كان رجب اردوغان رئيس وزراء تركيا حديث العالم في الايام الاخيرة بعد ان انسحب من مؤتمر دافوس بعد ان لقن شيمون بيريز درسا في السياسة والاخلاق وفضح امام العالم جرائم اسرائيل في غزة.. استطاع أوردغان ان يلفت نظر العالم وان يطرح قضية غزة ومأساة شعبها امام العالم من تحد سافر للوحشية الاسرائيلية.. لقد استحق اردوغان اكثر من وسام علي هذا الموقف ولهذا كان استقبال الشعب التركي لرئيس وزرائه مظاهرة حية في التقدير والعرفان.. اننا نعلم ان هناك علاقات قوية وقديمة بين تركيا واسرائيل، ومشروعا للتعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين وهناك جالية يهودية مؤثرة في تركيا.. هذا بجانب ان علاقة تركيا بالغرب فيها حسابات كثيرة.. ولهذا لم يكن غريبا ان ينتفض فصيل من العلمانيين الاتراك رافضا موقف اردوغان من بيريز.. ولكن المؤكد ان حكومة اردوغان لها توجهات اسلامية ووطنية واضحة وتربطها مواقف مؤيدة لحركة حماس، وقد لعب اردوغان دورا كبيرا في أحداث غزة، ولهذا فإن موقف اردوغان يعود بالدولة التركية الي الساحة العربية بصورة مؤثرة ومباشرة.. ان هناك تاريخا طويلا بين العالم العربي والاتراك والدولة العثمانية حكمت العالم العربي مئات السنين، كما ان الغرب يحفظ ذكريات طويلة عن حروب الاتراك في اوروبا ونشر الاسلام فيها وكيف تجمعت قوي الغرب وانهت الخلافة العثمانية.. ان الغرب يذكر كل هذا التاريخ ولكن الواضح الان ان تركيا تسعي لان يكون لها دور ما امام الغياب العربي وهو شيء مؤلم.. لقد غاب العرب في العراق وظهرت ادوار تركيا وايران.. وغاب العرب في المياه الاقليمية العربية في البحر الاحمر وكان الوجود الغربي.. وغاب العرب في الصومال وجاءت السفن الحربية الغربية تحمي المياه الدولية رغم ان الاحق بذلك كله هم العرب.. وفي دارفور وجنوب السودان والحرب في جنوب لبنان لم يكن العرب هم اصحاب القرار ولكن كانت هناك اطراف اخري، ولهذا كان موقف أردوغان وهو ينسحب من مؤتمر دافوس ويطيح برئيس الدولة العبرية موقفا عظيما.. واعتذر رئيس الوزراء الاسرائيلي واذاع الاعلام التركي نص المحادثة التي اعتذر فيها رغم ان اسرائيل انكرت هذا الاعتذار.. في السياسة وفي كل شيء في هذه الحياة البشر هم الذين يحددون مواقفهم وقيمتهم وادوارهم.. وحين يهون الانسان علي نفسه يهون علي الاخرين.. والشيء المؤكد ان امة العرب هانت علي نفسها وهانت علي الاخرين.