قلنا إن موضوع الاستيطان يشكل عقبة صعبة للغاية أمام استئناف المفاوضات بين إسرائيل وبين الفلسطينيين فليس من المعقول أن يجلس الطرفان إلي مائدة مفاوضات بينما إسرائيل ماضية في بناء المستوطنات علي الأراضي الفلسطينية في الوقت الذي يعيش فيه الفلسطينيون لاجئين في الدول المجاورة. استمرار الاستيطان بهذه الطريقة لا يعني سوي أن إسرائيل لا تريد سلاما مع أحد بل تريد الاستمرار في تحدي مشاعر الفلسطينيين وزيادة الكتلة الرافضة للتعامل معها في العالم العربي. الجولة الأخيرة للمبعوث الأمريكي جورج ميتشل سمع فيها في القاهرة وفي دمشق وفي رام الله نفس الكلام عن السلام الشامل والعادل الاطار العام للحديث يدور في نطاق ما ورد بالمبادرة العربية للسلام والتي عرضت صفقة متكاملة لا تقبل التجزئة حتي الآن ولكن ربما تؤدي المفاوضات الجادة إذا بدأت إلي مرونة في الفهم والتفسير علي أية حال لايزال بدء المفاوضات بعيد المنال حسب المواقف المعلنة. أما ماذا فعله ميتشل فسوف تظهر علامات علي نجاحه أو فشله في القريب العاجل من طريقة تصرف وسلوك إسرائيل، ولكن يبدو أنه يواجه صعوبات مع نتنياهو بدليل أنه عاد إلي الجانب العربي ليتحدث عما يسمي بالتطبيع المبكر أو ما يسميه البعض بالتطبيع المجاني وكأنه مكافأة للجانب الاسرائيلي علي رفضه مجرد تجميد المستوطنات وليس ازالتها فقد دعا ميتشل إلي تحقيق سلام شامل علي جميع المسارات، وتطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل في إطار قيام كل الاطراف في المنطقة بخطوات لاتاحة الامكانية للعودة للمفاوضات والوصول للسلام الشامل وأكد المبعوث الأمريكي أن تلك "الخطوات الصعبة والقياسية" يجب اتخاذها من أجل تهيئة الأجواء للنقاش الجدي بين الطرفين. في الوقت الذي تجاهلت فيه إسرائيل اظهار أية نية لايقاف نشاط الاستيطان، كان المبعوث الأمريكي للسلام يدعو الدول العربية لاتخاذ خطوات لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وقال إنه "سيشجع" الزعماء العرب علي اتخاذ خطوات حقيقية من أجل التطبيع وأضاف لا نطلب من أحد أن يقوم بالتطبيع الكامل في هذه المرحلة فذلك سيأتي من خلال عملية السلام. ان المطالبة بالتطبيع أي إقامة علاقات طبيعية بين الاطراف العربية وبين إسرائيل في ظل الأوضاع الحالية طرح غير مقبول ومناف للعقل والمنطق، فقد نصت مبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت عام 2002 علي تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين العرب وإسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها عام 1967ومحاولة الالتفاف علي ذلك غير مجدية. ان فتح الطريق إلي مفاوضات السلام يجب أن يكون من ناحية من أغلقه.