عندما طرحت أسهم سيتيك بانك الصيني في البورصة لأول مرة منذ أيام تضاعفت أسعارها في بورصة شنغهاي في غضون ساعات قليلة وإن كانت قد زادت زيادة متواضعة في بورصة هونج كونج لم تتجاوز ال 14% ومع نهاية اليوم كانت القيمة السوقية لهذا البنك قد بلغت 49.2 مليار دولار أي مائة ضعف ما حققه من مكاسب في العام الماضي. وتري مجلة "نيوزويك" أن هذا استهلاك لم يحدث من قبل في أية بورصة عدا البورصة الصينية.. وقد أوضح ذلك أن المستثمرين الأجانب في بورصة هونج كونج أكثر تعقلا في تقييم هذا البنك الصيني علي حد قول دومينيك تشان المحلل المالي في CLSA بهونج كونج. ولاشك أن ما حدث مع بنك سيتيك يضاعف القلق من التصاعد الجنوني لأسعار الأسهم الصينية.. فمنذ سنوات قليلة فقط كانت البنوك الصينية في حالة اضطراب وكانت تعتبر إحدي نقاط ضعف المعجزة الصينية، ولكنها فجأة بعد تسجيلها في البورصة صارت أسهمها في كل محافظ الأسواق الناشئة.. وعلي سبيل المثال فإن بنك الصين الصناعي والتجاري صارت قيمته السوقية الاَن أكثر من 250 مليار دولار أي أكبر من القيمة السوقية لبنك أوف أمريكا. وفي بورصة هونج كونج التي تمثل شركات الصين الاَن أكثر من نصف قيمتها وتحتل فيها البنوك خانة عالية ارتفع مؤشر هانج سنج بنسبة 34% في عام 2006 ثم زاد 4% أخري منذ مطلع العام الجديد.. ومع ذلك فهذه زيادة لا تقارن بما يحدث في بورصتي شنغهاي وشنزهين.. فمؤشر بورصة شنغهاي زاد 37% منذ بداية العام حتي الاَن في حين قفزت زيادة مؤشر شنزهين إلي 85%، ويري خبراء بنك HSBC أن ما يحدث هو فقاعة يسببها إقبال صغار المستثمرين علي التعامل في البورصة. ويرصد المراقبون في الصين عدة ظواهر مهمة وهي قدرة البنوك الصينية والكبري منها بوجه خاص علي اجتذاب العديد من المستثمرين الأجانب كشركاء علي الرغم مما تتميز به هذه البنوك من عدم الشفافية وتصاعد الديون المتعثرة.. والظاهرة الثانية هي الإقبال الجنوني من صغار المستثمرين الصينيين علي التعامل في البورصة مغامرين أحيانا بتحويشة العمر في شراء أسهم شركات مشكوك فيها.. أما الظاهرة الثالثة فهي التفاوت الكبير في التقييم بين بورصة هونج كونج وبورصتي الصين الأم. ويقول ستيفن سون الخبير في بنك HSBC إن الصينيين يشترون ويبيعون الأسهم ليس علي أساس قواعد محسوبة وإنما استرشادا بما يسمعونه من أنباء البورصة التي تبث عبر الراديو أو غيره من أجهزة الإعلام الجماهيري. وتقول مجلة "نيوزويك" إن بنوك الصين تمثل الجزء الأكبر من فقاعة البورصة حاليا في الصين، فهذه البنوك معا اجتذبت حتي الاَن مستثمرين استراتيجيين دفعوا 20 مليار دولار ومن بينهم بنك أوف أمريكا وجولدمان ساكس وتيمازيك "الذراع الاستثمارية لحكومة سنغافورة" وذلك خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما جمعت أكثر من 60 مليار دولار أخري من خلال إصدارات الأسهم الأولية.. وقد طورت هذه البنوك أساليب عملها لتواكب خطوات اندماج الصين في الاقتصاد العالمي، وهذا انعكس علي أسعار أسهمها حتي أن قيمتها السوقية الاَن صارت تساوي حتي في بورصة هونج كونج ثلاثة أضعاف قيمة ما تملكه من أصول.. ولكن، هل البنوك الصينية جديرة حقا بهذا الرواج؟ واقع الأمر أن نتائجها بدأت في التباطؤ منذ منتصف عام 2006 بأسرع مما هو متوقع كما ضعفت أيضا قيمة أصولها وهذا ينذر بكارثة جماعية في حالة وصول الدورة الاقتصادية إلي مرحلة الانحدار. ولا يتوقف الأمر عند البنوك وحدها بل إن بعض الشركات تلجأ إلي خداع المستثمرين بأن تنسب لنفسها أنشطة لن تحدث أو علي الأقل مشكوكا في إمكان حدوثها مثل شركة هانجسيناو ستيل التي أذاعت أنباء عن تعاقدها مع حكومة أنجولا علي صادرات تبلغ قيمتها 4.4 مليار دولار تخص مشروعا ضخما للإسكان في أنجولا، وهذا رقم غير معقول لأنه يمثل 20% من إجمالي الناتج المحلي الأنجولي في عام وحوالي خمسة أضعاف جملة صادرات الصين السلعية إلي أفريقيا في عام ،2006 وقد أدت هذه العملية إلي إقبال الناس علي أسهم الشركة وهو أمر دفع السلطات الصينية إلي التدخل مرتين لتصحيح هذا الموقف الكاذب. ويبقي السؤال المهم وهو: كيف سينتهي هذا الموقف أو كيف ستعالج هذه الفقاعة؟ والرد ببساطة هو أن الفقاعة قد تتضاءل تدريجيا من تلقاء نفسها بعد حدوث تدخل حكومي يشدد الرقابة علي البورصة.. أما إذا تضخمت الفقاعة كما حدث لليابان في ثمانينيات القرن الماضي فإنها سوف تنفجر فجأة ذات يوم مضيعة الكثير من الثروات ودافعة كثيرا من الشركات إلي الإفلاس.