إذا كان بعض البنوك اكبر من ان يفلس فان رقم 600 تريليون دولار اكبر من ان يكون محل شك. وتقول مجلة "نيوزويك" إن هذا الرقم جاء في تقارير اخبارية عديدة باعتباره يمثل القيمة الاجمالية لسوق المشتقات التي انفجرت لتحدث مثل هذا التأثير المرعب والمنذربالخطر. وفي ظل الاضطراب المخيف الذي يجتاح وول ستريت فان قلة فقط هم الذين توقفوا امام هذه الظاهرة ليتساءلوا عن سر تضاعف سوق هذه المنتجات المالية الغامضة بنسبة 400% في غضون الفترة من عام 2002 حتي الآن بحيث انها اصبحت تساوي 12 ضعف قيمة الاقتصاد العالمي كله. أو ليستاءلوا كيف يمكن لأي سوق ان تحقق مبيعات يبدو امامها اجمالي دخل دول العالم مجتمعة كقزم؟! ودعونا نقول اولا رقم 600 تريليون دولار قد اصبح رقما قديما لانه يخص قيمة سوق المشتقات في نهاية عام 2007 ورغم ان الارقام الرسمية لم يتم الكشف عنها بعد فان التقديرات تكشف عن نمو حجم هذه السوق ليصبح الآن 668 تريليون دولار علي الاقل، وان كان معظمها لا يمثل نقودا حقيقية. وعموما فان هذه السوق اخطر كثيرا مما قد نتصور لانها ببساطة هي التي صنعت الازمة المالية العالمية التي نخوض فيها الآن. والمشتقات كما يعني اسمها هي اشياء تستمد قيمتها من شيء آخر، وهذا الشيء الآخر قد يكون سهم شركة جنرال موتورز اوسند مورجان ستانلي أو ما شابه ذلك وفي حالة المشتقات المعروفة باسم "CREDIT DEFAULT SWAP" "CDS" وهي بمثابة وثائق تأمين ضد القروض المتعثرة نجد علي سبيل المثال أن صندوق التحوط الذي اقرض ساوث ويست ايرلاينز 10 ملايين دولار يوافق علي ان يدفع 1% سنويا أو 100 ألف دولار لاحد البنوك الاستثمار وبالمقابل فان بنك الاستثمار يلتزم بان يعطي صندوق التحوط المبلغ كاملا ل 10 ملايين دولار إذا افلست ساوت ويست ايرلاينز. بمعني انه إذا كانت الجائزة الكبري 100 مليون دولار وما تم بيعه من التذاكر 2 مليون تذكرة فإن هذا يعني ان قيمة الثروة المتداولة في هذا اليانصيب تساوي 200 تريليون دولار. ويضحك فيجلويسكي مؤكدا اننا حينما نقول ذلك فان كل الناس تعرف ان هذا كلام فارغ. وتقول مجلة نيويورك إن القيمة السوقية للمشتقات في مختلف انحاء العالم اي النقود الحقيقية التي تساويهما هذه المشتقات الآن في حدود 10 تريليونات دولار. وهذا رقم لا يزال كبيرا فهو اكبر قليلا من حجم الاقتصاد الامريكي كما انه ينمو بسرعة فسوق المشتقات كان يتضاعف حجمها مرة كل عامين أو ثلاثة خلال العقد الاخير وذلك له اسباب كثيرة، منها ان اجهزة الكمبيوتر المتقدمة جعلت من السهل ايجاد وتسعير المشتقات المعقدة ومنها ايضا استمرار ظهور عباقرة الرياضيات الكمية الذين تستعين بهم وول ستريت منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وبصفة خاصة من اجل ابتكار المنتجات المالية الجديدة والغريبة وقد سرت العدوي إلي جامعات حتي ان معظمها صارت لديها برامج للهندسة المالية "financial engineering".