كشف استطلاع لمؤسسة ماستر كارد العالمية عن تشاؤم المستهلك المصري في النصف الثاني من سنة ،2009 وفقدان ثقته في الاقتصاد والبورصة خلال النصف الأول من العام الحالي، وأظهر الاستطلاع أن 53% من المستهلكين المصريين ينفقون ما بين 91% إلي 100% من اجمالي الدخل السنوي للأسرة علي النفقات المنزلية خاصة الطعام، وتتمثل أولويات الإنفاق في المطاعم والترفيه 73% والموضة 58%، والالكترونيات 56%. وبالرغم من ظروف الأزمة الاقتصادية العالمية وقدوم شهر رمضان والعيد في موسم دخول المدارس، نلاحظ التزاحم الشديد علي شراء السلع والمواد الغذائية، وتكاد لا تخلو محال السوبر ماركت الكبري من الرواد الذين يقبلون علي الشراء بنهم شديد علي مدار الأربعة وعشرين ساعة يوميا، فكيف يتدبر المصريون ميزانيتهم لمواجهة هذا الكم الهائل من الإنفاق وتلبية احتياجاتهم الضرورية رغم الانكماش وقلة الموارد وتراجع الدخول بالإضافة إلي انحسار فرص العمل وزيادة البطالة بل وتسريح العمالة مما يجعل الإنفاق الأسري لشراء تلك الاحتياجات يحتاج إلي ساحر. الدكتور أشرف سلامة رئيس قسم الأمراض العصبية والنفسية بمستشفيات جامعة القاهرة يؤكد وجود مرض نفسي يسمي هوس الشراء، وهو نوع من مرض الوسواس القهري تصاب به السيدات أكثر من الرجال، ولكنها حالات فردية والإصابة به محدودة جدا. أما نهم الشراء الجماعي لكميات غير طبيعية من المواد الغذائية فيرجع إلي العادات والتقاليد التي تجمع الأسر علي مائدة إفطار كبيرة، فالزيارات الاجتماعية أو "اللمة" المفتقدة بقية شهور السنة، تخفف من الضغوط النفسية والعصبية التي يعاني منها الأفراد لصعوبة الأوضاع الاقتصادية والحياتية، وشحن الموائد بأكوام من الأطعمة في اعتقادهم يضيف قدرا من البهجة والسعادة المفقتدة. أما العصبية الشديدة والتشاحن في الشارع المصري، فترجع للزحام الشديد وغياب التنظيم وفوضي المرور التي تثير الأعصاب لأتفه الأسباب، وعلي حد قوله "أعصاب المصريين ونفسيتهم زي الفل بس هي الظروف". فيزا وإسراف الدكتور سمير سعد مرقص أستاذ المحاسبة في الجامعة الأمريكية يوضح أن نقص المعلومات وافتقاد الثقافة المصرفية لدي بعض الأفراد قد يؤدي إلي مشكلات مادية ويكبدهم مصروفات إضافية، فاستخدام كارت الفيزا أصبح نوعا من الوجاهة الاجتماعية ويشجع الأفراد علي الإسراف والإنفاق الاستهلاكي، فهي توفر قرضا بدون فوائد مادام التزم بالمدة المحددة لتغطية الحساب الجاري أولا بأول، بينما يتراوح سعر الإقراض من البنوك بين 12 13%. وتتراوح مدة سداد الفيزا بين 45 55 يوما في البنوك المصرية كما يقول مرقص وتكلفة استخراجها لا تزيد علي 20 جنيها في المتوسط وقيمة الائتمان التي توفرها محدودة، وقد تصل إلي 60 يوما في البنوك الأجنبية التي يرتفع بها قيمة الائتمان من 250 400 ألف جنيه، ورسوم استخراجها تتراوح بين 100 200 جنيه، مما يغري العميل بالشراء والإنفاق بدون ترشيد، والبنوك الأجنبية لا تضع ضمانات مشددة مثل البنوك المصرية لتشجيع الأفراد علي استخدامه والاستفادة من الخدمات المصرفيبة التي يقوم بها من ورائه، مشيرا إلي أن تلك السياسة تسهم في انتعاش وتحريك الأسواق، إلا أن اضرارها تفوق منافعها وتجربة إفلاس أكبر 10 بنوك أجنبية نتيجة لعجز عملائها عن السداد تؤكد ذلك. ويمكن للأفراد كما يقول د. سمير مرقص الاستفادة من المعاملات البنكية بدون تكيد مشقة دفع رسوم تتراوح بين 5 10%، مثل تجنب التعامل مع بنوك وسيطة عند إجراء تحويل أموال أو السداد لمصلحة الغير أو إجراء عمليات سحب أو إيداع، كذلك الالتزام بصرف الشيكات من البنك الأصلي المسحوب عليه تجنبا لدفع عمولة تحصيل. ميزانية الأسرة الدكتور الحسيني ريحان أستاذ الاقتصاد بكلية التربية النوعية جامعة المنصورة يوضح أن الاقتصاد المنزلي هو إدارة موارد الأسرة بطريقة علمية سليمة، والميزانية لابد أن يكون لها أهداف واضحة بناء علي مدخلات الدخل، الذي ينقسم إلي نوعين دخل حقيقي، ودخل معنوي الحقيقي يتمثل في المرتبات، أو عائد الأملاك، أو رصيد في البنوك، أما المعنوي مثل استخدام سيارة العمل التي توفر في بند المواصلات، أو أية تسهيلات أخري مجانية تابعة للوظيفة. ويأسف الدكتور ريحان لأن ميزانية الأسرة محملة بأعباء كثيرة فالدروس الخصوصية أصبحت من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها وتقتطع جزءا كبيرا من الدخل، أما اشتراكات المحمول التي لا يقل عددها عن 4 أو 5 أجهزة في المتوسط للأسرة الواحدة فتكلفتها مرتفعة. وأضاف أنه بعد تخصيص مبلغ للإنفاق علي الأولويات مثل السكن والكهرباء والماء، يتم تجنيب مبلغ للطعام والملابس والمواصلات، وهو بند مرن نستطيع تغييره بالزيادة أو النقصان حسب المستوي الاجتماعي للأفراد، ويفضل شراء الأغذية من أسواق الجملة ومحال السوبر ماركت الكبري التي توفر عروضا وتخفيضات كبيرة، فعلي سبيل المثال سعر كيلو الزيتون جملة 6 جنيهات وقطاعي 14 جنيها، وكذلك كرتونة الفاكهة مثل الجوافة سعرها 12 جنيها فقط أي الكيلو سعره 2 جنيه في حين يباع قطاعي بسعر 5 جنيهات للكيلو، ويمكن تقسيم الكمية الكبيرة بين أكثر من أسرة، كما يفضل الذهاب للتسوق مرة واحدة أسبوعيا توفيرا للجهد والمال. أما بند الترفيه كما يقول ريحان فيمكن اختصاره في الخروج مرتين فقط بدلا من 4 مرات شهريا علي سبيل المثال، والاستغناء عن الأكل في المطاعم والتيك أواي، مع وضع موازنة بين إمكانيات الأسرة واحتياجاتها، فليس من المعقول وضع ميزانية بثلاثة آلاف جنيه لأسرة دخلها 2000 جنيه فقط.