ترصد "العالم اليوم" في هذا التحقيق آراء بعض من الخبراء المشاركين في اعداد التقرير لنقف علي رؤيتهم في أسباب التراجع الذي شهدته مصر مقارنة بالدول المحيطة رغم الجهود الاصلاحية التي يتم بذلها من جانب الحكومة والتي بدأت قبل مثيلاتها من الاصلاحات في دول عديدة سبقتنا حاليا في ترتيب التنافسية. أمينة غانم "مستشار وزير المالية وأحد الخبراء المشاركين في اعداد تقرير التنافسية "تؤكد أن ما رصده التقرير من تراجع في العديد من المؤشرات لا يقلل من الاصلاحات التي تقوم بها الحكومة المصرية ولكنه يشير إلي أن خطي الاصلاحات لدينا مازالت أقل بكثير مما يتم في الدول الأخري والتي تسير بخطي أسرع بكثير من مصر. فالتقرير يقوم بمقارنة الأوضاع في مصر مع مثيلاتها من دول العالم ورغم أننا بالفعل نتحسن وهناك اصلاحات تتم إلا أن الدول الأخري خطي الاصلاح بها أسرع فالعالم كله يتنافس الآن للاستفادة من فرص العولمة وبالتالي فإنه يسعي لوضع الاصلاحات التي تجعله مهيئا للوضع بشكل جيد علي الخريطة التنافسية العالمية وتضيف أمينة غانم أن مشكلة مصر تكمن في أمرين أساسيين هما. أولا: أن التعليم لا يقوم بتأهيل الخريجين لمتطلبات سوق العمل العالمية وهذا مع العلم بأن أي صناعة تريد أن تنافس اليوم لابد أن تكون علي مستوي من الجودة يؤهلها لذلك، وهو الأمر الذي يتوقف بدوره علي العمالة التي ستقوم بالإنتاج. فالعمالة المصرية حتي اليوم ليست مؤهلة للإنتاج بنفس الجودة المتواجدة في السوق العالمي. ولهذا لابد أن يتم البدء بخطة عاجلة لاصلاح التعليم لكي يكون قادرا علي افراز العمالة التي تستطيع أن تنافس العمالة الأخري في مستوي جودة السلع المنتجة. أما المشكلة الثانية التي كشف عنها التقرير فهي أن القطاعات التي تحقق نموا لدينا هي القطاعات التي تحتاج لعمالة مدربة مثل الصناعة والتشييد والبناء والاتصالات والخدمات المالية والمصرفية والسياحة.. فكلها قطاعات تنمو ولكن في المقابل مازال لديها 40% تقريبا هي نسبة الأمية المنتشرة بين الشعب المصري، ولذلك فإن السؤال الآن هو هل ال60% الباقية تعد مؤهلة للعمل في تلك القطاعات التي تنمو؟! بالطبع لا. فنحن يوجد لدينا الآن نمو يولد فرص عمل ولكنه يريد كفاءات معينة لايستطيع التعليم افرازها. وهو الأمر الذي يأتي في الوقت الذي نجد فيه القطاعات الأخري التي يمكن أن تستطيع استيعاب العمالة الأقل جودة مثل الزراعة تنمو ببطء فهي تنمو بمعدل أقل من 8%. ولهذا فإن المطلوب أن يتم وضع سياسة تعليمية بحيث يستطيع الكافة العمل في القطاعات التي تنمو وتحتاج لفرص عمل كما يجب الاهتمام بالقطاعات الأخري التي تستوعب أكبر قدر من العمالة. وفيما يخص ماتضمنه التقرير حول الدين العام والتضخم وانخفاض مكانة مصر علي هذا المؤشر فإن أمينة غانم تؤكد أن نقاط الضعف الرئيسية في المحفظة المالية لمصر هي عجز الموازنة العامة وارتفاع معدلات الدين العام وقيود الموازنة، فالعجز في الموازنة ومعدلات الدين المحلي مرتفعة من الناحيتين المطلقة والنسبية مقارنة بالدول النامية فمصر لاتزال لديها أحد أسوأ المعدلات المالية في العالم. وتشير إلي أنه بالرغم من أن العجز المالي لمصر قد انخفض من 5.9% في 2003/2004 إلي 5.7% في 2006 /2007 إلا أنه لايزال عاليا ويظل الأكبر بين الدول الأخري في المنطقة مثل المغرب وتونس وليبيا والجزائر وسوريا وتركيا والسعودية. وكذلك فإن الدين المحلي يشهد منذ عدة سنوات انخفاضا ملحوظا من جراء النمو القومي وقد انخفض صافي الدين المحلي لقطاعات الموازنة من 5.72% في يونيو 2005 إلي 4.65% في يونيو 2007 ومع ذلك فإنه يعتبر أكبر من ضعف معدلات الدين الإجمالي لدول أخري مثل الهند والمغرب والبرازيل والمكسيك وتونس. فقيود الموازنة كبيرة مما يحد من المساحة المالية المتاحة لادخال التحسينات اللازمة في قطاعي الصحة والتعليم وهما قطاعان مهمان يؤثران علي تمكين العمالة المصرية، فوجود سكان أصحاء ومزودين بالتعليم والمهارات التي تمكنهم من رفع إنتاجيتهم يزيد من تنافسية الاقتصاد. فالموازنة في مصر تتسم الآن بعدم المرونة في مجالات عديدة مما يقيد من المساحة المالية للموازنة بمعني أنه لا توجد مجال أو مساحة حرية في الموازنة تتيح للحكومة انفاق الموارد علي القطاعات ذات الأولوية دون تعريض موقفها المالي للمخاطر. يأتي ذلك في الوقت الذي تتحرك فيه الدول المناظرة إلي الأمام حيث حققت تركيا علي وجه الخصوص تحسنا في الانضباط المالي وهو ما انعكس في وجود فوائض أساسية كبيرة خلال السنوات الأخيرة وكذلك تقوم المغرب منذ فترة بمواجهة الضعف الهيكلي في النفقات الحكومية عن طريق ترشيد الممارسات المستخدمة في التوظيف بالخدمات المدنية.