في الاجتماع الأخير للمجلس الشعبي المحلي بالجيزة بداية يوليو الجاري شنت خديجة عثمان رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بالمجلس حملة عنيفة ضد بعض الجمعيات الأهلية خاصة التي تستقبل أطفال الشوارع في الفترة النهارية فقط واتهمت تلك الجمعيات بمساهمتها في انحراف هؤلاء الأطفال خاصة البنات. وأشارت إلي أن فتح الأبواب للأطفال المشردين من الثامنة صباحاً حتي الرابعة عصراً لتناول الطعام والاستحمام والنوم قليلا ثم خروجهم في المساء يجعلهم مستعدين لارتكاب كافة الموبقات بعد استعادة عافيتهم أثناء النهار ويكونون بكل طاقتهم ليفعلوا "الحرام" من سرقة وشذوذ واغتصاب. وأكدت خديجة عثمان أن بعض تلك الجمعيات الأهلية والمراكز المتخصصة لإيواء الأطفال نهاراً فقط أصبحت أماكن للراحة فقط والاختباء من الشرطة والتعرف علي الفتيات الصغار تمهيدا لاغتصابهن وخطفهن. وأشارت إلي أن كثيرا من هذه المراكز تسعي للحصول علي موافقة للاستقبال حتي يصعب ملاحقتهم أو محاسبتهم عند تقديم ميزانيتهم سواء للجهات المانحة للتمويل أو الرسمية. طالبت خديجة رجال الأعمال المستثمرين بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي بالجيزة لإنشاء أماكن إيواء مستديمة للإعاشة الكاملة بدلاً من احتوائهم فترة النهار فقط، مشيرة إلي تزايد أعداد فتيات الشوارع الحوامل وتعرضهن الدائم للاغتصاب وتزايد أعداد الأطفال حديثي الولادة. وقد عرضت خديجة عثمان تقريرا عن نتائج زيارتها لمركزين من مراكز الاستقبال النهاري بالجيزة أثناء انعقاد المجلس الشعبي المحلي مؤخرا الأول هو مركز نزلة السيسي للأطفال المعرضين للخطر التابع لجمعية كريتاس والتي تعمل بمصر منذ عام 1967 ورغم أنها قد أثنت علي نظافة وضخامة المكان وجودة منتجات الأطفال من أشغال الخرز والمفارش والخياطة إلا أنها طالبت بإقامة الأطفال إقامة دائمة حرصا عليهم من أخطار الشوارع، لاسيما وأن المكان معد لاستقبال ومبيت مالا يقل عن 20 طفلا. أما المركز الثاني للاستقبال النهاري كان لقرية الأمل بإمبابة وقد لاحظت قلة عدد المترددين عليه من الأطفال، وعدم التزامهم بالحضور حيث يحضرون يوما ويتخلفون أياما أخري وقد بلغ أقصي حضور 30 يوما لمتردد واحد خلال عام وبلغت الحالات المترددة علي المركز منذ 9 سنوات 2881 طفلا كما لا يوجد مقررات غذائية حيث يتم الطهو صباحاً دون التقيد بالعدد الموجود وقد لاحظت خديجة وجود الكثير من الفتيات الحوامل والأطفال الرضع بصحبة أمهاتهم، وقد لوحظ أيضا في أحد التقارير الطبية التي أطلعت عليها تضارب واضح بشأن عذرية أحد الفتيات. وطالبت خديجة عثمان بضرورة إيداع الفتيات الحوامل المترددات علي المركز مؤسسات حماية المرأة، وكذلك إيداع الأطفال مجهولي النسب حضانات إيوائية. وقد التقي الأسبوعي بمنسق مشروع أطفال بلا مأوي بجمعية كاريتاس إبراهيم وديع، وقد دافع عن فكرة الاستقبال النهاري ووصفها بأنها تأهيلية، لصعوبة إجبار الطفل علي الإقامة منذ بداية قدومه إلي المركز، لأنه معتاد علي الحرية، مشيرا إلي أن تأسيس مبني مجهز للإقامة والمبيت أمر مكلف للغاية ودعا الحكومة إلي توفير مبني للمبيت تقوم الجمعية بإدارته والإشراف عليه، مؤكداً أن ميزانية اريتاس لا تستطيع تغطية هذه المصروفات. وبسؤاله حول ما أثارته أحد الصحف الخاصة عن ميزانية كاريتاس التي تعدت 113 مليون يورو سنويا. أشار وديع إلي أن هذا المبلغ يعتبر ميزانية دولة مما يجعل الجمعية دولة داخل الدولة مؤكداً علي خضوع ميزانية الجمعية لرقابة وزارة التضامن الاجتماعي. من ناحية أخري فقد اتهم وديع من يطالبون بإغلاق المراكز النهارية بأنهم غير مدركين لنفسية الطفل وكيفية التعامل معه، مشيراً أن هذه الدعوة قد تؤدي لتزايد انحراف هؤلاء الأطفال وتزايد ارتكابهم للجرائم. وأشار إلي أن الجمعية ومن خلال تطبيق فكرة الاستقبال النهاري قد تمكنت خلال العام الماضي فقط من إعادة دمج 24 طفلا مع أسرهم وإيواء 30 طفلا في المؤسسات الحكومية ودخول 82 طفلا المدارس الحكومية. أما جمعية قرية الأمل بامبابة التي تم تأسيسها عام 1988 علي يد ريتشارد همسيلي الإنجليزي الجنسية، والتي تعتبر أول جمعية تهتم بأطفال الشوارع ولها 16 فرعاً وقد التقي (الأسبوعي) بمدير فروع الجمعية محمود الشيخ الذي أكد أن الاستقبال النهاري يشعر الطفل بوجود سند أو مرجع له مؤكدا أن الشارع مغر للطفل حيث يستطيع الحصول علي المال بسخاء وعلي الطعام بسهولة، ومن الصعب أن يتم اخضاعه للقيود والأوامر، وكبداية لابد من اقناعه بالحياة المستقرة الهادئة وتوعيته بمشاكل واخطار الشارع. وأشار الشيخ إلي عدم قدرة الجمعية علي السماح للطفل بالمبيت لمجرد استقباله، حيث ترفض وزارة الداخلية ذلك إلا بدع أن يتم التحري عن الطفل ومقابلة أسرته ومعرفة مكان إقامته الأساسية، للتأكد من عدم ارتكاب الطفل أي جريمة سابقة، وبالتالي لا تتحمل الجمعية أي مسئولية. وفيما يتعلق بالفتيات أشارت فاطمة برادة رئيس مجلس إدارة جمعية قرية الأمل إلي وجود فرع للأمهات الصغيرات حيث يتم تحويل الفتيات الحوامل أو الأمهات الصغيرات من مراكز الاستقبال إلي هذا الفرع لرعايتهن وأولادهن وقد بلغ عددهن 20 فتاة، مشيرة إلي نجاح الجمعية في تزويج 50% من هؤلاء الفتيات لمرتكبي حوادث الاغتصاب، مؤكدة أن قانون الطفل الجديد سيسهل استخراج شهادة ميلاد لهؤلاء الأطفال. هاني هلال مدير المؤسسة المصرية للنهوض بأوضاع الطفولة اعتبر كاريتاس وقرية الأمل من أهم الجمعيات التي أسهمت في علاج ظاهرة أطفال الشوارع، مشيراً إلي أن الهجوم علي هذه الجمعيات في الفترة الأخيرة هي خطة من الحكومة لمحاولة تعديل قانون الجمعيات وتمكين وزارة التضامن من التحكم في التحويلات الخارجية وإعادة توزيعها فيما سماه (تأميم العمل الأهلي). وقد أكد هلال ضرورة وجود إيواء ليلي أيضا لحماية الأطفال من أخطار الشوارع، مشيراً إلي أن عدد جمعيات أطفال الشوارع لا يتجاوز 15 جمعية منها 5 فقط للإيواء الليلي، في ظل تزايد أعداد أطفال الشوارع وصعوبة حصرهم بالإضافة إلي عدم وجود تعريف محدد لطفل الشارع.