تأتي الاحتفالات الدولية بعيد الطفولة هذا العام خلال الشهر الحالي وسط عشرات المشاكل بل والمآسي التي يعيشها ملايين الاطفال حول العالم خاصة في الدول النامية وفي مقدمتها دول القارة الافريقية حيث تنتشر بها عمالة الاطفال بصورة كبيرة لتصل إلي درجة يمكن القول بأنها باتت تمثل مصدر قلق وتحد كبير بالنسبة للأنظمة والحكومات في هذه الدول وفي حين لم تتوافر إحصائيات دقيقة عن حجم عمالة الأطفال علي مستوي العالم تشير تقارير بعض المنظمات الدولية المستقلة إلي أن عدد الأطفال المنخرطين بأسواق العمل علي مستوي العالم يقدر بنحو 300 مليون طفل وربما أكثر من بينهم 93% في قارتي آسيا وإفريقيا. وذكرت وكالة أنباء (شينخوا) في تقرير لها حول الاحتفالات ان قارة آسيا تحتل المرتبة الأولي في حجم عمالة الأطفال وبنسبة 61% تلتها قارة إفريقيا 32% ثم أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي 7%.. ويري بعض الباحثين من منظمات وجهات معنية بشئون الطفل أن الرقم الحقيقي أكبر من هذه الإحصائيات حيث تقل نسبة التسجيل في الإحصاءات الرسمية لدول لعالم الثالث عمومًا عن الواقع الفعلي.. كما أن إحصائيات اليونيسيف لا تشمل الأطفال العاملين الموجودين في دول العالم المتقدم، في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا واليابان. وتؤكد تقارير منظمة العمل الدولية أن 158 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و14 سنة ينخرطون في عمل الطفل، بمعدل طفل واحد بين كل ستة أطفال في العالم. وينخرط ملايين من الأطفال في حالات أو ظروف خطرة، من قبيل العمل في المناجم، أو العمل بالمواد الكيميائية وبمبيدات الآفات في الزراعة، أو العمل بآلات خطرة. وهم في كل مكان ولكنهم غير مرئيين، يكدحون كخدم في المنازل، أو يعملون وراء جدران ورش، أو يعملون بعيداً عن الأنظار في مزارع. وتؤكد التقارير الدولية ان إفريقيا جنوب الصحراء الكبري ينخرط واحد تقريباً بين كل ثلاثة أطفال في العمل، بحيث يمثلون 69 مليون طفل وفي جنوب آسيا يمثلون 44 مليونا. والأطفال الذين يعيشون في أشد الأسر المعيشية فقراً وفي المناطق الريفية من الأرجح أن ينخرطوا في عمل الطفل. وتمثل البنات الأغلبية الساحقة من الأطفال المثقلين بالأعمال المنزلية. وملايين البنات اللائي يعملن خادمات في المنازل هن عرضة علي وجه الخصوص للاستغلال وللإيذاء. ويتعارض العمل مع تعليم الأطفال. وكفالة انتظام جميع الأطفال في المدارس وجودة التعليم الذي يحصلون عليه هما السبيل أمام عمل الطفل. ولمواجهة تلك الظاهرة العالمية تبذل جهات ومنظمات دولية ودول عديدة جهودا مكثفة لمواجهة مشكلة عمالة الأطفال ابرزها جهود منظمة اليونيسيف وجهود دول كبري مثل الولاياتالمتحدة والصين للقضاء علي عمالة الأطفال سواء لديها في الداخل أوأيضا تقديم الارشاد والتمويل للدول الاخري لمواجهة المشكلة لديها، كما تهدف الحملة، التي تنظمها كل من منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) ووكالة انباء (شينخوا)، هذا الشهر الي جذب انتباه العالم الي انه مازالت ثمة حاجة الي بذل المزيد والمزيد من الجهود لضمان وجود سبب لرسم الابتسامة علي وجه كل طفل في هذا العالم. وتري منظمة اليونيسيف ان التعليم والتحاق الأطفال بالمدارس وانتظامهم بها هو الحل الأساسي لخفض نسبة الأطفال الذين يعملون وهم مازالوا في سن الالتحاق بالمدرسة خاصة الذين يعملون في مجالات تشكل خطورة علي الأطفال كالورش والمناجم والمحاجر. وحسب إحصاءات منظمة العمل الدولية فإن مليون طفل في شتي أنحاء العالم يعملون في المناجم والمحاجر الصغيرة، وهو رقم آخذ في الزيادة في بعض أجزاء العالم. وبالإضافة إلي مواجهة مخاطر السلامة والحصة المتمثلة في رفع الأحمال الثقيلة، يستنشق الأطفال العاملون في محاجر الصخور الغبار والذرات الخطيرة ويستخدمون أدوات خطيرة ومعدات سحق. وتعد الصين نموذجا لدول العالم الثالث لأنها وضعت برنامجا شاملا لمواجة مشكلة عمالة الأطفال شرعت في تنفيذ الخطة الخمسية الجديدة للتنمية الوطنية، التي تدعو إلي تركيز اكبر علي حقوق الطفل بالإضافة إلي الاستثمارات الجديدة في قطاعي الصحة والتعليم .وساعدت الإصلاحات في نظام الإقامة المعيشية للملايين من الأطفال المهاجرين، أي الذين يهاجرون من الريف للمدن بحثا عن العمل في الحصول علي الخدمات الاجتماعية الأساسية. وضعت الصين بمساعدة اليونيسف سياسة وطنية لرعاية الطفولة المبكرة وتنميتها ادت الي ارتفاع معدلات التسجيل في مرحلة ما قبل المدرسة إلي أكثر من 50% في المحافظات التي ضمنتها هذه السياسة. وبفضل الجهود الدولية المنسقة التي تبذل لمواجهة مشكلة عمالة الأطفال تراجعت الظاهرة خلال العقد الأخير بنسبة 11% ولكنها لا تزال منتشرة علي نطاق ملحوظ لاسيما في المناطق الريفية في بعض الدول مثل الصين ومصر واندونيسيا وجنوب افريقيا والبرازيل وهو ما يستوجب اجراء مسوح ميدانية لحصر سمات تلك الظاهرة وسبل معالجتها في الريف للقضاء عليها تماما.