تباينت آراء خبراء الاقتصاد تجاه الهدوء النسبي الذي شهده اداء الاقتصاد العالمي خلال الربع الثاني من العام الحالي، وانقسمت التوقعات بين متفائل يري أن هذا الهدوء مؤشر واضح يدل علي انتهاء الازمة وبداية انتعاش اقتصادي عالمي، وبين متشائم يؤكد ان العالم يجب الا يتسرع في الحكم والقول بان الازمة قد انتهت وبين هذين النقيضين تظهر فئتان هما انصاف المتشائمين وانصاف المتفائلين فهما تأخذان قليلا من هذه وتلك وفئة لم تتأثر بالاقاويل المزعومة بشأن انتهاء مطحنة الائتمان الكبري التي ضربت اقتصاد العالم. وفي استطلاع اجرته إحدي المؤسسات الامريكية حول تأثير الازمة علي المستثمرين الافراد والعديد من المديرين انقسمت النتيجة إلي اربعة فرق، وتبين ان هناك 4 احتمالات حول موعد نهاية الازمة العالمية وسبل الخروج منها كما يلي: فالفريق الاول يري ان الازمة شارفت علي نهايتها، ويبشر بانتعاش اقتصادي قريب وكان هذا السيناريو أكثر الاحتمالات المطروحة تفاؤلا، حيث إنه يري إجراءات مواجهة الازمة من قبل حكومات مختلف البلدان ذات الاقتصادات الكبيرة بدأت تجني ثمارها، الامر الذي يبشر بعودة النمو الاقتصادي العالمي للتعافي في نهاية هذا العام اي بعد اشهر قليلة فقط. اما الفريق الاقل تفاؤلا فيري ان الاقتصاد العالمي مكبل لكنه لن ينكسر، وهذا يسمح بطول فترة الركود العالمي نسبيا في الفترة ما بين منتصف عام 2010 ونهاية 2012. والاحتمال الثالث وجهة نظره هي تأخر الانتعاش العالمي والعولمة، وهو سيناريو متشائم نسبيا، ويستند إلي تأكيدات بان الاقتصاد العالمي لن يعود إلي ما كان عليه قبل الازمة، وارتفاع معدلات الانكماش المعتدل سيستمر لمدة عام او عامين، مع امكانية تباطؤ النمو العالمي. اما الفريق الرابع فهو الاكثر سلبية من سابقيه، ويتحدث عن جمود اقتصادي عميق يدوم فترة غير معروفة وهذا ما اطلقت عليه الدراسة اسم الجليد الاقتصادي، وهذا يركز علي احتمال كبير بزيادة الركود الاقتصادي العالمي واستمراره لمدة 5 سنوات مقبلة او اكثر. إلا ان النتيجة الاهم لذلك الاستطلاع هي حقيقة ان مجتمع المستثمرين ورجال الاعمال في معظم انحاء العالم لا يميل إلي تصديق تصريحات بعض السياسيين عن نهاية قريبة او بعيدة للازمة الاقتصادية، وكانت نسبة ترجيح هذا الاحتمال 39% من الآراء المستطلعة، وكانت متقاربة مع المرجحين للاحتمال الثالث "تاخر الانتعاش العالمي والعولمة" والذين كانت نسبتهم 34%، فيما كانت نسبة المتفائلين ب "انتعاش اقتصادي وشيك" حوالي 20%. اما المتشائمون بقرب نهاية الازمة وهم الفريق الرابع "الجمود الاقتصادي العميق إلي فترة غير معروفة" فكانت نسبتهم قليلة نوعا ما، ولم تتجاوز ال 7% من الاراء. الجدير بالذكر ان هذه النتيجة جاءت مطابقة ايضا مع دراسة توصلت اليها بعض الصحف في روسيا التي اجرتها علي عدد كبير من رجال الاعمال في الدولة حول شئون الاقتصاد المحلي وامكانية الخروج من الازمة الاقتصادية هناك. وارجعت الدراسة رأي المتفائلين بمرور الازمة إلي رؤيتهم للاسواق في الفترة الاخيرة واتجاهها نحو الايجابية اكثر منها إلي السلبية، فبعد الصعود المقنن الذي شهدته البورصات العالمية، وارتفاع اسعار النفط واستقرارها، الامر الذي أدي إلي عودة النشاط للقطاع المصرفي وان كان بشكل ضئيل، ومن ثم الاستقرار النسبي جدا في القطاعات التي ضربتها الازمة بشكل رئيسي مثل العقارات والسيارات اضافة إلي القطاع المالي، فضلا عن ردود الافعال الايجابية في الفترة الاولي للازمة التي تشكلت في خطوات فعلية اتخذتها الحكومات والمؤسسات والافراد التي كان لها بعض الثمار في الوقت الحالي. ورأي فريق المتفائلين ان اهم الخطوات التي أسهمت في الاقتراب من حل الازمة كانت في السيولة التي قامت بضخها الحكومات من جهة بالاضافة إلي الإجراءات الاخري التي اتخذتها المؤسسات العالمية من تخفيض تكلفتها واعادة هيكلة إداراتها وملكياتها وبالتالي تغيير استراتيجياتها. ومن اشهر المؤسسات المالية تفاؤلا بانتهاء الازمة العالمية "بنك اوف امريكا ميريل لينش" حيث نشرت له العديد من الدراسات والاخبار التي اشار بعضها إلي بوادر الانفراجه ويذهب البعض الاخر منها إلي الاعتقاد بانتهاء الازمة كما اشار مؤخرا في تقريره الاخير تحت عنوان "الازمة انتهت". وتوقع التقرير ان يخرج الاقتصاد العالمي ببطء من الانكماش الحالي وان تسجل اقتصاديات الاسواق الصاعدة مثل الصين والهند اعلي معدلات نمو في 2010. وتوقعات "ميريل لينش" ان يشكل الاقتصاد الامريكي والصيني القوتين الرئيسيتين اللتين ستقفان وراء الانتعاش العالمي المرتقب في 2010.