حادث مقتل المصرفية هالة فايق وقبله مقتل نادين وصديقتها هبة.. وقبله وبعده حوادث يجب ألا تترك لدينا فقط حالة من الفزع والرعب، لكنها يجب أن تدق لدي الحكومة ناقوس الخطر. أرجوكم لا تصدقوا الأرقام.. أرجوكم لا تصدقوا الإحصاءات.. لا تؤمنوا علي من يقول لكم إن الفقر قد انخفضت نسبته وأن معدلات النمو كذا وكذا، لا تصدقوا من يقول لكم إن البطالة في تراجع.. كل تلك الأرقام لا أصل لها ولا علاقة لها بالواقع.. والدليل.. هالة فايق. ولا أحاول هنا أن أجد مبرراً لجريمة بشعة ولقاتل يجب أن يعدم في ميدان عام، لأقول إن الفقر والبطالة هما السبب.. لكنني أحاول أن أجد تحليل، أي نوع من أنواع التحليل ولست عالمة اجتماع لما يحدث في المجتمع. لقد كنا دائما نسمع عن سرقات المنازل، والصورة التقليدية للحرامي الذي يتسلق مواسير المجاري أو المياه.. يأخذ ما يأخذ في قطعة من القماش ثم يهرب.. الآن نسمع في كل مرة عن قتل وذبح ونحر.. ماذا حدث؟! قال لي مسئول كبير.. الأسوأ قادم في ظل أزمة اقتصادية طاحنة.. هل تسمع الحكومة؟! هل تصغي؟! أم انها مازالت تتحدث عن سياسة "تقطير النمو" وأن النمو وصل إلي فئات كثيرة ولكننا ننكر "النعمة". أصدق المسئول: الأسوأ قادم. طالما نستمر نكذب علي أنفسنا بأرقام ليست من الحقيقية في شيء، طالما دوماً نقول الحكومة عملت اللي عليها.. لكنها مصائب مستوردة من الخارج، طالما نلوم التضخم علي انفلونزا الخنازير والبطالة علي الأزمة المالية العالمية، طالما هناك من "يقاوح" في كل اجتماع للحزب أو الحكومة ويقول هناك فئات كثيرة استفادت من النمو. الحقيقة غير ذلك. فقبل الأزمة الاقتصادية، قبل أن تتحول انفلونزا الطيور إلي انفلونزا خنازير وثمار النمو تقف عند حدود فئات بعينها.. فئات استطاعت بكل ربح حلال أن تثري ثراء فاحشاً.. لكن هذا الثراء لم يصل إلي باقي طبقات الشعب.. وفي الوقت نفسه لم تتدخل الحكومة بجرعات تنمية إلي المناطق الفقيرة والفئات محدودة الدخل. ثم نتباهي بمعدلات نمو وصلت إلي 7% أو 8%، ماذا تعني تلك والفقر يصل إلي 40%؟! ماذا تعني؟! لا شيء!! والآن ماذا نفعل والمعدلات انهارت إلي أقل من 4% ماذا نفعل أيضا لا شيء.. نري البطالة تزداد.. ونركز الإنفاق علي إنقاذ مجتمع الأعمال والمستثمرين والمصدرين دون حتي أن نربط تلك المعونة بالتشغيل.. نري القطاع الخاص يقلص أعماله وهو حقه ولا نزيد من صندوق الطوارئ أو نفعله أو حتي نقيم إعانة بطالة.. لكن تبقي توشكي مستمرة، والإنفاق الترفي مستمر، وغيره وغيره. الأسوأ قادم.. أصدق المسئول.. لماذا قتلت هالة؟! لأننا نسينا الإنفاق علي التعليم فضاعت القيم، والكفاءة وخرج لنا أمثال هذا المجرم ليقتلها.. لأننا تركنا المجتمع تنهار أخلاقياته وتختفي وراء حجاب ونقاب وجلباب قصير ونقول إنه مجتمع متدين محافظ بينما هو مجتمع نسي الدين الصحيح فنسيه الله. لماذا قتلت هالة.. لأن المجرم رأي الفساد يرتع ولا يعاقب أحد، ربما يعاقب الصغير.. ولكن يترك الكبير.. وماله هي تملك كل ذلك، جزء من أموالها "حلال"!! وهكذا يفسر البعض الحلال والحرام. الأسوأ قادم: هل تسمعون؟! أم انكم مازلتم تتحدثون عن معدلات النمو وتنمية أفقر ألف قرية وخلافه؟! إن انتشار جرائم الفقر والبطالة هو أكبر دليل علي الفشل.. فشل الحكومة في أي مشروع للتنمية والنمو. نقطة فاصلة: إذا كنا كثيراً ما ننتقد أجهزة الأمن فعلينا أن نشكرها أيضاً.. في أقل من 48 ساعة تم القبض علي المجرم وتحويله للنيابة.. واعترافه.. إنه مجهود رائع نتمني أن يكثف في الردع كما هو في العقاب.