ثلاثة مشاهد تعرض لها سوق الحديد خلال الأيام الماضية جميعها تشير إلي تفاقم الأزمة ووصول الأسعار إلي مستويات جنونية رغم التراجع الطفيف الذي شهده السوق مؤخرا، لكن إذا ما قورنت هذه الأسعار، بالأسعار العالمية تبين مدي الفارق الشاسع بين الأسعار المحلية والعالمية. خلال الأيام الماضية تحولت العديد من منافذ البيع في المحافظات إلي ساحة للمشاجرات بين المستهلكين للحصول علي احتياجاتهم من حديد، ولعل ما حدث في مدينة المنصورة مازال عالقا بالذاكرة فيما تحولت المنافذ إلي عمليات عسكرية بين المستهلكين للحصول علي الحديد. لم يكن هذا المشهد هو الوحيد بل اتجه عدد كبير من المواطنين خاصة في القري لشراء الحديد بكميات كبيرة وتخزينه في الأراضي الزراعية خشية عودته للارتفاع، وقبل هذا وذاك كانت الشائعات التي اطلقها البعض من "مافيا" الحديد باحتمالات حدوث ارتفاعات جديدة علي غرار ما وصلت إليه الأسعار خلال أغسطس الماضي فيما اخترقت حاجز 7 آلاف جنيه وهو ما أدي إلي تكالب المستهلكين علي عملية التخزين. ربما تبادل الاتهامات بين الأطراف سواء المنتجين أو الموزعين والتجار أو حتي المستهلكين ساهم وبشكل كبير في تفرق دماء الحديد وضياع المسئولية بين الأطراف الثلاثة .. ليضيع في النهاية المتهم الرئيسي في عملية التعطيش في السوق. حملات مكثفة ورغم توالي الحملات علي كبار الوكلاء وتجار وموزعي الحديد والتي أسفرت عن تحرير 231 جنحة ضد كبار الوكلاء كما تم التحفظ علي ألفي طن بقيمة 8،2 مليون جنيه، بالإضافة إلي تحرير 96 محضرا ضد أصحاب مستودعات حديد تسليح نتيجة عدم الإعلان عن الأسعار، وحيازة حديد تسليح بدون فواتير، وعدم الاحتفاظ بسجلات حركة البيع والشراء، وأيضا 54 محضرا ضد تجار امتنعوا عن البيع للجمهور و25 محضرا تم تحريرها ضد التجار نتيجة البيع بأعلي من السعر المعلن من قبل الشركات المنتجة إلا أن كل هذه الإجراءات لم يكن لها الانعكاسات القوية لإيقاف الصعود الجنوني لأسعار الحديد، خاصة وأنها لم تكن المرة الأولي التي تتم فيها عمليات الضبط. ورغم أن أصابع الاتهامات تشير إلي المنتجين في عملية رفع الأسعار بهدف زيادة هامش الربح إلا أن المنتجين أنفسهم يرفضون هذه الاتهامات ليتحملها التجار، والذين لا يقبلون أيضا مثل هذه الاتهامات، ليبقي بذلك المستهلك الذي يقوم بعمليات التخزين غير المبررة، مما يؤدي إلي زيادة الطلب مع ندرة المعروض لتكون بذلك الكارثة في الأسعار. 150 شكوي ربما ما يؤكد مدي الأزمة تعدد البلاغات ووصول عدد الشكاوي المقدمة لحركة "مواطنين ضد الغلاء" علي حد قول محمود العسقلاني رئيس الحركة نحو 150 شكوي ضد العديد من المنتجين، ولعل ما يؤكد ذلك الجنحة المحررة ضد أحد كبار المنتجين والمقيدة برقم 301 لسنة ،2008 وذلك نتيجة لمخالفة القوانين ومنها المواد ،2 ،4 ،5 24 الخاصة بقانون حماية المستهلك، وكذلك مخالفة القانون 453 لسنة 54 المعدل بالقانون 359 لسنة 56 و177 لسنة 81 بشأن المنشآت التجارية، وأيضا المادة 7 من القانون 63 لسنة 1950 فيما يتعلق بالتسعيرة الجبرية. ورغم قيام الجهات الرقابية بالتحفظ علي الكميات المضبوطة لدي أحد التجار 1148 طنا، إلا أنه قام بالتصرف في هذه الكميات دون علم النيابة. ،قال إن منتجي وتجار الحديد تحولوا إلي "مافيا" بعدما ساهموا في جنون أسعار الحديد ووصولها لمبلغ 7 آلاف جنيه للطن، رغم أن السعر بالخارج لا يتجاوز 3 آلاف جنيه، خاصة بعد الأزمة المالية وانعكاساتها علي الأسواق وأسعار المواد الخام ومنها البليت المستخدم في تصنيع الحديد. وتساءل قائلا "لماذا لا يتم زيادة عدد الموزعين إلي 60 موزعا عن كل شركة لايقاف الممارسات الاحتكارية التي يقوم بها العديد من التجار والمنتجين، خاصة إذا ما كانت أسعار الحديد منخفضة ومرشحة لمواصلة الانخفاض عالميا". إذن ما يشهده السوق المحلي يتجاوز كل حدود القوانين ويحتاج إلي رقابة مشددة لإيقاف هذه المهازل علي حد وصفه. ويكفي 30% كهامش ربح حسب تعبيره بدلا من مضاعفة هذا الربح الذي يتم من خلال الشائعات وعدم الافصاح فيما يتعلق بالشراء والبيع.