العديد من الخبراء اكدوا ان بعض أمراض العشوائيات اصبحت مزمنة ولاسيما ان الحكومة تركت تلك المشكلة حتي تفاقمت.. بل انها ساهمت في تفاقم تلك المشكلة بتوصيل المرافق إلي بعض المنازل المخالفة، وتواطؤ المحليات احيانا علي المباني غير المرخصة لاسيما بعد تفشي الفساد في بعض الادارات الهندسية في المحليات مؤخرا ورغم ان اسباب العشوائيات واضحة في المجتمع ومنها الهجرة غير المنظمة من الريف إلي المدينة والبناء فوق الاراضي الزراعية وغياب القانون في بعض المناطق المهمشة إلا ان هناك علاجا لتلك الظاهرة كي تتحول المناطق العشوائية أو البؤر المهمشة إلي فرص استثمارية لكن بشروط. هذا ما نحاول استعراضه في هذا التحقيق. أسباب المشكلة د. محمد النجار استاذ الاقتصاد بجامعة بنها يشير إلي ان السبب الرئيسي في تفشي ظاهرة العشوائيات ان المجتمع في طلب متزايد علي السكن نتيجة النمو السكاني بالاضافة إلي الهجرة من الريف إلي المدن خاصة القاهرة أو من الصعيد إلي القاهرة أو إلي عواصم الاقاليم، مضيفا ان الاسكان في مصر في الاغلب الاعم شأنه شأن أمور عديدة لا يخضع لتخطيط محكم ولا لرؤية استراتيجية حيث قام المواطنون بحل مشاكلهم السكانية في ظل غياب دور الدولة بطريقتهم الخاصة وبالتالي قاموا بالبناء دون تراخيص في مناطق تسمح ظروفهم المادية بالبناء فيها أو استئجارها وقامت الدولة في نفس الوقت بتوصيل المرافق إلي هذه الاماكن وبناء عليه خف العبء عن الدولة التي لا تريد هذه الأعباء ولا تريد ان تشغل بالها بهؤلاء السكان. ويوضح النجار ان مصطلح العشوائيات يعني امرا ما لا ينخضع للنظام ولا التخطيط أو التدبير أو أي استراتيجية، مشيرا إلي ان هناك قصورا من الدولة في عملية التخطيط وتوفير المساكن الملائمة الصالحة للسكن في ظل زيادة الطلب المتنامي علي السكن نتيجة الزيادة في عدد السكان من ناحية ومن جهة أخري تزايد معدلات الهجرة الداخلية مع تركز هؤلاء المهاجرين دائما علي حواف المدن فيما يسمي بعلب الصفيح. وينوه النجار إلي ان العشوائيات بإمكانها تفسير ظواهر عديدة منها غياب دور الدولة واعتماد سكان العشوائيات علي حل أمورهم بطريقتهم الخاصة بالاضافة إلي تركز مظاهر العنف في هذه الاحياء سواء كان العنف هذا لاسباب دينية أو اجتماعية، كما اصبحت هذه المناطق بؤرا للفساد في ظل غياب دور الدولة. مضيفا ان الكارثة الاكبر تتمثل في عدم قدرة المحليات علي عمل حصر لهذه المناطق حيث لا يمكن قراءة مستوي الدخول ولا انماط الاستهلاك ولكن يمكن معرفة مثلا ان مستوي اساس معظم السكان هزيل، أو ان نوع المباني متدن لكنهم في نفس الوقت قد يستطيعو تناول اللحوم والدواجن اكثر من خريجي الجامعة وقد ينفقو علي افراح أبنائهم ببذخ إلي جانب البند الاساسي المصروف علي "المزاج" والجلوس علي المقاهي ولكن في نفس الوقت مساكنهم ليست علي المستوي المطلوب سواء من حيث المباني أو المرافق. منوها إلي ان العشوائيات ليست فقط امراضا اجتماعية وعدم وجود رقابة مجتمعية أو سلوك عشوائي غير منضبط وانما هي في النهاية قيم وأخلاق تربي عليها الفرد منذ البداية. ويري النجار ان الحل لهذه المشكلة يكمن في ضرورة التغيير في الرؤي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي انماط القيم والسلوك والعادات والتقاليد والمعتقدات السائدة لدي المجتمع وذلك من خلال استراتيجية كاملة لدولة وماعدا ذلك يعد ترقيعا يؤجل اعلان المشاكل ولا يلغيها مؤكدا انه وبعد فترة قصيرة سوف تظهر مشكلة أخري بدويقة أخري بمجلس شوري آخر.