بالرغم من انتهاء موسم حصاد محصول الأرز فإن مشكلة حرق قش الأرز مازالت مستمرة ويشعر بها سكان محافظتي الدقهلية والشرقية المعروفتين بزراعات الأرز حيث مازالت السحابة السوداء تسيطر علي الجو ورائحة الدخان تهاجم المنازل يوميا لتمتليء عيادات أمراض الصدر والعيون بالمرضي حيث تعتبر تلك الفترة موسما للأطباء، كان دائما ينتابني شعور مع دخول فصل الخريف بأن الحكومة تولت حل هذه المشكلة وتتجدد الأماني لدينا في بداية كل موسم بأنها استطاعت معرفة أين يكمن الداء وتولت إيجاد الحلول له ولكن هيهات فالمشكلة قائمة بل متفاقمة وتشتد خطورتها وحلها يحتاج إلي مزيد من السنوات يؤكد ذلك هو قرار محافظ الدقهلية اللواء سمير سلام بإحالة مشكلة حرق قش الأرز إلي لجنة تتولي حلها العام القادم وكأن المشكلة وليدة هذا العام! تحاورت مع "مجدي البنا" مدير مجلس مدينة (ميت غمر) وسألته أين تكمن العقدة؟ ولماذا الفشل في حلها عبر السنوات ولماذا لا نجد حلا فعالا لتلك المشكلة فأجابني أنه بالفعل هناك العديد من مصانع تدوير المخلفات الزراعية وضرب المثل بموقع ميت القرشي لتدوير المخلفات الزراعية والذي تبلغ نسبة أرباحه 200% إلا أنه لا يقوم بعمله كما يجب حيث مازال قش الأرز من العام الماضي موجودا بالموقع، بالرغم من أنه يأخذ القش مجانا من الفلاحين وتدعمه وزارة البيئة بمبلغ 80 جنيها عن كل طن والناتج يبيعه الموقع مرة أخري لحسابه الخاص. حكومة ورق حاولت الحديث مع مسئولين في إدارة البيئة بمحافظة الدقهلية إلا أنني لم أجد من يجيبني، فالموظفون مشغولون بمشاهدة الأفلام علي أجهزة الكمبيوتر عندما زرت مكتبهم وعندما تمسكت في طلبي بمحاورة المسئول أجابني "عاطف الكناني" وكيل إدارة شئون البيئة بمحافظة الدقهلية مشيرا بيده إلي منشور حكومي مفاده أن موسم الحصاد انتهي "إذن لا توجد مشكلة وأنه لو أبلغه شخص بحريق لقش الأرز في مكان ما سوف يكذبه لأن الحكومة تعمل بالورق والورق يفيد بأن المشكلة انتهت" ربما كانت تلك طريقة لصرفي وغلق الأمر. توجهت بأسئلتي إلي مقر الحزب الوطني بمدينة المنصورة وأجاب "عوني القهوجي" عضو مجلس الشوري عن دائرة مركز المنصورة والذي جاءت آراؤه متضامنة بشكل كبير مع الفلاحين المظلومين في تلك القضية مؤكدا أن الفلاح لا يستطيع تحمل أعباء ومصاريف كبس قش الأرز والتي تحسب بالساعة خصوصا مع انخفاض ضريبة محصول هذا العام وطالب بتوفير خدمة كبس ونقل القش مجانا للفلاح، "وسمعت أثناء وجودي بالحزب عن وجود 198 مكبسا للقش تم توزيعها علي مراكز شباب القري هذا العام إلا أنه وجد بها تلفيات فتمت إعادتها مرة أخري لوزارة البيئة. (مكابس يدوية) من جانبه أوضح "عبدالعظيم محمود المرسي" مدير إدارة تنفيذ المشروعات بمديرية الشباب والرياضة بأنه بالفعل تم توريد 198 مكبساً لقش الأرز للمديرية بهدف توزيعها علي مراكز شباب القري للقضاء علي ظاهرة حرق القش والمساهمة في تشغيل شباب الخريجين، إلا أن المكابس جاءت بدائية ويدوية وليست كهربائية بالإضافة لعدم وجود جرارات لتلك المكابس حتي تسهل من نقلها وحركتها في أراضي الفلاحين وهو ما أدي إلي إعادة تلك المكابس مرة أخري إلي وزارة البيئة حتي يتم تطويرها وصاحب ذلك قرار محافظ الدقهلية بأنه فور الانتهاء من تطويرها يتم توزيعها مرة أخري علي الجمعيات الزراعية. إذن هل المشكلة مازالت موجودة بسبب تلف تلك المكابس التي كانت ستسهم في حل نسبة كبيرة من تلك المشكلة؟.. تلك تساؤلات مازالت بدون إجابة. اتهامات متبادلة بينما يؤكد د.أبو بكر الشهاوي وكيل وزارة البيئة ورئيس الإدارة المركزية بجهاز شئون البيئة بإقليم شرق الدلتا أنه لا يوجد تهاون من ناحية الوزارة لتوفير خدمة الكبس والنقل مجانا للفلاحين وإعادة معالجة القش وتحويله لسماد طبيعي وهو ما يعتبر مفيداً في زراعة المحاصيل التي تصدر للخارج، بالإضافة لردع المخالفين من الفلاحين وتوقيع غرامات تتراوح بين خمسة آلاف ومائة ألف جنيه وتنفيذ بروتوكول مع محافظة الدقهلية بتوفير 15 مكبسا وجرارا مجانا لخدمة الفلاحين. تدوير قش الأرز ذهبت لموقع تدوير قش الأرز ببلدة "ميت القرشي" حيث ترامي إلي سمعي وجود مخالفات بذلك الموقع كأن يتم تسجيل دخول أطنان من قش الأرز علي الورق فقط حتي يتم أخذ الدعم الخاص بها من وزارة البيئة، وأثناء خط سيري وجدت آثار العديد من الحرائق في القري المجاورة، وبمجرد وصولي للموقع وجدت مندوب وزارة البيئة "محمود يس" الذي أكد علي أن الموقع لا يتأخر عن تقديم خدماته من كبس ونقل قش الأرز مجانا من أراضي الفلاحين وأن سبب حدوث تلك الحرائق هو "عند ومكر" من بعض الفلاحين -علي حد تعبيره- وخوفا من دخول المعدات الثقيلة إلي أراضيهم، ومن جانبه قال "محمد علي" محاسب بالشركة المصرية للمخلفات الزراعية إن سبب تلك الحرائق حث موظفي الجمعيات الزراعية للفلاحين علي إقامة الحرائق في فترة الصباح بعد شعور الموظفين بالإحباط لعدم تسلمهم الحافز المادي الذي أقرته الشركة وهو جنيه عن كل طن قش يدخل للموقع وشعور الموظف بالظلم حيث تم توزيع ذلك الحافز علي المناصب الكبيرة في الوزارة ولم يصل للموظف الصغير وفي لقاء "الأسبوعي" مع الفلاحين أكد المزارع "علاء بسيوني" بقرية (دنديط) بمحافظة الدقهلية بأنه يخشي من الغرامات ولم يقم بحرق قش الأرز إلا أنه للآن لم يجد أي مسئول من الجمعية الزراعية أو شركات تدوير المخلفات الزراعية يتولي تحميل القش من أرضه وبالفعل وجدت أكواماً من القش في جزء من أرضه التي بدأ يظهر بها محصول البرسيم واشتكي المزارع من أن تلك الأكوام من القش هي بيئة جيدة للفئران والثعابين والحشرات المضرة بالمحصول، بينما أكد المزارع "حافظ الطناح" بقرية 0ميت يعيش" في محافظة الدقهلية أن قريته لم يأت لها أي مسئول من شركات كبس ونقل القش مما يضطر فلاحي تلك القرية لحرق القش للتخلص منه وتمهيد الأرض للزراعة الجديدة، وأوضح المزارع "أحمد بكري" من نفس القرية أنه لا يوجد تنظيم في عملية كبس ونقل القش وكان من المفترض أن تكون "الوحدات" جاهزة من يوم 20 أكتوبر، وكشف عن وجود إكراميات تدفع للموظفين المسئولين عن كبس القش ونقله وأنه لابد من دفع "دخانهم" علي حد تعبيره حتي يتحركوا للأرض المراد نقل القش منها.