كان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك في زيارة لبريطانيا منتصف هذا الأسبوع عندما أقامت عدة عائلات فلسطينية في لندن دعوي قضائية في المحاكم البريطانية ضده بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة في شهري ديسمبر ويناير الماضيين.. وكان من الممكن أن يصدر قرار قضائي بالقبض علي الوزير الإسرائيلي لاستجوابه في هذه الاتهامات وأن تكون هذه هي السابقة الأولي التي يتم فيها ملاحقة مسئول إسرائيلي واعتقاله في عاصمة أوروبية.. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ولن يحدث، فالعدالة الغربية لا تطبق إلا علي الضعفاء وما أضعف العرب فقط..! ولأن الوزير الإسرائيلي يعلم ذلك فقد رفض تحذيرات من داخل إسرائيل بأن يغادر بريطانيا خشية اعتقاله واستمر في الزيارة..! ومع هذا فإننا ندعو إلي مواصلة أسلوب الدعاوي القضائية ضد المسئولين الإسرائيليين في كل مكان وفي كل العواصم الأوروبية وملاحقتهم إعلاميا وقضائيا، فنحن الآن نملك ورقة دولية في صالحنا تتمثل في التقرير الأخير الذي أصدرته لجنة ريتشارد جولد ستون رئيس بعثة الأممالمتحدة لتقصي الحقائق في الحرب الإسرائيلية الأخيرة علي قطاع غزة، وهو التقرير الذي خلص إلي أن الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين ارتكبوا جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية أثناء الحرب التي دارت بينهما خلال شهري ديسمبر ويناير الماضيين. فإسرائيل التي رفضت التقرير ووصفته بالمتحيز وجدت نفسها تواجه ضغوطا "أدبية" كبيرة حتي من حليفتها الولاياتالمتحدة التي طالبتها بإجراء تحقيقات تتسم بالمصداقية في ارتكاب قواتها لجرائم حرب في غزة قائلة إن من شأن ذلك أن يساعد في عملية سلام الشرق الأوسط.. والمثير للدهشة أنه في الوقت الذي يناقش فيه تقرير جولد ستون حاليا في مجلس حقوق الإنسان للسعي إلي المصادقة عليه وتحويله لمجلس الأمن فإن الدول العربية لم تبد اهتماما كبيرا بهذا التقرير، ولم ينشره الإعلام العربي بتوسع وكأن العرب علي قناعة بأن أحدا لن يكون في مقدوره إدانة إسرائيل أو كأن العرب رفعوا رايات الاستسلام واليأس معا..! والواقع أننا نهدر بأيدينا كل الفرص التي تتاح أمامنا لتحسين صورتنا وواقعنا وفضح إرهاب الدولة المتمثل في إسرائيل ونساعدها ونساعد العالم أيضا علي النسيان.. فمثل هذه التقارير لا ينبغي تجاهلها أو التعامل معها باستخفاف، فقد كان أمامنا من قبل تقرير لجنة قانا الذي فضح جرائم إسرائيل في لبنان وهو التقرير الذي أطاح ببطرس غالي من الأممالمتحدة، ومعنا الآن تقرير جولد ستون المتعلق بجرائم غزة والذي من المؤكد أنه سيطيح بالجنوب أفريقي ريتشارد جولد ستون من أي مهام دولية أخري.. فهذا مصير كل من ينحاز للعدالة ولا يدين العرب.. ولا يرد العرب له الجميل كما هي العادة..! [email protected]