في ثلاثة أشهر أنفق المصريون 8.5 مليار جنيه في الاحاديث التليفونية.. وهذا يعني أن الانفاق من السنوي للمواطن علي التليفونات يبلغ 34 مليار جنيه.. ولا شك أن هذا المبلغ الرهيب الذي يدخل خزائن شركات الاتصالات يعتبر كارثة قومية بكل المقاييس.. انه اكبر من دخل قناة السويس وأكبر من حجم صادراتنا للاسواق الخارجية.. وأكبر من تحويلات المصريين بالخارج.. وأكبر من صادرات القطن والبطاطس والارز.. وهو ايضا أكبر من اتفاقيات الكويز وصادرات الغاز إلي اسرائيل.. وإذا كان هناك عائد من وراء هذا الانفاق الضخم فالحقيقة أنه لا يوجد أي عائد من احاديث التليفونات بين المواطنين المصريين.. إن هذه المكالمات لا تحقق زيادة في الدخل أو الموارد أو الصادرات انها أموال ضائعة ووقت ضائع وسوء استغلال للدخل.. إن هذه المكالمات لا ترفع حجم الصادرات أو تزيد الدخل القومي لكنها عبء علي الاسرة المصرية.. هذا الرقم يبني مئات الشقق.. ويقيم عشرات المصانع التي توفر سلعا وتصدرها وتوفر مثل هذا فرصا للعمال.. إن احاديث التليفونات التي يدفع فيها المصريون هذا الرقم الخيالي زادت من اعباء الاسرة المصرية.. ولنا أن نتصور أن كل اسرة فيها خمسة أشخاص يوجد بها خمسة اجهزة تليفون محمول.. ولو ان كل شخص يدفع في المتوسط مائة جنيه شهريا فنحن أمام ستة آلاف جنيه سنويا.. وهذه الآلاف الستة يمكن أن تكون دعما للاسرة خاصة انها تشبه إلي حد كبير نفقات المحمول والسجائر سوف نكتشف أن هذه المبالغ تمثل نصف إيراد الضرائب.. وهي ايضا تمثل الجزء الاكبر من الديون السنوية للميزانية المصرية.. إن المسئولين يتحدثون كثيرا عن انجازات تكنولوجيا الاتصالات موبايل لكل مواطن وتجد الناس وهم يتحدثون في التليفونات وهم نائمون.. وتجد من يرد علي التليفون وهو يصلي في المسجد.. هذا بخلاف الوقت الضائع في المكاتب والاجهزة الحكومية التي يجلس الموظف فيها يتحدث في التليفون بالسماعات بينما تقف الطوابير أمام مكتب سيادته حتي ينهي مكالماته.. إن التليفون المحمول انجاز حضاري كبير ولكن سوء استخدامه في بلادنا يعد اخطاء في السلوك واهدارا للمال العام واعتداء علي موارد الدولة وتضييعا للوقت وإذا كانت شركات الاتصالات تجمع 34 مليار جنيه من المواطنين سنويا فأين تذهب هذه المليارات وكم من الضرائب تحصل عليها الحكومة؟ ولماذا لا تعمل الدولة علي ترشيد هذا الانفاق الذي يستهلك موارد الاسرة المصرية؟ وما بين التليفون المحمول والسجائر تدور ميزانية الاسرة المصرية بين المال الضائع والوقت الضائع ويا قلبي لا تحزن!