وسط أجواء ساخنة في اجتماعات وزراء مالية الدول العشرين الكبري التي عقدت في واشنطن فرضتها القضايا التي أثيرت حول إجراءات احترازية عالمية خاصة بالتصدي لأي بوادر أزمات مالية جديدة تلوح في الأفق من جديد وحفاظا علي ما تم من التعافي جاءت الدعوة التي أطلقتها هذه الدول لفرض ضرائب عالمية علي البنوك وتكوين صندوق احتياطي عالمي يكون بمثابة جبهة انقاذ للدول الاعضاء. تؤيد الولاياتالمتحدة وبعض دول أوروبا الغربية فرض ضريبة عالمية علي البنوك ورغم ذلك تواجه تلك الدول معارضة قوية من قبل الدول النامية تتقدمها قوي صاعدة مثل الهند التي تري أن فرض الضرائب قد يضعف جهود تنمية قطاعها المصرفي ولم يقتصر الأمر علي ذلك بل سكب خبراء صندوق النقد الدولي مزيدا من الزيت علي النار حيث اقترحوا فرض ضريبتين منفصلتين علي البنوك، احداهما ضريبة ثابتة علي جميع الشركات المالية، والأخري علي أرباح البنوك. أما الصورة في مصر فكانت أكثر جدلا، فبينما انقسمت الآراء بين مؤيد لفرض ضريبة عالمية علي البنوك لمواجهة أي آثار أزمة مالية عالمية قادمة تبرز آراء معارضة أخري تري في فرض هذه الضريبة فوائد للدول الكبري فقط، كما أن الدول النامية لم تكون مصدرا للأزمات حتي تدخل في مثل هذا الصندوق. بوتقة واحدة من جانبها، تؤكد الدكتورة فائقة الرفاعي وكيل محافظ البنك المركزي السابق أن انفتاح الاسواق مع بعضها يتطلب تكوين وسيلة للتعاطي مع أي بوادر أزمة مالية قد تلوح في الافق خاصة أن الآثار في أعقاب حدوث أي أزمة تنطوي علي الجميع حيث تنصهر في بوتقة واحدة وبالتالي يجب ألا نبحث عن مصدر الأزمة بقدر ما نبحث عن وسيلة عالمية ينخرط الجميع تحت رايتها في وقت الأزمات. قالت الرفاعي إنه ينبغي التعامل مع فكرة إنشاء صندوق دولي لمواجهة الأزمة بأنه بنظرة أكثر شمولية فهو ليس فقط تجمعا ماليا عالميا بقدر ما هو اتحاد قوي قد يساعد علي المزيد من التعاون بين اللجان الفنية الدولية مثل لجنة بازل، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلي فوائد كثيرة ستعم علي جميع الاطراف في النظم المصرفية والمالية حيث يساعد ذلك في الاطلاع علي تجارب الآخرين والاستفادة منها. أشارت إلي أن الوقت الراهن يمثل انطلاقة لترسيخ مفهوم الشفافية والافصاح عالميا مع الأزمات والاعتراف بالمسئولية بدلا من البحث عن مصدر الأزمة وإلقاء اللوم عليه، فالجميع متأثرون وبالتالي يجب الاستفادة من دروس الماضي والعمل علي حل أي مشكلات انبثقت عن هذه الأزمات، وباكورة هذا التعاون العالمي هي إنشاء هذا الصندوق من ضريبة عالمية تفرض علي أرباح البنوك. وتعود الرفاعي بالذاكرة إلي أحداث عام 2008 حيث انفجرت الأزمة المالية العالمية وظلت أصوات كثيرة ولفترة معينة تبرز الأزمة كونها أزمة اقتصادية وليست أزمة مالية نقدية وهو ما ساعد علي التأخر التعافي والوصول إلي نقطة الاتزان. ليست كافية وتشاركها الرأي بسنت فهمي الخبيرة المصرفية ومستشار بنك البركة مصر التي دعت الدول النامية إلي عدم الغرور بأنها ليست مصدرا للأزمة المالية العالمية حيث إنه علي الرغم من الاصلاحات التي شهدتها أنظمتها المالية خلال السنوات الأخيرة فإنها في حقيقة الأمر ليست كافية وأن الضرورة تحتم مزيدا من الشفافية والافصاح في التعامل مع القضايا، حيث إنه مازال أمامها مزيد من الصعاب والعقبات التي يجب التعامل معها بنوع من الحزم وعدم التسويف حيث مازالت أنظمتنا المالية تعاني ضعف رءوس الأموال وغياب قواعد الحوكمة في البنوك والمؤسسات المالية جمعاء بالاضافة إلي سيطرة بيزنس العائلة علي الأجواء وبالتالي نحتاج إلي مزيد من الوقت.. وفرض ضريبة عالمية علي البنوك من شأنه أن يقلل من أي تأثيرات لأي أزمة مالية عالمية قد تظهر خلال الفترة المقبلة وبالتالي فلا سبب لأي امتعاض تبديه الدول النامية بها الشأن خاصة أنها قد تكون مصدرا للازمات خلال الفترة المقبلة فمازال أمامنا في الاقتصاد المصري كثير من المعوقات ويكفي أن عجز الموازنة يمثل 8% من الناتج المحلي الإجمالي ويكفي اننا تأخرنا في تطبيق معايير بازل 2 منذ بداية الإصلاح المصرفي عام 2004 وها نحن في عامنا السادس ومازلنا ننتظر تأهيل البنوك للتعاطي مع المعايير الجديدة.