لم تفلح جهود غرفة التجارة العربية الفرنسية في اقناع مجلس الوحدة الاقتصادي التابع لجامعة الدول العربية بالموافقة علي اصدار واعتماد الغرفة لشهادات المنشأ للسلع القادمة من فرنسا بدلا من انهاء اجراءات الشهادات من القنصليات المختلفة. وكانت فرنسا قد منحت الغرفة هذا الحق علي الرغم من انه سيسحب البساط من تحت قدم غرفة باريس التجارية. اراء رجال الاعمال تباينت حول الموضوع ففي الوقت الذي لاقي فيه القرار رفضا من جانب المجلس الاقتصادي والاجتماعي ذهبت طائفة من رجال الاعمال الي ان اصدار الغرف الاجنبية المشتركة لشهادات المنشأ مطلب ملح للمستوردين والمنتجين بدلا من الاجراءات الطويلة التي يستغرقها اصدار الشهادة عن طريق القنصليات ورأت طائفة اخري ان الاتجاه الجديد سيفتح الباب امام المتلاعبين لتزوير شهادات المنشأ. اتفاقية جنيف يقول الدكتور صالح بن بكر الطيار الامين العام لغرفة التجاة العربية الفرنسية ان اصدار شهادت المنشأ من قبل الغرف التجارية ينسجم نصا وروحا مع قواعد منظمة التجارة العالمية والاتفاقيات الاقتصادية بجميع اشكالها، خاصة تلك الاتفاقيات المتضمنة امتيازات تفضيلية للبضائع ثنائية كانت ام جماعية مشيرا الي انه من تلك القوانين والانظمة الدولية والوطنية علي سبيل المثال لا الحصر اتفاقية جنيف الدولية في 3 نوفمبر 1923 في المادة 11 الفقرة 2 والمتضمنة تبسيط الاجراءات الجمركية المعلنة في الجريدة الرسمية الفرنسية في 11 ديسمبر 1926. ويوضح صالح بن بكر ان اتفاقية جنيف تنص علي ان تصدر شهادات المنشأ، ليس فقط عن السلطات الرسمية للدول المتعاقدة، ولكن عن كل الهيئات ذات الصلاحية والتي تقدم الضمانات اللازمة والتي سبق لها الحصول علي الاهلية من الدول المعنية، منوها انه يمكن وفقا للاتفاقية اصدار الشهادات سواء بلغة البلد المصدر، ويمكن للجمارك في البلد المستورد الاحتفاظ بنسخة عن شهادات المنشأ وطلب الترجمة من جديد في حال وجود الشك لديها في محتوي الوثيقة. ويضيف الامين العام لغرفة التجارة العربية الفرنسية ان اتفاقيات التجارة الحرة المبرمة بين المجموعة الاوروبية وبعض الدول العربية مثل مصر ودول المغرب العربي ولبنان تشترط شهادة حرية المرور وهي بمثابة شهادة منشأ لسلع اوروبية الصنع فقط، علي ان تصادق عليها ادارات الجمارك الاوروبية لتستفيد هذه السلع من مزايا الاعفاءات الجمركية التي تمنحها تلك الاتفاقيات، مشيرا الي ان بعض الغرف العربية المشتركة في المجموعات الجغرافية المختلفة من العالم اوروبا وامريكا الشمالية وامريكا اللاتينية واستراليا وافريقيا علي سبيل المثال تصدر هذه الشهادات ومنها الغرفة العربية البريطانية والبرتغالية والمالطية والبرازيلية والكندية. ويستنكر الامين العام للغرفة رفض المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لجامعة الدول العربية الاقتراح علي الرغم من عدم ممانعة الجانب الفرنسي له، بل ودعمه علي حساب منظماتها التجارية. المنافسة والوقت ويتفق عبدالله حلمي نائب رئيس غرفة الصناعات الكيماوية مع الرأي السابق في منح الغرف المشتركة حق اصدار شهادات المنشأ، مشيرا الي ان غرفة التجارة في جدة تصدر شهادات منشأ للسلع المختلفة ويتم الاعتراف بها علي مستوي العالم. ويوضح حلمي ان العالم كله يتجه الان الي تفعيل دور منظمات المجتمع المدني التي تشمل مثل هذه الكيانات لان التعامل معها ييسر الامور والاجراءات بدلا من التعامل مع البيروقراطية الحكومية بشرط ضمان سير الامور في نصابها واحترام القوانين التي تنظم هذه الاجراءات لضمان عدم التلاعب. ويضيف نائب رئيس غرفة الصناعات الكيماوية ان هذه المشكلة تواجهنا في التعامل مع اوروبا في حين ان رجال الاعمال في اوروبا ينهون جميع الاجراءات الخاصة بهم وهم في مكاتبهم اما نحن فنضيع وقتا طويلا وراء الاجراءات لإنهاء امور لا تساوي تكلفة الوقت المهدر، وهذا يؤدي دائما الي ضياع وقت رجال الاعمال مشيرا الي ان عنصر الوقت يتصدر المنافسة عالميا في جذب الاستثمارات مما يدعونا الي تبني اية اجراءات من شأنها تسهيل نفاذ منتجاتنا الي مختلف الدول. ويري حلمي الي ان التعامل مع غرف التجارة المشتركة اسهل بكثير في اصدار شهادات المنشأ عن التعامل مع القنصليات، فغرفة التجارة من الممكن ان تنهي هذا الاجراء في دقائق معدودة اما القنصليات فتطلب اجراءات طويلة تستغرق اياما فضلا عن ان غرف التجارة يديرها ويقوم علي شأنها رجال اعمال يعرفون قيمة الوقت وبالتالي سيكون التعامل معها اكثر مرونة. جهود مضنية ويري احمد الوكيل رئيس غرفة تجارة الاسكندرية ووكيل الاتحاد العام للغرف التجارية ان اصدار الغرف التجارية المشتركة لشهادات المنشأ يرجع في المقام الاول الي الدول الاجنبية التي تستضيف مقر هذه الغرف، فمثلا فرنسا منحت الغرفة العربية الفرنسية حق اصدار شهادات المنشأ، وهذا يحسب لفرنسا لكننا نفاجأ ان الدول العربية تعترض علي هذا الحق في حين انه في صالح المنتجين والتجار المصريين الذين يرغبون في الاستيراد من فرنسا. ويتساءل الوكيل: لماذا نرفض حق منحتنا اياه دولة اخري؟ علي الرغم من انه سيسحب البساط من تحت قدم غرفة تجارة باريس، ومع ذلك لم تعترض ولم تحارب هذا الاتجاه. ويوضح وكيل الاتحاد العام للغرف التجارية ان الغرفة بذلك جهودا مضنية في هذا الاتجاه لتسهيل عملية انسياب التجارة بين فرنسا والدول العربية، في حين ان الاتجاه عالميا هو تعظيم دور الغرف الاجنبية في منح هذه الشهادة لما لها من مردود ايجابي علي المستثمرين بدلا من الدخول في اجراءات طويلة جدا حال طلبها من القنصليات. ويختلف الدكتور محرم هلال رئيس جمعية مستثمري العاشر من رمضان في منح الغرف التجارية المشتركة حق اصدار شهادات المنشأ. موضحا ان اجراءات شهادات المنشأ معقدة للغاية وهذا التعقيد يهدف الي التأكد من مصدر السلعة التي يتم استيرادها من الخارج وبالتالي تصبح الاجراءات الطويلة والمعقدة ضمانة كاملة لمعرفة مصدر السلعة. وينوه هلال الي ان الاقتراح رغم اهميته فإنه سيفتح الباب امام الذين يجيدون فن التلاعب، بل وسيكون مخرجا رسميا من خلاله يستطيعون "اللعب بشهادات المنشأ" وينقلب الامر من تسهيل للاجراءات الي وسيلة للمتلاعبين.