شهدت جلسة مجلس الشوري أمس مواجهة عنيفة بين النواب والدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية خلال مناقشة المجلس لموازنة 2009/2010 وخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث انتقد النواب تراجع الاعتمادات المدرجة للقطاعات الخدمية والجماهيرية، واستمرار عجز الموازنة وارتفاعه إلي 8%. وأشار نواب المعارضة إلي أن استمرار العجز والدين العام، يعني فشل الحكومة في زيادة الموارد كما اتهم الاعضاء الحكومة باستغلال الأزمة المالية العالمية في التغطية علي فشلها في العديد من البرامج الاقتصادية. ودخل الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع في مناظرة كلامية حادة مع وزير المالية، عندما قال إن الحكومة استفادت من الأزمة المالية وجعلت منها "شماعة" تعلق عليها النتائج المأساوية لادائها، والتي تمثلت في محاباة كبار رجال الأعمال، كما انتقد استمرار الاستدانة حتي أصبحت تمثل 43% من اجمالي ايرادات الموازنة. ورفض رفعت السيد الغاء دعم الكهرباء وانخفاض دعم السلع الغذائية في الموازنة، وطالب بفرض ضرائب تصاعدية علي كبار الممولين، واختتم كلامه بأن الحكومة هي حكومة "كبار المستثمرين والمحظوظين" وليست حكومة الفقراء وطالب بعقلية جديدة وحكومة جديدة تنحاز للشعب. وعقب صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري علي هذا الكلام فأوضح أن حديث وزير المالية أمس أمام المجلس اتسم بالشفافية وكان يجب علي الجميع أن يحضر هذه الجلسات المهمة حتي لا يضطر الوزراء إلي اعادة الكلام مرة أخري. وأكد الدكتور يوسف بطرس غالي أن مشاكل الرأسمالية لم تصل إلي مصر لأن الجهاز المصرفي لم يتأثر بالأزمة المالية بسبب وجود رقابة فعالة من قبل البنك المركزي، مما ساعد في تفادي الافراط في الاستثمارات المشكوك فيها، وقال ان هذه ميزة تحسب للحكومة ولكن البعض لا يعرف إلا الانتقاد! وتعجب غالي من الحديث عن استمرار زيادة الدين المحلي واكد أن الدين المحلي سيستمر في الزيادة في مصر كرقم مطلق وكذلك علي مستوي العالم، ولن تستطيع دولة تخفيض مديونيتها في ظل الظروف العالمية ولكن الزيادة في الدين المحلي زادت في مصر ولكنها انخفضت بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي من 101 إلي 64% خلال 5 سنوات. واكد انه خلال السنوات الخمس المقبلة سينخفض الدين الداخلي إلي الحدود الآمنة ورفض ما قاله رئيس حزب التجمع من انه تم تخفيض الدعم وقال ان الدعم خاصة دعم السلع الأ ساسية زاد بنسبة 7% بسبب انخفاض الأسعار علي المستوي العالمي، موضحا ان الدولة تدخلت العام الماضي للحد من ارتفاع الأسعار العالمية علي المواطنين ودعمت السلع الأساسية ب 60 مليار جنيه، وعند انخفاض الأسعار كان يجب تخفيض الدعم. وبالنسبة للأجور أوضح وزير المالية ان هناك عناصر غير قابلة للتحرك في الموازنة هي الأجور والأمن القومي والفوائد علي الدين وهي تزيد باستمرار واذا كان رئيس حزب التجمع ينتقد زيادة الأجور فهذا معناه انه يطلب تخفيضها أو الغاء العلاوة وهذا لن يحدث. وحول وديعة الطاقة البديلة وما هو مصيرها؟ قال غالي ان هذه الوديعة مخصصة لانشاء مشروعات في الطاقة البديلة في مجالات الطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية.. كما رفض انتقادات السعيد باستيراد سلع استفزازية مؤكدا أن الطفرة في الاستيراد تحققت من خلال استيراد سلع استثمارية وسلع وسيطة أما لاستهلاك الترفي مثل السيارات الفارهة وغيرها فلا يزيد علي 300 مليون دولار .. ورفض الرجوع إلي النظام القديم ولجان الاستيراد الذي لم يؤد إلي تحقيق أي معدل نمو منذ الستينيات. وقال غالي ان الزيادة في بند مواد الطاقة والزيوت تأتي لانها موجهة إلي سيارات الركوب المخصصة للنقل 3.5 مليون موظف.. واضاف ان سفر الوزراء والمسئولين للخارج لا يتعدي مبلغ 92 مليون جنيه وهذا في صالح البلد.. وتساءل هل يمكن منع سفر وزير الصحة لمناقشة كيفية مواجهة الأمراض الوبائية لتقليل النفقات؟ من جانبه قال الدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية ان هناك أموراً يجب أخذها بجدية وشفافية خاصة إذا كانت تتعلق بمشروعات قومية تهدف صالح الوطن.. مشيرا إلي ضرورة النظرة المتكاملة بين الموازنة وخطة التنمية.. واوضح ان استثمارات قطاع الكهرباء والطاقة في الموازنة الحالية تبلغ 17 مليار جنيه منها 220 مليون جنيه لهيئة المحطات النووية بزيادة 74 مليون جنيه من موازنة العام الحالي. وطالب الدكتور عبد المنعم الأعصر رئيس حزب الخضر بفرض ضرائب تصاعدية علي رؤوس الأموال الطفيلية التي يحصل عليها أصحابها بالمضاربات وحصر جميع الانشطة غير المسجلة بالضرائب وزيادة الانفاق العام للمشروعات ذات العمالة الكثيفة ومضاعفة الانتاج بزيادة الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال العربية واكد موافقته علي الموازنة. وطالب ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل الحكومة بمراجعة سياستها المالية والاقتصادية وان يكون للدولة دور واضح في الاقتصاد وتفعيل قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار الذي يعطي رئيس الوزراء الحق في أن يفرض تسعيرة لسلعة ما لفترة معينة واكد انه يجب فرض سعر علي الأسمنت الذي لا يتكلف انتاج الطن منه سوي 150 جنيها وهذا سيؤدي إلي تقليل تكلفة مشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الدولة. كما طالب بفرض ضرائب تصاعدية علي شركات المحمول وجنيه واحد علي 290 ألف فدان في الطريق الصحراوي سيتم توصيل مياه النيل إليها وهذا سيدر للخزانة أكثر من عشرين مليار جنيه. وحيا المهندس محمد فريد خميس رئيس لجنة الانتاج الصناعي والطاقة مشروعي الخطة والموازنة وجهود الحكومة لتحقيق التوازن الممكن بين نسبة العجز والنمو المتوقع ومراعاة البعد الاجتماعي الذي يحرص عليه الرئيس مبارك. وقال خميس: انه لا مجال لتمصير الأزمة العالمية لانها بدأت من الدولة الغربية وانتقلت لكل دول العالم ومنها مصر والتي كانت أقل البلاد تأثرا بها. وطالب بسرعة انفاق ال 15 مليارا التي حصصتها الدولة للحد من آثار الأزمة المالية وإضفاء حماية علي الصناعة المصرية ضد الإغراق.. واوضح في هذا الصدد أن الدول الغربية ألغت طلبيات من المصانع بالمليارات التي ستجد طريقها إلي الدول النامية ولابد من فرض ضرائب كبيرة عليها لحماية الصناعة المصرية.