الكل يتساءل متي ستنتهي الأزمة المالية ومتي ستخرج الأسواق من حالة الركود؟ هل تريدون معرفة الإجابة.. ببساطة الإجابة في بورصات الأوراق المالية، فعندما ترون أن الأسواق بدأت في التماسك والصعود وزادت سيولتها فهذا معناه أن الأزمة أوشكت علي الانتهاء، لأن أسواق المال تسبق الأداء الاقتصادي، والسبب أن أسعار الأسهم تتحرك طبقا للتوقعات المستقبلية لمؤشرات الاقتصاد الكلي وأرباح الشركات وبالتالي فالتحليل الفني يسبق التحليل المالي بتوقع تغيير الاقتصاد لدورته من الركود إلي الانتعاش، وبالتالي تتحرك الأسعار صعودا. ونشر موقع "ياهو" علي الإنترنت تحليلا عن استخدام البورصات كمؤشر لحدوث نهاية دورة الكساد في الاقتصاد أشار فيه إلي أنه خلال عام 1990 كان لبورصة الولاياتالمتحدةالأمريكية الحظ الأوفر في التنبؤ بحالة الاقتصاد علي غالبية المؤسسات الاقتصادية الأخري مما جعلها الشعار الجماعي لملايين المستثمرين للخروج من الأزمة العالمية الراهنة. وفي ظل أسوأ انكماش اقتصادي عرفه العالم فإن استرداد الأسهم عافيتها سيكون مؤشرا ايجابيا علي تفادي الأزمة الحالية خاصة في ظل توقعات المستثمرين التي تحمل شيئا من الثقة في ظل الوقت الحالي. واتجهت كثير من المؤسسات المالية بل الأسر إلي تخفيض الانفاق الرأسمالي لها بدرجة كبيرة علي حساب زيادة عدد اسهمها الأمر الذي يكون بمثابة دفعة قوية للمستثمرين لتفادي الأزمة في الفترة المقبلة. ويقول "فريدرك ميشيكن" أستاذ الاقتصاد في الولاياتالمتحدةالأمريكية إن النظرة التقليدية للأسهم تعد مؤشرا علي أن تقدم الاقتصاد سوف يقع علي عاتق المستثمرين بالإضافة إلي حجم الأعمال التجارية والربحية، ويضيف "فريدرك" أن العلاقة الوطيدة بين سوق الأوراق المالية والاقتصادية من شأنها أن تعطي مؤشرا ايجابيا علي نمو الاقتصاد في هذه الفترة العصيبة. وتوضح مؤشرات السوق أنه خلال ما يقرب من 11 عاما والركود الاقتصادي في تزايد حيث هبط مؤشر داو جونز خلال الفترة من 1991 إلي 2001 بنسب متفاوتة إلا أنه في عام 2001 حدث هبوط للمؤشر بطريقة مرعبة حيث فقد المؤشر عام 2001 ما يعادل 2000 نقطة وأطلق الخبراء علي هذا الهبوط "فضيحة سوق الأوراق المالية" والآن اتجاهات المستثمرين تنصب علي إعادة رفع قيمة الأسهم مرة أخري لأن ذلك يؤدي إلي ازدهار الاقتصاد من جديد، فكلما ارتفعت قيمة الأسهم تحققت المكاسب الكثيرة وخرجت المؤسسات المالية من الركود الاقتصادي الذي أصابها. والآن العديد من المستثمرين في حالة اضطراب منذ قمة أكتوبر الماضي عندما هبط داو جونز إلي النصف ومازال هبوط المؤشر مستمرا إلي الآن، وزاد اضطرابهم أن قيمة الأسهم الحالية لم تعد مقياسا للربحية علي المدي الطويل. ويؤكد "بن برنانكي" رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" أن مواقف المستثمرين تعكس المخاطر لديهم وعدم التأكد من الأمر الذي أصبح في تزايد كبير الآن. ويشير إلي أن الكثير من عمليات عدم التأكد أصبحت تتعلق بالبنوك فالمستثمر أصبح لا يعرف هل يستثمر البنك أمواله أم سيفشل، لذلك لابد أن تتولي الحكومة أو علي الأقل تشارك في عملية الائتمان بالإضافة إلي فرض الرقابة علي البنوك، ومن ثم أصبحت توقعات المستثمرين متشائمة بشأن تحقيق الأرباح. ونتيجة لعدم ثقة المستثمرين في البنوك أخذت أسهم البنوك تتقلب في نطاق واسع، حيث يقوم المستثمرون الآن بدور المتفرج لمعرفة ماذا ستفعل الحكومة تجاه البنوك. وما الذي سيترتب علي أدائها لو فعلت وهل ستأخذ في الاعتبار المؤسسات المالية المتسببة في أزمة الائتمان العالمية، كل هذه أسئلة راودت المستثمرين وجعلتهم في حيرة من أمر الحكومة الأمريكية. وللخروج من الأزمة التي تواجهها البنوك عرض وزير الخزانة الأمريكي "جيسنر" علي غرار أسلافه السابقين، حيث انخفض مؤشر داو جونز بعدها بمعدل 4،6%، وأرجع الخبراء فشله إلي ضعف الأموال المخصصة لرسملة المصارف أو أنها لم تمثل القدر الكافي الذي يقتنع به المستثمرون. وأشار الاقتصادي "إيثان هاريس" إلي أن البورصة أصبحت معيارا أساسيا لواضعي السياسات في التعامل مع أزمة الائتمان مؤكدا أن هذا عصر البورصة لانعاش الاقتصاد وسيكون هذا المعيار علي قدر كبير من الاهتمام خلال الفترة المقبلة. ويضيف "هاريس" أن استرداد الأسهم عافيتها سيكون دليلا واضحا علي إعادة الثقة لدي المستثمرين في نمو الاقتصاد مرة أخري، مؤكدا أن سوق الأوراق المالية يهدف إلي خدمة المواطن الأمريكي المتوسط، كأسلوب بسيط لإعادة الثقة الاقتصادية لديه، ويختتم حديثه قائلا كلما سيطر الارتفاع علي سوق الأوراق المالية فتوقع المزيد من الثقة وانتعاش الاقتصاد. وأكد الواقع أن التغيرات في أسعار الأسهم هي المحرك الأساسي لثقة المستهلكين في الاقتصاد ارتفاعا وانخفاضا وتفسير ذلك أنه عند ارتفاع قيمة الأسهم يعطي ذلك شعورا لدي حاملي الأسهم بأنهم الأكثر غني أما في حالة انخفاض الأسهم يشعرون بأنهم الأقل فقرا وبالتالي فإن التغيرات في أسعار الأسهم هي التي تتنبأ بمستقبل الأفراد إما تفاؤلا أو تشاؤما. وتؤكد دراسة أعدتها "ماريان وورد" بجامعة ميشجان أن التغيرات في أسعار الأسهم أصبحت تؤثر علي سلوك الكثير من المستهلكين والأسر سواء كانوا حاملي أسهم أو غير ذلك مؤكدين أنها أصبحت هي المعيار الأساسي لتحديد الأجور. وفي كلمة ألقاها "آلان جرينسبان" رئيس البنك المركزي الأمريكي السابق أوضح خلالها تأثير أسعار الأسهم علي سلوك العديد من الشركات وذلك من خلال الدراسة التي أجراها عام 1950 حيث خلصت الدراسة إلي وجود شركات غيرت آليتها متأثرة بتغير أسعار الأسهم. وقام "جرينسبان" مؤخرا بتحديث التحليلات المستخدمة في الدراسة السابقة ووجد أن هناك شركات عديدة خفضت الإنفاق الرأسمالي لها متأثرة بتغير أسعار الأسهم، ويشير إلي أن استرداد سوق الأوراق المالية لعافيتها يحتاج إلي دفعة كبيرة عن طريق تراجع الاقتصاديين من خوفهم تجاه اقتراح الحلول لتفادي الأزمة وهذا يعد نقطة التحول الجوهرية للأزمة المالية الراهنة. وفي تعقيب ل "جرينسبان" عن أحداث الأزمة الراهنة قال إننا مررنا بكساد اقتصادي كبير عام 1982 مما دفع البنك المركزي الأمريكي إلي تخفيض أسعار الفائدة لمحاربة التضخم ثم صعدت الأسهم بعد ذلك. وينهي "جرينسبان" حديثه قائلا علي الرغم من الأنباء الاقتصادية السيئة حولنا وانتقاد بعض الاقتصاديين لما أقوله، فأنا أتوقع انتهاء الأزمة الطاحنة في نوفمبر المقبل.