انسحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من منصة إحدى ندوات منتدى "دافوس" الاقتصادي في سويسرا احتجاجاً على منعه من التعليق على مداخلة مطولة للرئيس الصهيوني شمعون بيريز بشأن الحرب الصهيونية على غزة. وترك أردوغان مقعده غاضباً وغادر المنصة بعدما احتج على منعه من الكلام. وكان أردوغان قد خاطب قبل ذلك بيريز رداً على بعض ما جاء في مداخلته بشأن العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة، قائلا: "سيد بيريز أنت أكبر مني سنا وقد استخدمت لغة قوية أشعر أنك ربما تشعر بالذنب قليلا لذلك ربما كنت عنيفا، أنا أتذكر الأطفال الذين قتلوا على الشاطئ وأتذكر قول رئيسي وزراء من بلدكم إنهما يشعران بالرضا عن نفسيهما عندما يهاجمان الفلسطينيين بالدبابات". وأضاف "أشعر بالحزن عندما يصفق الناس لما تقوله لأن عددا كبيرا من الناس قد قتلوا، وأعتقد أنه من الخطأ وغير الإنساني أن نصفق لعملية أسفرت عن مثل هذه النتائج". ولم يترك مدير الجلسة أردوغان يتم رده على بيريز وقاطعه أكثر من مرة خلال حديثه، فانسحب رئيس الوزراء التركي بعد أن خاطب المشرفين على الجلسة، قائلا "شكراً لن أعود إلى دافوس بعد هذا، أنتم لا تتركونني أتكلم وسمحتم للرئيس بيريز بالحديث مدة 25 دقيقة وتحدثت نصف هذه المدة فحسب". كما قال أردوغان في مؤتمر صحفي مقتضب عقب انسحابه إن بيريز أورد في مداخلته أشياء غير صحيحة عن العدوان الصهيوني على قطاع غزة. وقال أردوغان إنه تحدث 12 دقيقة خلال المنتدى كما تحدث الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى بدوره 12 دقيقة، غير أن بيريز تحدث 25 دقيقة، ولما طلب التعقيب عليه منعه مدير الجلسة. وأوضح أن الرئيس الصهيوني كان يوجه كلامه إليه في عدة مرات ويلتفت إليه ويتحدث بأسلوب "مناف للروح العامة التي سادت اللقاء"، مشيراً إلى أن مدير الجلسة منعه من الرد على بيريز وكان يرفع صوته من حين لآخر.
تركيا بأكملها تشيد باحتجاج أردوغان
وعن ردود الأفعال داخل المجتمع التركي أشاد رئيس الجمهورية التركي عبد الله غول بانسحاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من منتدى دافوس غاضبا، بعد منعه من التعليق على مداخلة الرئيس الصهيوني شمعون بيريز حول العدوان الأخير على قطاع غزة. وقال غول في تصريحات صحفية "إذا كان هناك إساءة لرئيس الوزراء التركي فلا ينتظر أحد السكوت عليها أو تجاهلها"، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان رد على الإساءة وقام بما هو الواجب عليه فعله. وأضاف غول أن تركيا دولة كبيرة وذات أهمية بالغة في المنطقة، وتسعى دائما للأمن والسلام، مؤكدا أن على الجميع أن يعرف هذه الحقيقة ويستفيد منها. وقال: "إن كان هناك من لا يرغب في الاستفادة من الدور التركي فهو وشأنه." كما أشاد عدد من وزراء الحكومة التركية ورؤساء الأحزاب والمنظمات المدنية باحتجاج أردوغان بالمعايير المزدوجة للقائمين على منتدى دافوس، ورده على مزاعم الرئيس الصهيوني ودفاعه عن ضحايا غزة. وقال وزير التعليم التركي حسين تشيليك إن احتجاج أردوغان كان في مكانه، بينما أفاد وزير البيئة التركي فيسال أروغلو بأن ما قام به رئيس الوزراء التركي ما هو إلا تعبير عن مشاعر الشعب التركي. وأما وزير الطاقة التركي حلمي غولر فوصف انسحاب أردوغان من منتدى دافوس ب"الاحتجاج على الظلم والمعايير المزدوجة"، في حين ذكر وزير الدولة التركي المسئول عن الاقتصاد محمد شيمشك أنه فخور بموقف الرئيس الوزراء التركي. وفي تعليقه على الحدث، أشاد رئيس السعادة التركي نعمان كورتولمش بما قام به أردوغان، مطالبا إياه بعدم التراجع من موقفها ومؤكدا أن حزبه سيدعم الحكومة مع الشعب التركي فيما كل ما هو لصالح فلسطين. وقال رئيس اتحاد الغرف التجارية والبورصات التركي رفعت هيسارجيكلي أوغلو في بيان له: "إن موقف رئيس وزراءنا عبر في دافوس عن مشاعرنا جميعا"، مؤكدا أن أردوغان وقف بجانب الحق والعدل في عالم يعتبر القوي محقا. كما أيد رئيس نقابة "حق-إيش" للعمال ساليم أوسلو في بيان أصدره انسحاب رئيس الوزراء التركي من منتدى دافوس، مشيرا إلى أن أردوغان كان في دافوس صوت الأمة التركية والإنسانية، وأنه وقف موقفا مشرفا في رده على مزاعم الرئيس الصهيوني.
ترحيب عربي وإسلامي وتأثير كبير في أوربا
وعن ردود الأفعال خارج تركيا فقد رحبت الشعوب العربية والإسلامية بتصرف أردوغان وخرجت مظاهرات تدعيم في فلسطين، ووصفت صحيفة بريطانية ما حدث من انسحاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان من المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس عقب سجال ساخن مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بأنه شجار دبلوماسي أحدث صدمة عنيفة. وذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن المشرف على تنظيم المنتدى كلاوس شوب سارع للتأكيد على ما سماه "روح دافوس" بعد أن قال أردوغان إنه لن يعود مرة أخرى إلى المنتجع السويسري. واعتبرت الصحيفة أن الحادثة من أكبر الهزات التي يتعرض لها حدث كرّس لما وصفه شوب "بالتفاهم الطبيعي" بين الأمم. وكان أردوغان قد انسحب من منصة إحدى ندوات منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا احتجاجا على منعه من التعليق على مداخلة مطولة لبيريز بشأن الهجوم الإسرائيلي على غزة. وأنحى الزعيم التركي -الذي كان يجلس بجوار البروفسور كلاوس شوب أثناء مؤتمر صحفي عقد بعد ذلك السجال- باللائمة في انسحابه على رئيس الجلسة ديفد إيغناتيوس كاتب العمود الشهير بصحيفة واشنطن بوست الأميركية, لعدم السماح له بالتعقيب على تعليقات بيريز حول الحرب التي شنتها إسرائيل أكثر من ثلاثة أسابيع على قطاع غزة. وزعمت الصحيفة أن إيغناتيوس حاول التربيت على كتف أردوغان بعد أن تجاوزت كلمته الزمن المحدد مما حدا برئيس الوزراء التركي إلى رده بيده. ونسبت الصحيفة إلى كل من الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ومشارك آخر لم تكشف عن هويته, التصريح لها بأن إدارة الندوة "لم تكن عادلة فعلا". من جانبها نقلت صحيفة ذي ديلي تلغراف عن أردوغان القول –في المؤتمر الصحفي الذي دعي إليه على عجل- "إننا بهذه الطريقة التي تدار بها مثل هذه المنتديات لن يتسنى لنا الخروج بالنتائج التي جئنا جميعا من أجلها إلى دافوس, وستلقي بظلالها على جهود تحقيق السلام." وقد كشفت وكالة الأناضول للأنباء التركية في وقت لاحق أن بيريز اتصل هاتفيا بأردوغان معتذرا عما حدث.
كذب صهيوني وتأكيد تركي
وعلى الصعيد نفسه فقد أكد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز قد اتصل به هاتفيا ليبلغه اعتذاره عن الموقف الذي دعا أردوغان للانسحاب من منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، بينما نفت الرئاسة الصهيونية حدوث هذه المكالمة. واعتبرت الصحف الصهيونية حادثة مغادرة أردوغان منتدى دافوس غاضبا وما تلاها من تفاعلات دبلوماسية بمثابة "أزمة دبلوماسية عابرة، غير مرشحة للتصعيد". ونقلت صحيفة "حريت" التركية عن أردوغان تأكيداته خلال مؤتمر صحفي عقده في إستانبول بعد عودته من دافوس، أن الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز اتصل به وقال: إنه "يأسف جدا لهذا الحادث"، وأضاف أردوغان أنه تم تسجيل هذا الاتصال الهاتفي. وقالت وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية التركية إن بيريز اعتذر هاتفيا لأردوغان في محادثة استغرقت خمس دقائق، وفي اتصاله قال بيريز: "أنا آسف جدا لما حدث، إلا أن الأصدقاء قد يحدث بينهم بعض المشادات والمساجلات، إنني دائما أكن كل الاحترام للجمهورية التركية ولرئيس وزرائها"، بحسب ما ذكرته الأناضول. وقالت صحيفة "هاآرتس" الإسرائيلية إن بيريز أضاف: "إنني أعتبر نفسي صديقا لتركيا، ولرئيس الوزراء أردوغان". وحول ارتفاع حدة صوت بيريز خلال مساجلته مع أردوغان خلال الجلسة التي شهدت انسحاب الأخير من منتدى دافوس، ذكرت إذاعة "سي.إن.إن تركي" أن بيريز أبلغ أردوغان أن العلاقات بين تركيا وإسرائيل "علاقات حيوية"، وأضاف بيريز أن صوته قد ارتفع "ليس لأنه غاضب، ولكن لكي يكون صوته مسموعا بشكل أفضل". إلا أن الصحف الإسرائيلية تناقلت تصريحات لمتحدث باسم الرئاسة الإسرائيلية نفى فيها "بشدة" أن يكون بيريز قد اتصل بأردوغان للاعتذار له عما حدث في دافوس. وانسحب أردوغان غاضبا من إحدى جلسات منتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا، احتجاجا على عدم إعطائه الفرصة للرد على كلمة مطولة للرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز برر فيها المجزرة الإسرائيلية في قطاع غزة. حتشد آلاف الأتراك في مطار أتاتورك بمدينة إستانبول صباح اليوم الجمعة لاستقبال رئيس الوزراء التركي. وحمل المحتشدون الأتراك الأعلام التركية والفلسطينية ولوحوا بلافتات كتب عليها "مرحبا بعودة المنتصر في دافوس" و"أهلا وسهلا بزعيم العالم"، ورددوا شعارات مناوئة لإسرائيل . وعقب وصوله ، قال أردوغان في مؤتمر صحفي في المطار: "شعبنا ينتظر نفس رد الفعل من أي رئيس لوزراء تركيا". وأضاف: "القضية قضية تقدير لبلادي ومكانتها، لذلك كان من الواجب أن يكون رد فعلي واضحا، لم أكن لأسمح لأحد بتسميم هذه المكانة خاصة كرامة بلادي". مواجهة علنية وفي تعليقات الصحف الإسرائيلية حول الحدث قالت صحيفة "هاآرتس": "إن محاولة تخفيض التوتر بين تركيا وإسرائيل بسبب عملية الرصاص المصبوب تحولت مساء يوم الخميس إلى مواجهة علنية بين الرئيس شيمون بيريز وبين رئيس وزراء تركيا في منتدى دافوس الاقتصادي". وأكدت الصحيفة أن الأزمة الجديدة تأتي في إطار البرود الذي شاب العلاقات بين البلدين بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي استمر لمدة 22 يوما، وما أعقبها من انتقادات حادة وجهها أردوغان لإسرائيل، ولاسيما رئيس الوزراء إيهود أولمرت. أما صحيفة "معاريف"، فقد ذهبت لأبعد من ذلك في تعليقها على هذه الحادثة؛ حيث اعتبرت أنها زادت من حدة التوتر في العلاقات بين تل أبيب وأنقرة. وأضافت الصحيفة أن بيريز تهرب من تساؤلات طرحها عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية حول موقف إسرائيل من عملية السلام في الشرق الأوسط، وركز خطابه للرد على كلام أردوغان بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. وذكرت الصحيفة أنه كان من المقرر أن يجرى لقاء اليوم الجمعة بين أردوغان وبيريز على هامش المنتدى، بهدف تخفيض حدة التوتر بين البلدين بسبب عملية الرصاص المصبوب، إلا أنه ألغي بسبب هذه الحادثة. من وسيط.. لعدو أما "يديعوت أحرونوت" فقد أشارت إلى أن هذه الحادثة تسببت في أزمة دبلوماسية أخرى بين إسرائيل وتركيا، واستطردت الصحيفة: إن أردوغان الذي نسج خلال السنوات الأخيرة "علاقات طيبة للغاية" مع إسرائيل، وقام بدور الوسيط بين سوريا وإسرائيل، تحول في الآونة الأخيرة إلى ألد أعدائها الدبلوماسيين، مشيرة إلى تصريحاته الحادة بشأن الحرب على غزة. ودعا أردوغان في وقت سابق لإبعاد إسرائيل عن الأممالمتحدة لمخالفتها قوانين مجلس الأمن الدولي الذي انتقده أردوغان على "سلبيته" إزاء ما يجري في قطاع غزة من مجازر، التي وصفها أردوغان ب"نقطة سوداء في تاريخ الإنسانية". ففي لقاء جمع بينه وبين قيادات حزبه "العدالة والتنمية" في العاصمة أنقرة يوم التاسع من يناير الحالي، طالب أردوغان مجلس الأمن بمعاقبة إسرائيل، وقال في الاجتماع: "الصمت الدولي في وجه تحدي إسرائيل للقرارات الدولية غير مقبول، ويجب على مجلس الأمن أن يفرض عقوبات على إسرائيل لردعها عن الاستمرار في العدوان". كما رفضت الحكومة التركية طلبات من السفير الإسرائيلي لدى أنقرة، لترتيب زيارات لكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني، ما لم يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقالت وزارة الخارجية التركية ردا على طلب ليفني زيارة تركيا لشرح مبررات الحرب على غزة: "إذا كان هذا هو سبب الزيارة فلا تأتي"، بحسب ما ذكرته صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية في حينه. وبحسب ما نشرته صحيفة (زمان) التركية وقتها، فإن رد فعل الخارجية التركية توافق مع رفض أردوغان الرد على اتصال هاتفي من أولمرت؛ احتجاجا على العدوان على غزة.