أظهر استطلاع للرأي أن اقتصاد أغلب دول الخليج العربية سينمو في 2009 بأبطأ معدلاته منذ بدء الطفرة النفطية قبل ستة أعوام مع خفض إنتاج الخام وتأثر القطاعات غير النفطية بالأزمة المالية العالمية. وأوضح استطلاع آراء 11 اقتصاديا أنه من المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي الحقيقي في السعودية والامارات والكويت دون مستوي 3% العام القادم مع تضرر النشاط في المنطقة بالركود العالمي وتشديد الظروف في أسواق الائتمان. وخفض الاقتصاديون أغلب توقعات النمو في الخليج بأكثر من النصف منذ آخر استطلاع لآرائهم في يولية الماضي حيث دفعت الأزمة المالية كثيرا من الاقتصادات الكبيرة ومنها الولاياتالمتحدة واليابان وألمانيا إلي الركود. وقال "جون سفاكياناكيس" كبير الاقتصاديين في بنك ساب في الرياض والذي شارك في الاستطلاع الذي أجري في الفترة من السابع حتي الحادي والعشرين من ديسمبر الحالي أن المنطقة لم تنفصل عن الرياح المعاكسة التي يواجهها الاقتصاد العالمي مشيرا إلي أن الخليج أكثر اعتمادا علي ايرادات تصدير النفط مما كان الناس يتصورون وأكثر مما صوروا أنفسهم". ومنذ يولية انهارت أسعار النفط من مستوي قياسي تجاوز 147 دولارا للبرميل لتصل لأقل من 34 دولارا للبرميل الاسبوع الماضي مع تضرر الطلب علي النفط من الركود العالمي مما أجبر منظمة أوبك علي الالتزام بخفض الإنتاج بمقدار 4.2 مليون برميل يوميا. وبالنسبة لأكبر منطقة مصدرة للنفط في العالم سيكون لتخفيضات الإنتاج أثر حاد علي النمو الاقتصادي العام القادم. وأظهر الاستطلاع أن الحجم المجمع لاقتصادات الخليج سيتقلص من 1.05 تريليون دولار هذا العام إلي 934.5 مليار دولار العام القادم. وأوضح متوسط التوقعات أن النمو الحقيقي في السعودية والبالغ 2.4% سيكون أبطأ توسع لاقتصاد أكبر مصدر للنفط في العالم منذ 2002. ومن المنتظر أن يتوسع الاقتصاد السعودي بنسبة 4.9% هذا العام بعدما نما بحوالي 30% منذ عام 2002 حين بدأ صعود سعر النفط الذي أتاح للخليج ضخ عائدات نفطية كبيرة في مشروعات استهدفت تقليص اعتماد دول المنطقة علي سعر النفط المتقلب. وكشف الاستطلاع أن من المنتظر تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في دولة الامارات العربية المتحدة إلي2.7% العام القادم من 6.8% في2008 وهو أبطأ نمو لثاني أكبر اقتصاد عربي منذ عام 2001. وسيتفاقم أثر التباطؤ المفاجئ في الامارات من خلال سلسلة من تخفيضات الوظائف في امارة دبي التي تعاني من تصحيح للسوق العقاري أضر بالطلب في قطاعات الخدمات والتجزئة والسياحة. وقال جياس جوكنت كبير الاقتصاديين في بنك أبو ظبي الوطني إن مدي التباطؤ في النشاط الاقتصادي في القطاع غير النفطي في أنحاء الخليج سيكون عنصرا أساسيا يستدعي المتابعة. وأضاف جوكنت أن من المحتمل أن يشهد الانفاق الاستثماري للشركات الخاصة تباطؤا أيضا العام القادم لكنه سيبقي مساهما بصورة ايجابية في الناتج المحلي الإجمالي. ومن المتوقع أن تشهد قطر وهي أكبر مصدر في العالم للغاز الطبيعي المسال أسرع نمو لناتج المحلي الإجمالي العام القادم بنسبة 9.5% لكن ذلك يبقي أقل من النمو بنسبة تزيد علي 12% في 2007 و2008. وقالت مؤسسة سامبا المالية في مذكرة بحثية هذا الشهر إن قطر أقل تعرضا من باقي مصدري النفط الخليجيين للتغييرات في أسعار النفط حيث إن صادراتها المتزايدة من الغاز الطبيعي المسال تعتمد علي عقود أسعار طويلة الأجل. وأظهر متوسط خمسة استطلاعات أن الايرادات الاجمالية للخليج من تصدير النفط والغازستتراجع بنسبة 38.8% العام القادم إلي 376.3 مليار دولار بعدما قفزت بنسبة 42.2% هذا العام. وأما في الكويت التي تعتمد بقوة علي صادرات النفط أكثر من أي دولة خليجية أخري فسيتراجع النمو الاقتصادي إلي 2.5% من 5.5% هذا العام وهو أدني معدلاته منذ عام 2001. وفي حين تبدو حكومات الخليج متجهة للحفاظ علي توسع ميزانياتها لتخفيف أثر الركود العالمي إلا أن القطاع الخاص يسحب بالفعل استثمارات بسبب القيود علي التمويل. وقالت شركة "ريو تينتو" الاسبوع الماضي إنها لن يمكنها تمويل حصتها البالغة 49% في مشروع الومنيوم سعودي مشترك. وقال الاقتصاديون إن الجانب المضيء في التوقعات المتشائمة للنمو الاقتصادي الاقليمي يتمثل في تراجع التضخم الذي أشير إليه في استطلاع يولية باعتباره السحابة الكبيرة التي تخيم علي نمو المنطقة. وأظهرت بيانات يوم السبت الماضي أن التضخم العماني تراجع للشهر الثاني في أكتوبر إلي 12.6% وأظهر الاستطلاع أن من المتوقع أن يتوسع اقتصاد عمان بنسبة 6.4% هذا العام قبل تباطؤ معدلات النمو إلي 4.2% في 2009 في حين سيزيد الناتج المحلي الإجمالي للبحرين بنسبة 6% هذا العام قبل تراجع النمو إلي 3.5% العام القادم.