لقد أصبح لفقاعة الديون الأمريكية أصداء يمكن سماعها بعيداً جداً عن وول ستريت، ففي الهند سرت عدوي النزعة الاستهلاكية بين الناس حتي صارت الطبقة الوسطي الهندية مثقلة بالديون التي لا تعرف كيف سيمكن سدادها وسط الأزمة المالية العالمية الراهنة، وتقول مجلة "تايم" إن جوراف ريجي - 30 عاماً - مدير شاب لفندق يقع عند سفوح جبال الهيمالايا وإنه مع شيوع عدوي النزعة الاستهلاكية قام بالحصول علي قرض ذي فائدة متغيرة منذ عامين ليستثمره في العقارات، ومع ارتفاع أسعار الفائدة وتقييد الائتمان في الهند قفزت مدفوعاته الشهيرة إلي مستوي لا يمكن احتماله كما اضطر إلي إلغاء خططه للحصول علي ماجستير إدارة الأعمال لأن القروض التي تمنح للطلاب أصبحت مكلفة هي الأخري، وفي نفس الوقت تقلصت قيمة وعوائد محفظة الأسهم التي يحتفظ بها هو وزوجته الجديدة بسبب تقلبات البورصة الهندية - ويقول ريجي إننا اصبحنا نفي بالتزاماتنا ونعيش الآن بالكاد ولا أحد يعرف ماذا سيحدث لنا إذا استمر عدم الاستقرار المالي وساءت الأوضاع أكثر من ذلك. ومثل ريجي وزوجته هناك الآن آلاف الهنود الذين يعانون مثل نظرائهم الأمريكيين من إنهيار قطاع الإسكان وأصداء الأزمة المالية، فخلال السنوات الخمس الأخيرة قدمت البنوك وشركات المال الهندية باقة ذات طابع غربي من الوسائط المالية لاغواء ابناء الطبقة الوسط علي الاقتراض، وبدأ هؤلاء بالفعل يتعودون علي بطاقات الائتمان وقروض المستهلك ويضعون الخطط لشراء السيارات والغسالات وقضاء العطلات عن طريق الاقتراض، ويقول البنك المركزي الهندي أن حجم القروض الشخصية في الهند قد تضاعف بين عام 2005 وعام 2007 ليصبح 106 مليارات دولار وإن صناعة بطاقات الائتمان في الهند تنمو بمعدل 30% سنوياً في المتوسط. ويقول آلام سرينيفار مؤلف كتاب "المستهلك الهندي" إنه كانت هناك تعبئة في اتجاه خلق ثقافة الوفرة غير الرشيدة وأن أحداً لم يكن يتصور أن تسوء الأمور علي نحو ما هو حادث حالياً، ولكن الآن جاء وقت الحساب فالطبقة المتوسطة الهندية تعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة حيث يبلغ معدل التخضم السنوي 13% والديون تتزايد تكاليفها بسبب ارتفاع أسعار الفائدة حتي إن نافيبتج سينج وهو من العاملين في القطاع العقاري بولاية هاريانا الشمالية أصبح مضطراً للاقتراض من الأقارب والأصدقاء ليدفع أقساط قرض قيمته 15 ألف دولار لأن أسعار الفائدة علي هذا القرض ارتفعت من 9% لتصبح 12% علي الرغم من إنه أخذ القرض لشراء منزل يسكنه. وتقول أرقام مجلة "تايم" إن الطبقة المتوسطة الهندية أصبح قوامها الآن 90 مليون شخص منهم 20 من 30 مليون شخص غارقون في ديون لا يستطيعون سدادها، وقد انعكس هذا علي محافظ البنوك الهندية. HSBC أن بطاقات الائتمان لا تستخدم في مدفوعات التجزئة إلا بنسبة 2% فقط من جملة تجارة التجزئة الهندية ومع ذلك فإن المشكلة تؤثر سلبياً علي بعض القطاعات مثل صناعة وتجارة السيارات فنحو 80% من تجارة السيارات الهندية يتم تمويلها عن طريق القروض لذلك لم يكن غريباً أن تعلن تاتا موتورز عن انخفاض مبيعاتها في أغسطس الماضي بنسبة 3% بالمقارنة مع مبيعات أغسطس ،2007 أما شركة ماروتي سوزوكي فقد انخفضت مبيعاتها في ذات الشهر بنسبة 9%، وقد أعلن كامال ناث وزير التجارة والصناعة الهندي أخيراً أن معدل النمو الاقتصادي في البلاد سينخفض إلي 7 - 8% هذا العام بعد أن كان أكثر من 9% في العام الماضي. ورغم أن ناث وغيره من المسئولين الهنود لا يرون بأساً من انخفاض معدل النمو ويبشرون بأن ذلك سيؤدي إلي انخفاض معدل التضخم إلا أن الناس التي تعاني من أزمة الائتمان لا تصدق ما يقال.