بعد الانخفاض الأخير.. سعر الذهب اليوم السبت 21 يونيو 2025 في الصاغة وعيار 21 بالمصنعية    لتأمين احتياجات الدولة.. مدبولي: 3 سفن تغويز تضخ في الشبكة القومية للغاز مع بداية يوليو المقبل    وزير المالية في رسالة للعاملين بالضرائب: «الشراكة مع المجتمع الضريبي أمانة في رقابكم»    بعد طلبات الإحاطة.. وزير الإسكان في المنيا لبحث مطالب النواب وحل مشاكل مشروعات حياة كريمة بالمحافظة    وزير العمل: الوزارة توفر فرص عمل للشباب في السوق الأوروبي.. وتسعى لدمج ذوي الهمم    وزير الخارجية يبحث مع مجموعة من رجال الأعمال الأتراك سبل تعزيز الاستثمارات التركية بمصر    الكويت تبدأ إجلاء رعاياها من إيران.. وعمان تعلن نجاح المرحلة الخامسة    وكالة مهر: مقتل العالم النووي الإيراني إيسار طباطبائي وزوجته في هجوم إسرائيلي    "100 مليون شيكل" للترميم والبناء.. "الملاجئ " تُرهق ميزانية إسرائيل وسط توترات الشرق الاوسط    الأهلي يُحدد مصير مدرب بورتو البرتغالي    قلق في بايرن ميونخ بسبب إصابة موسيالا    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    رسميا.. نوتينجهام فورست يُمدد عقد نونو سانتو حتى 2028    جهود أمنية مكثفة لكشف لغز العثور على طبيب شهير مقتول ومكبل بمنزله في طنطا    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة الإسماعيلية.. خطوات الاستعلام فور ظهورها    تحرير 36 محضر إغلاق ومخالفات عدم وجود تراخيص في حملات لضبط الأسواق بأسوان    أسماء العشرة الأوائل بالشهادة الإعدادية 2025 في مطروح بعد إعلان النتيجة رسميًا    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم بالمنيا    عمرها 17 عاما.. كواليس أغنية «أغلى من عنيا» ل هاني حسن الأسمر مع والده    «سينما 30» و«الإسكافي ملكا».. الليلة بروض الفرج والسامر ضمن فعاليات مهرجان فرق الأقاليم المسرحية    تامر حسني يكشف سر تعاونه مع رضا البحراوي بفيلم «ريستارت».. فيديو    أستاذ علوم سياسية: عدوان إسرائيل على إيران انتهاك صارخ للقانون الدولى    جولة مفاجئة لوزير الصحة بمركز صقر قريش للاطمئنان على الخدمات وجودة الأداء    طب القاهرة تبدأ خطوات تطوير المناهج وتقليص محتواها لتقليل العبء الدراسي    تحرير 148 مخالفة للمحال غير الملتزمة بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء    سيطرة برازيلية على دور المجموعات بكأس العالم للأندية    انطلاق انتخابات صندوق الرعاية الاجتماعية للعاملين بشركات الكهرباء    داس على رأسه.. حادث مأساوي في إحدى مباريات كأس العالم للأندية    رئيس جامعة الأزهر: العقل الحقيقي هو ما قاد صاحبه إلى تقوى الله    من مصر إلى العراق.. احتفال "السيجار" يشعل الموسم الرياضي    ضبط لصوص المساكن والورش في حملات أمنية    تقدم جامعة أسيوط 100 مركز في تصنيف "التايمز 2025" للتنمية المستدامة    مباريات اليوم.. صدام قوي لصنداونز.. ومواجهة أمريكية خالصة    أسعار الذهب في مصر اليوم السبت 21 يونيو 2025    وزير الري يبحث "التحلية للإنتاج الكثيف للغذاء" مع خبراء الجامعة الأمريكية| صور    نقابة المحامين تقرر الطعن على حكم وقف جمعيتها العمومية    وزارة الثقافة تحتفي بعيد وفاء النيل من خلال سلسلة من الفعاليات الفنية    سلطنة عُمان تعلن إجلاء 294 مواطنا من إيران    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 16 فلسطينيا من الخليل    منصة "هانتربروك ميديا" الأمريكية: قاذفات "بي-2" اللازمة لضرب منشأة "فوردو" النووية تقلع من قاعدتها بالولايات المتحدة    وزارة الصحة: عيادات البعثة الطبية المصرية استقبلت 56 ألف و700 زيارة من الحجاج المصريين    المعهد القومي للأورام يطلق فعالية للتوعية بأورام الدم    تعرف على مصروفات المدارس لجميع المراحل بالعام الدراسي الجديد 2025/2026    محمد منير: «ملامحنا» تعبر عن كل إنسان| حوار    الرئيس الأمريكى يعلن توقيع إتفاق سلام بين رواندا والكونغو    «الكتاب الإلكتروني».. المتهم الأول في أزمة القراءة    قواعد ذهبية للحفظ والتخزين| الغذاء والصيف.. كل لقمة بحساب!    سلاح ذو حدين| وراء كل فتنة.. «سوشيال ميديا»    الخريطة الكاملة ل الإجازات الرسمية المتبقية في مصر 2025 بعد إجازة رأس السنة الهجرية    ترامب عبر "تروث": سد النهضة الإثيوبي تم تمويله بغباء من الولايات المتحدة    إصابة ربة منزل وطفلتها على يد شقيق زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    روبي تتألق في إطلالة مبهرة قبل صعود حفل افتتاح موازين    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح الزراعي... الثاني 1 2
ديون الفلاحين.. ليست قضية مصرفية فقط
نشر في العالم اليوم يوم 15 - 06 - 2009

تقول المادة 37 من الدستور ما يلي بالنص: "يعين القانون الحد الأقصي للملكية الزراعية، ويضمن حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال".
وبناء علي ذلك فإن تعريض الفلاح والعامل الزراعي لأي نوع من أنواع الاستغلال يكون مخالفا للدستور الذي هو "أبو القوانين".
والسؤال الآن هو: هل التلويح بتحويل ملفات آلاف الفلاحين المتعثرين والعاجزين عن تسديد مديونياتهم لبنك التنمية والائتمان الزراعي، إلي القضاء، بما يتضمنه ذلك من احتمالات قوية لحبس بعضهم أو معظمهم، يمثل اهدارا لهذا الحق الدستوري في ضمان "حماية الفلاح والعامل الزراعي من الاستغلال"؟!
والسؤال الثاني هو: هل يمثل هذا الموقف من الفلاحين المتعثرين خرقا للمادة 40 من الدستور التي تنص علي أن "المواطنين لدي القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة"؟!
الاجابة التي يقدمها بنك التنمية والائتمان الزراعي بصورة خاصة، والحكومة بشكل عام هي: "لا".
فالمسألة من وجهة نظره ليست سوي قضية قروض.. وأن هذه القروض هي أموال المودعين التي يجب الحفاظ عليها واستردادها من الذين أخذوها وأخلوا بالشروط التي سبق لهم الموافقة عليها للحصول عليها وأن بنك التنمية والائتمان الزراعي حسب ما نسب إلي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي أمين أباظة سينتهي أمره إذا قدم كل تلك التيسيرات من حين لآخر وأن هذا الملف "اتقفل ومش هنفتحه تاني".
وأكثر من ذلك فإن الحكومة قد راعت ظروف الفلاحين، وقامت بأكثر من مبادرة لتخفيف أعباء هذه الديون عنهم آخرها قرار الرئيس حسني مبارك في 21 فبراير الماضي باعفاء صغار المزارعين، الذين يصل أصل الدين في القرض الممنوح لهم إلي 25 ألف جنيه ويملكون أراضي لا تزيد مساحتها علي خمسة أفدنة، من نصف ديونهم المستحقة لبنك التنمية والائتمان الزراعي، مع اتخاذ التدابير اللازمة لتحمل الخزانة العامة هذه الاعفاءات، وسرعة حل مشكلات المتعثرين من قروض البنك، وتوفير جميع التيسيرات لسداد ديونهم، البالغة أكثر من مليار و900 مليون جنيه، وذلك من خلال شطب 50% من هذه الديون، والتزام الحكومة بأن تتحمل حوالي 800 مليون جنيه منها 300 مليون جنيه يتحملها بنك التنمية و500 مليون جنيه تم توفيرها من وزارة المالية.
وأشار وزير الزراعة إلي أن آخر مهلة للفلاحين المتعثرين ستكون نهاية هذا الشهر "يونية 2009" ولن تكون هناك مهلة أخري "تم تمديدها إلي نهاية العام".
يعني باختصار.. أن المسألة من وجهة نظر الحكومة مسألة "قروض"، وأنها تحافظ علي أموال المودعين، وأننا يجب أن نشكرها علي ذلك.
وهذا صحيح من وجهة نظر مصرفية بحتة.
لكنه غير صحيح علي الاطلاق إذا وضعنا القضية في سياقها الاجتماعي والاقتصادي الأشمل. فالسؤال الأول الذي يطرح نفسه بهذا الصدد هو: لماذا تعرض آلاف الفلاحين للتعثر والعجز عن سداد القروض الهزيلة التي حصلوا عليها من بنك التنمية والائتمان الزراعي؟
لو أن المسألة تتعلق بواحد أو عشرة أو مائة فلاح لقلنا أنه خطأ هؤلاء الأفراد وسوء إدارتهم لشئونهم المالية لكن أن يكون هذا هو الوضع بالنسبة لنحو 150 ألف فلاح فإننا نكون إزاء "ظاهرة" عامة، لابد أن يكون لها أسباب "موضوعية" أخطر كثيرا من النزوات "الذاتية" وهناك بالفعل قائمة طويلة من هذه الأسباب أقلها يتعلق ببنك التنمية والائتمان الزراعي، وأكثرها يتعلق بالسياسات العامة المتبعة في ظل حكومات متعاقبة اختلفت عن بعضها في أمور كثيرة ولكنها اتفقت معظمها علي اضطهاد الفلاح.
وقد وصل هذا الاضطهاد إلي درجات لا تطاق خاصة بعد التحول إلي اقتصاد السوق وتراجع دور الدولة الائتماني والانتاجي والتسويقي في مجال السياسات الزراعية، لصالح حفنة من المحتكرين الذين استفادوا من الغاء الحكومة الدعم علي مستلزمات الإنتاج الزراعي وترك الفلاحين نهبا لفوضي سوق عشوائي، وتحرير سعر الفائدة علي القروض الزراعية الائتمانية، وتفكيك المؤسسات النقابية والتعاونية الفلاحية.
وكانت نتيجة ذلك - اجتماعيا - زيادة معاناة الفلاحين، كما كانت نتيجته اقتصاديا تدهور الإنتاج الزراعي واستفحال الفجوة الغذائية وزيادة الاعتماد علي الاستيراد من الخارج.
ثم جاءت ممارسات بنك التنمية والائتمان الزراعي لتزيد الطين بلة، وبعض هذه الممارسات ليست سياسات رسمية وانما هي تصرفات فاسدة لموظفين صغار وكبار في البنك وفروعه تستغل الأمية المتفشية في صفوف الفلاحين لاستغلالهم بصورة بشعة، أما الممارسات التي تنتمي إلي السياسات الرسمية للبنك فإن الكثير منها أصبح يفتقر إلي البعد الاجتماعي، وإلي الرؤية الأصلية التي من أجلها ثم انشاء البنك، الذي تحول رويدا رويدا إلي بنك تجاري تقريبا أو يكاد.
وحتي في التعامل مع مأساة تعثر هذه الآلاف المؤلفة من الفلاحين فإن البنك تصرف كبنك تجاري مائة في المائة، ونسي انه ذو طبيعة خاصة.
بل ان ما هو أسوأ أن البنوك التجارية تعاملت مع المتعثرين من رجال الأعمال بصورة أفضل، فوفقا للمبادرة المدعومة من البنك المركزي قامت البنوك باعفاء المدينين الذين تقل مديونياتهم عن نصف مليون جنيه من 75% من إجمالي الدين، و70% ممن تقل مديونياتهم عن مليون جنيه شرط دفع النسب المتبقية نقدا في موعد محدد. وأعلن الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي أن هذه المبادرة يستفيد منها 13 ألف عميل، بينهم 10200 عميل جري تحويلهم بالفعل إلي المحاكم لتوقفهم عن السداد، وأضاف أن جملة المديونيات لهذه الشريحة من صغار المتعثرين تصل إلي 1،5 مليار جنيه، موضحا أن الهدف من هذه المبادرة هو اعادة 13 ألف منشأة متنوعة النشاط إلي الحياة بما يخدم 50 ألف شخص يعملون بها، كما أن التسويات التي قامت بها البنوك للعملاء المتعثرين أسفرت عن الإفراج عن 31 عميلا من السجون صدرت ضدهم أحكام قضائية بالإضافة إلي ايقاف الإجراءات القانونية ضد 4318 عميلا.
فإذا كان هذا ما حدث مع رجال الأعمال الصغار، ناهيك عن رجال الأعمال الكبار، فإنه لا يقارن بالتعنت الذي يحدث مع الفلاحين الغلابة الذين تقل أصول مديونيات معظمهم عن 10 آلاف جنيه! فأين المساواة - التي ينص عليها الدستور - بين كبار المستثمرين الذين يتم اعفاؤهم من 75% من ديونهم للبنوك والتي تصل إلي مليون جنيه، في حين يتم الزج بالفلاحين إلي غياهب السجون بسبب تعثرهم في سداد قروض تافهة لا يزيد معظمها علي 30 ألف جنيه.
حتي أن أحد أقطاب الحزب الوطني الحاكم، وهو عبدالرحيم الغول، اشتكي تحت قبة البرلمان من "سياسة الكيل بمكيالين التي تجري الآن في التعامل مع الفلاح" محذرا من أن هذه السياسة "قد تؤدي إلي عواقب وخيمة".
ولاحظ الغول أن "مختلف دول العالم تدعم إنتاجها الزراعي بشكل مباشر وغير مباشر بعكس الحال في مصر حتي أصبح الفلاح أقل من موظف درجة عاشرة، والمستوي الاقتصادي للفلاحين أصبح يسير من سيئ لأسوأ، فبدلا من السعي قدما في دعم الإنتاج الزراعي والأخذ بيد الفلاح نقوم بالقبض عليه وزجه في السجون، عكس علية القوم الذين يقترضون ما يشاءون من البنوك الأخري.. وفي النهاية نفرش لهم الأرض ونعقد معهم الصفقات التي تسقط 75% من ديونهم.. أليس من الأولي تقديم هذه التسهيلات وهذا الدعم للفلاح الذي يحمل عبء 70% من اقتصاد مصر؟".
هذه شهادة أحد قيادات الحزب الوطني الحاكم وليس أحد الشخصيات المعارضة، ولهذا فإنها تستحق الالتفات بشدة إلي كل كلمة فيها.
وللحديث بقية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.