجتمع ، التي تفتقر الي الرأي العام المستنير، من جانب قوي تملك وسائل تأثير رخيصة علي العامة . ان الشعب يختار الأصلح من وجهة نظر شعبية اذا قدمنا له اختيارات كلها صالحة لشغل المنصب ، ومعني ذلك أن تتدخل الشروط في مضمون ومحتوي المرشح السياسي والاجتماعي والنفسي ومدي التزامه المطلق بالشرعية والولاء للوطن دون غيره ، وغير ذلك من العناصر المتنوعة . أعتقد أن الشروط القانونية ، التي تقتصر مهمتها علي تحديد سلة الاختيارات ، هي وحدها لا تكفي لاضفاء ضمانات موضوعية تفيد بصلاحية المرشح للمنصب . لابد من آليات كاشفة تسلط الضوء علي شخصية المرشح للقيادة ومدي تمتعه برؤية استراتيجية والمام قوي بالمسائل العامة علي المستوي المحلي والاقليمي والدولي ، وغير ذلك من الموضوعات المهمة بالنسبة لقيادة وطن والمسئولية عن مصير شعب . من يساعد الشعب - اذن - علي التأكد من توافر مواصفات الرئيس في المرشح للرئاسة؟