في الوقت الذي يشتد فيه الجدل في أعقاب ترنح العملاق الأخضر ابان الأزمة المالية العالمية انتهزت دول مثل الصين وروسيا الفرصة لمطالبة المجتمع الدولي علي هامش اجتماعات دول العشرين الكبري الأخيرة بضرورة التفكير في تكوين نظام مالي عالمي جديد لايعتمد علي مبدأ القطب الأوحد وضرورة تغيير عملة الاحتياطي الدولي إلي عملة أكثر استقرارا خصوصا وبغض النظر عن دوافع هذه الدعاوي التي تعبر عن صراع القوي العالمية ورغبتها في الحصول علي جزء من راية القيادة المالية والنقدية في الاقتصاد العالمي بعد الأزمة. "الأسبوعي" طرح القضية علي الخبراد لرصد أرائهم حول هذه الأحداث. أكد الخبراء أن الأزمة المالية العالمية وما صاحبها من تقلبات سياسية علي الصعيد العالمي يؤكد أن تغيرات ستطرأ علي النظام الاقتصادي العالمي معتبرين أنه من الصعب في الوقت الحالي الاقدام علي تغيرات في عملة الاحتياطي الدولي علي الرغم من كون تذبذب الدولار من مسببات الأزمة إلا أن تغييره ليس حلا في الوقت الراهن. يذكر أن الدولار الأمريكي هو العملة الرسمية في الولاياتالمتحدةالأمريكية ويساوي مائة سنت كما يذكر أن العملة عالميا تكون مغطاة بقيمتها ذهبا لاعطائها الثقة حيث يجب أن يكون مغطي بقيمته ذهبا، إلا أنه في الواقع لا أحد يستطيع أن يثبت ذلك فقد امتنعت الولاياتالمتحدةالأمريكية منذ فترة ليست بالقصيرة عن استبدال الدولار الأمريكي بما يعادل قيمته ذهبا، مع أن سعر الذهب يباع عالميا بالدولار، وسعر الذهب "أونصة الذهب" تحدد حسب سعر البورصة وتقيم بالدولار فالولاياتالمتحدةالأمريكية رفعت الغطاء الذهبي عن الدولار عام ،1973 وذلك عندما طالب رئيس جمهورية فرنسا شارل ديجول استبدال ما هو متوافر لدي البنك المركزي الفرنسي من دولارات أمريكية بما يعادلها ذهبا ومنذ عام 1973م. انخفضت القيمة الحقيقية للدولار الأمريكي حوالي 40 مرة حتي انهار الدولار في نهاية عام 2007 وقبل بداية عام 2008 ووصل إلي ادني مستوياته في التاريخ وذلك بسبب الأزمة المالية وازمة الرهن العقاري حيث سجل اليورو مستوي قياسيا أمام الدولار في شهر مارس وصل إلي 1.60 وسجل الجنيه الاسترليني أكثر من 2 دولار وهبط الدولار دون الفرنك السويسري لأول مرة بالتاريخ ووصل الدولار إلي ادني مستوياته في 13 عاما أمام الين دون 97 ينا وهبط أيضا أمام جميع العملات العالمية.. وبعدما عصفت الأزمة المالية في الولاياتالمتحدة وافلست الكثير من الشركات الضخمة والتي اثرت سلبا علي الدولار انتقلت الأزمة بعد ذلك إلي القارة الأوروبية وبريطانيا وبذلك اصبحت الأزمة عالمية وليست أمريكية فحسب اثرت سلبا علي اليورو والجنيه الاسترليني وذلك من شهر يوليو 2008 والذي شهد ايضا انخفاض سعر البترول عن السعر القياسي للبرميل ووصل اليورو في شهر أكتوبر 2008 إلي ادني مستوي منذ عامين ونصف العام عند 1.24 دولار ووصل الجنيه الاسترليني إلي ادني مستوي في 6 أعوام عند 1.55 دولار ولكن الدولار واصل انخفاضه امام الين الياباني إلي أدني مستوي في 13 عاما ثم عاود صعوده مجددا خلال شهري فبراير ومارس 2009 وهو الأمر الذي أرق الاقتصاد العالمي ونشط الدعاوي التي انطلقت بضرورة تغيير عملة الاحتياط لتجنيب الاقتصاد العالمي المتذبذب الحادث. الاحتياطي الدولي يؤكد الدكتور عبد الرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان أن تغيير عملة الاحتياطي الدولي سيحدث في التوقيت المناسب وذلك وفقا للمستجدات التي ستطرح نفسها علي الساحة خلال الفترة المقبلة معتبرا أن العالم يعيش حالة من الترقب الشديد لما ستفرزه الأزمة من نظام مالي جديد معتبرا أن الدولار ليس من مسلمات الحياة التي يجب أخذها في الاعتبار دون أي حساب.. واعتبر جاب الله أن الظروف ايضا هي التي جعلت الدولار يتربع علي العرش علي مدار هذه السنوات منذ تبني قاعدة الذهب واستمرار العمل بها حتي عام 1971 ومنذ ذلك الحين والدولار، بحسناته وسيئاته تربع علي عرش النظام النقدي العالمي. نظام وضعت ركائزه في نهاية الحرب العالمية الثانية من خلال مؤتمر عقد في بريتون وودز، بريطانيا وتمخض عن ذلك المؤتمر إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي واعتماد قاعدة الذهب المعيارية في تقويم العملات، ومن ضمنها الدولار المرتبط آنذاك بها واستفادت الولاياتالمتحدة كثيرا من كون الدولار عملة معيارية دولية. أضاف أن الحفاظ علي الدولار كعملة أولي لا يمكن أن يستمر إلي الأبد. فالدول تشعر بأن الأمريكي ينفق علي حسابها ويستخدمها رهينة الودائع الدولارية التي تحتفظ بها. وهذا ما جعل رئيس وزراء الصين يرفع الصوت عاليا أخيرا سائلا الأمريكيين عن مصير استثمارات بلاده في السندات الحكومية الأمريكية.