في خطابه المطول أمام المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية في رام الله أكد الرئيس محمود عباس مجددا أنه لن يرشح نفسه في الانتخابات العامة المقبلة، كما جدد التأكيد انه لن يتفاوض مع اسرائيل مالم توقف الاستيطان وتعترف بحدود الرابع من يونية عام 1967. تأكيد عباس في خطابه اكثر من مرة بعدم ترشيح نفسه يحمل في ذات الوقت مؤشرات بأن لديه خطوات سيعلن عنها لاحقا وهذا مانوه له دون مواربة، ولكن ما هي أهمية هذه الخطوات؟ ربما لا احد يعرف حتي الآن؟ أو أن تلك الخطوات مازالت غير واضحة المعالم، خاصة أن انعقاد الجلسة الطارئة في رام الله للمجلس المركزي صوت خلالها علي تمديد ولاية الرئيس محمود عباس إلي حين إجراء انتخابات عامة في الضفة الغربية وقطاع غزة، في وقت يشاع ان هناك اتجاهاً لتحديد الاول من يونية المقبل موعدا لإجراء الانتخابات وفق ما جاء في المبادرة المصرية. وربما تحديد هذا الموعد لإجراء الانتخابات سيشكل ضغطا سياسيا علي حركة حماس التي مازالت تتحفظ علي الورقة المصرية. وهنا لا نستطيع اغفال استطلاعي اجري بين 10 و12 ديسمبر الجاري وشمل عينة من 1200 شخص كشف عن ان 54% سيصوتون لعباس في حال إجراء الانتخابات في مقابل 38% قالوا انهم سيصوتون لرئيس حكومة حماس اسماعيل هنية، فيما بلغت شعبية عباس 55% في الضفة الغربية52،% في قطاع غزة، وبلغت في المقابل شعبية هنية 36% في الضفة، 43% في القطاع. ومن هنا تأتي أهمية انعقاد المجلس المركزي لمنظمة التحرير في جلسته الطارئة التي ناقش فيها ثلاث قضايا رئيسية: هي التمديد للرئيس وتحديد موعد إجراء الانتخابات والرقابة علي الحكومة. ويبدو أن النية لدي المجلس المركزي تتجه لتحديد الاول من يونيو المقبل موعدا لإجراء الانتخابات يأتي في إطار الضغط السياسي علي حماس التي مازالت تتحفظ علي الورقة المصرية وترفض إجراء الانتخابات قبل تحقيق المصالحة. وكان طبيعيا ان تنتقد حركة حماس هذا الاجتماع، وخطاب الرئيس عباس واصفة اياه بالكذب معتبرة قرارات من هذا القبيل تصدر عن المجلس المركزي هي قرارات غير شرعية، وغير ملزمة للشعب الفلسطيني. حماس تري في خطاب عباس فلسفة للهزيمة وتزيفاً للحقائق، وتمهيداً للتبرير للعودة إلي المفاوضات مع اسرائيل مما يؤكد حالة الافلاس السياسي التي يعاني منها الرئيس عباس ومن معه، فهم مغتصبون للسلطة. هذه التصريحات، وما يقابلها من تصريحات مضادة تشي بحجم الفجوة بين حماس والسلطة وقمة فتح مما ينذر بإغلاق باب المصالحة بين حركتي فتح وحماس إلي إشعار آخر، بعد أن وصلت مصر إلي قناعة بأن حماس لا تريد التوقيع علي هذه المصالحة كما جاء في الورقة المصرية، خاصة بعد أن طلبت الأخيرة إجراء تعديلات علي الورقة والتي وقعت عليها فتح وحذرت أيضا من أن أي تعديل يتم إجراؤه علي الورقة سيعتبر التوقيع لاغياً. وإذا كانت حماس تخشي أن تنتهي سيطرتها علي غزة دون أن تصبح شريكاً كاملاً في السلطة والمنظمة وهذا أمر لا يقرره الرئيس عباس وحده، فإن حواراً شاملاً بين فتح وحماس وفصائل أخري بات ملحاً من أجل الوصول إلي تفسير مشترك للورقة المصرية وكيفية تطبيقها، وبالذات بعد التأكيد المصري بأن غضب القيادة في القاهرة لن يتحول إلي قطيعة مع حركة حماس كما أن مصر لن تدفع باتجاه صدور قرار عربي بتحميل حماس المسئولية عن عدم تحقيق المصالحة الوطنية، حتي لا تنقطع شعرة معاوية معها، رغم أن هناك قناعة لا تحتمل الشك بأن المصالحة لن تتحقق علي المدي المنظور إلا إذا طرأت تطورات مفاجئة.