في حوار شامل وجريء تحدث الدكتور سامح الترجمان - رئيس مجلس إدارة شركة أوبيك لإدارة الأصول والرئيس السابق للبورصة المصرية ورئيس هيئة التمويل العقاري السابق عن جميع الجوانب المتعلقة بالأزمة المالية العالمية وتأثيراتها السلبية علي السوق المصرية. وقال الترجمان إن تداعيات وتأثيرات الأزمة بدون شك ستختلف من دولة إلي أخري مؤكداً أن هناك تغيرات جذرية سيشهدها النظام المالي العالمي قائلاً: أيضاً إن الحكومة المصرية ستلجأ إلي مراجعة الكثير من السياسات والإجراءات بما يتواكب مع الأهداف المطلوب تحقيقها. الدكتور سامح الترجمان قال إن المرحلة المقبلة قد تشهد مزيداً من الاهتمام بالأجهزة الرقابية لأن ما حدث بأسواق المال العالمية راجع في المقام الأول لضعف الدور الرقابي علي القطاعات المالية المختلفة وعلي رأسها القطاع المصرفي قائلاً: أيضاً إن النجاح الحقيقي للأسواق يكمن في وجود أجهزة رقابية قوية. * بداية نود التعرف علي أسباب أزمة الرهن العقاري وكيف كانت الشرارة التي أندلعت منها الأزمة المالية العالمية ليتحول معها من أداة للتمويل إلي كارثة علي الاقتصاد الأمريكي؟ ** د. سامح الترجمان: ترجع الأسباب الرئيسية لأزمة الرهن العقاري لتوافر سيولة ضخمة بالمؤسسات المالية ناتجة عن ضخ كلاً من منطقة الخليج والصين لحجم سيولة عالية بالسوق العالمية بعد الطفرة المالية التي حدثت، وفي ظل تقدم الهندسة المالية بدأت تلك المؤسسات في التفكير بسبل استغلال تلك السيولة بما يحقق أكبر فائدة مستغلين حالة الإقبال الشديد من الأمريكان علي شراء العقارات فبدأت بتقديم القروض لشريحة غير مقبولة من الناحية الائتمانية مقابل أسعار فائدة أعلي. بدأت المؤسسات المالية تتوسع في منح الائتمان وأنضمت معها البنوك إلا أن نسبة الهامش الزائد تراجعت وتم إدخال هذه الرهون في الهندسة المالية وبدأت عملية التوريق تبعها قيام مؤسسات بتضيق تلك الأوراق المالية وهو الأمر الأكثر خطورة. ومع حدوث مشاكل في السداد ظهر هجوم بيعي شديد وبدأت الأسواق في الأنهيار وحدث نوع من الضغط علي السيولة وأخذت البنوك في إغلاق أو إيقاف الكريدت. أخذت المؤسسات بعد ذلك في الإنهيار نتيجة أزمة السيولة حيث تعثرت العديد من المؤسسات المالية عالية الالتزامات في الحصول علي السيولة فسقط ليمان براذرز بينما أوشكت مؤسسات أخري علي الإفلاس. استشعرت المؤسسات والحكومات بعد ذلك خطورة الموقف مع ظهور حالة من الذعر في الأسواق وأخذت في بحث سبل لعلاج الأزمة بعد أن أكتشفت أن أخطر ما يواجه العالم حالياً هو "أزمة الثقة". * في رأيكم.. هل هناك تخوفات من تأثر الاستثمار في الدول النامية بوجه عام بالسلب نتيجة تراجع رؤوس الأموال والصادرات؟ ** د. الترجمان: مما لا شك فيه أن التأثير السلبي سيصيب العالم كله إلا أن درجة التأثر ستختلف من دولة نامية لأخري فمثلاً دولة مثل أيسلندا أصبحت تواجه شبه إفلاس بينما لم تصل دول أخري تلك المرحلة وانحصر التأثر فيها في شكل مشاكل اقتصادية. فنحن مازلنا في وسط الإعصار مما يصعب معه تحديد حجم التأثر أو توقعه ولكن من المؤكد أن هناك تغيرات جذرية في النظام المالي العالمي ستحدث خاصة بعد تأثر مصداقية العديد من المؤسسات والنظم. * هل هناك إجراءات وقائية لابد أن تتخذها الحكومة المصرية في الفترة المقبلة أم الأفضل الانتظار حتي تنتهي الأزمة تماماً؟ ** د. سامح الترجمان: أعتقد أن الحكومة المصرية تقوم في الوقت الحالي بدراسة جميع المعلومات المتاحة وأتوقع أن تتم مراجعة العديد من السياسات وحسمها في ضوء الأزمة لنري مدي إمكانية تحقيق بعض الأهداف ومنها إمكانية تحقيق نسبة النمو المستهدفة 7%. بالإضافة إلي أن الفترة المقبلة ستشهد الاهتمام بشكل أكبر بقوة الأجهزة الرقابية. * ما حدث بالسوق الأمريكية في عام 2001 من إنهيار أنرون للطاقة وتباطؤ أكثر شركة المحاسبة "أثر أند أندرسون" أظهر وجود نقص في الرقابة علي القطاع المالي بالولايات المتحدة، كيف يمكن الاستفادة من تلك التجربة فيما يتعلق بالرقابة؟ ** د. الترجمان: النجاح الحقيقي للأسواق يكمن في وجود أجهزة رقابية قوية تعي كيفية التعامل مع السوق وبالتالي عند بناء الأسواق لابد التأكد من وجود مؤسسات رقابية قوية بها كوادر وإمكانيات جيدة حيث لم يصبح الأمساس فقط وجود هذه المؤسسات الرقابية في السوق ولكن يجب أن تكون لديها القدرة علي اتخاذ قرارات تصحيحية والتدخل لكبح جماح الأسواق. وخاصة أنه في بعض الأحيان تخشي الأجهزة الرقابية - في أوقات الجموح الشديد - من التدخل بصورة أكثر قوة لعدم أحداث أثر عكس تتهم معه بالتسبب في إنهيار السوق.