في تقرير صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية عن منطقة الشرق الأوسط، وفيما يتعلق بإصدار السندات، قالت إن عام 2009 كان حافلا بالنسبة لمصدري السندات في منطقة الشرق الأوسط، ووفقا لشركة ديالوجيك للأبحاث والبيانات، جمع مصدرو السندات من حكومات وشركات ومؤسسات المالية مبلغا قيمته نحو 44 مليار دولار منذ بداية العام، ومع الوقت الحالي بنهايته، مقارنة بمبلغ قدره 14 مليار دولار عام ،2008 و27 مليارا في عام ،2007 والذي يعتبر أفضل الأعوام السابقة في هذا الصدد. وأشارت الصحيفة إلي أنه تصدرت دولتا قطر والسعودية عمليات الإصدار في المنطقة، وقالت إن ما حققته قطر الشهر الماضي من تنفيذها لعملية إصدار ضخمة للسندات، تعتبر أكبر عملية عرفتها الأسواق الناشئة، حيث كانت النية تتجه في البداية إلي جمع نحو خمسة مليارات دولار، إلا أنه تم زيادة المبلغ ومع هذه الزيادة تمت تغطية الاكتتاب في أربع مرات. وتصدرت قطر المرتبة الأولي في إصدار السندات في الأسواق الناشئة، بعد أن قامت ببيع سندات قيمتها نحو 7 مليارات دولار خلال الشهر المنقضي، وهو ما يفوق قيمة السندات التي باعتها الصين في نوفمبر من العام قبل الماضي، والتي كانت تعد أكبر عملية إصدار للسندات شهدتها الأسواق الناشئة علي مر التاريخ. وأضافت الصحيفة أنه كان بمقدور قطر أن تقترض مبلغا أكبر من ذلك، حيث بلغت طلبات الاكتتاب في هذا الإصدار نحو 27 مليار دولار، فضلا عن وجود إقبال كبير علي الإصدارات القطرية بسبب مركزها الائتماني لدي المستثمرين، وتمت تلك العملية بسرعة كبيرة ولم تواجه أي عقبات. وقال خبير في بنك "كريدي سويس" في الصحيفة إنه إذا كانت توجد دولة ليست في حاجة إلي الاقتراض فهذه الدولة تتمثل في قطر، لأنه لم يكن للأزمة المالية العالمية الأخيرة تأثير يذكر علي اقتصادها، ولكن الفترة التي سبقت حدوث الأزمة المالية والانهيار الذي تلاها كشفا عن أهمية وجود سوق إقليمية للسندات، وتقدر عوائد الغاز التي تدخل للدولة بمليارات الدولارات سنويا، وهو ما يزيد علي ما يمكن أن تنفقه الدولة محليا. وأضاف أن الأزمة الأخيرة أوضحت اعتماد المنطقة علي القروض التي تقدمها البنوك، ومع تنامي أزمة الائتمان، وجدت الشركات التي تديرها الدولة صعوبة بالغة في جمع الأموال التي تحتاجها للاستثمار في مشاريع متنوعة اقتصاديا. وأشار مارث فتيس مدير البحوث في بنك ستاندر تشارتر إلي أنه في ظل وجود موارد مالية ضخمة تمتلكها قطر، إلا انها تحاول تنويع قاعدتها التمويلية، فالأمر يتعلق بتطوير أسواق المال. وشملت السندات التي باعتها قطر ثلاثة آجال متمثلة في 5 سنوات، 10 سنوات، و30 سنة علي التوالي، وهي تعد من أطول الآجال للأموال التي تم جمعها في منطقة الشرق الأوسط، كما يقول الخبراء. واتجهت قطر وأبوظبي إلي أسواق الدين في الفترة الماضية لجمع مبلغ قيمته 3 مليارات دولار، وهو ما فتح الطريق أمام الشركات الحكومية هناك لبيع السندات، فقام بنك قطر في الآونة الأخيرة بإصدار سندات بلغت قيمتها نحو 6.1 مليار دولار، وهي أكبر عملية بيع من جانب شركة غير حكومية منذ بداية العام حتي الآن.. وسارت العملية دون أي معوقات. ومن ثم يجب أن تتمثل الخطوة التالية بالنسبة للحكومات، مثل قطر وأبوظبي في بيع السندات بالعملة المحلية لتوسعة أدواتها النقدية وتمكين البنوك المحلية من الوصول إلي الدين المحلي ذي التصنيف العالي، الذي يتمثل في خطورة أقل علي الميزانيات العمومية. وقال إن منطقة الشرق الأوسط عانت كثيرا من فائض السيولة والتضخم خلال الفترة من عام 2006 حتي عام ،2008 لأنها لم تمتلك الأدوات الفعالة التي تمكنها من امتصاص السيولة المحلية، كما أنه توجد فرصة جيدة في أن نشهد تدفقات داخلة مشابهة في العام المقبل، ولذلك ينبغي أن يكون هناك مزيد من التطوير لأسواق المال بالعملات المحلية. وأضافت الصحيفة أن هذا العام شهد أيضا عملية طرح ضخمة للاكتتاب بالعملة المحلية من جانب شركة الكهرباء السعودية، بلغت قيمتها نحو 9.1 مليار دولار، وكذلك شهد 2009 تدشين سوق إلكترونية لتداول الصكوك أي السندات الإسلامية في المملكة العربية السعودية. وتأمل الجهات الإقليمية المصدرة ألا تكون الأحداث التي شهدتها الأسابيع الثلاثة الماضية قد شوهت سمعة منطقة الخليج، كما تأمل في إعادة تأسيس خط إمداد مالي بسرعة، وشعرت الجهات الدائنة لدبي، ومن بينها حملة السندات، بقلق شديد هذا الشهر من طلب مفاجئ صدر عن شركة دبي العالمية بتأجيل سداد ديون مترتبة عليها. وتشير معظم التقديرات إلي أن الشركات في إمارة أبوظبي من قبيل شركة مبادلة وشركة السياحة والتطوير وشركات أخري في قطر، تأمل في العودة إلي السوق من أجل تمويل مشاريع إنمائية طموحة تعتزم تنفيذها. ويقول محللون كما أشارت الصحيفة إن طلب شركة دبي العالمية تأجيل سداد ديونها تمخض عن تعزيز عملية التمييز بين الدين المترتب علي الشركات ذات العلاقة بالحكومة والدين السيادي، ومن غير المفاجئ أن أمور الدين السيادي سارت علي نحو أفضل بكثير من دين الشركات في الأسواق، في أعقاب المحادثات التي أجرتها دبي لإعادة هيكلة ديونها..