السنوات العجاف المقبلة علي العالم كله بدأت مؤشراتها في الظهور والتراكم مما أدي إلي ارتفاع مفاجئ وشديد في أسعار المواد الغذائية ضمن سلسلة طويلة من الارتفاعات في السلع الاستراتيجية وفي مقدمتها البترول الذي بدأ الحديث عن إمكانية وصول سعر البترول الي 120 دولارا في وقت قريب. منذ سنوات قليلة كان وصول البترول الي 100 دولار للبرميل مجرد خيال يهدد به الاقتصاديون والسياسيون اذكر انه قيل شن حرب العراق لاسقاط نظام صدام حسين كان المحللون يحذرون تحذيرات شديدة من وصول سعر برميل البترول بسبب الحرب وكنتيجة لها الي 60 دولارا وكان الرقم وقتها مخيفا يثير القشعريرة في الأبدان. الآن البرميل يتراقص سعره علي حافة المائة دولار يوما يزيد دولارا وآخر ينقص دولارا ويتوقع الخبراء ان يقفز فجأة إلي 110 دولارات وما فوقها. برميل البترول يدخل في منظومة الانتاج العالمي من كل شيء بدءا من الغذاء وحتي سفن الفضاء وبالتالي فان الارتفاع في أسعار البترول رفع سقف الأسعار الي مستويات قياسية ومنها اسعار المواد الغذائية التي التهبت أسعارها العالمية نتيجة ارتفاع اسعار البترول من ناحية ونتيجة الخلل في انتاج المحاصيل من ناحية الكميات. افادت تقارير موثوقة ان مساحات الاراضي الزراعية تتقلص علي نحو غير مسبوق حول العالم وخاصة في الدول المنتجة للحبوب مثل الاتحاد الروسي والصين كما أن المياه مصادرها تتعرض للندرة ولسوء الجفاف في مناطق كثيرة من العالم مما يقلل حجم المعروض وتزداد حدة الأزمة مع الزيادة المطردة في السكان. طبعا لن يستسلم الانسان بسهولة للسنوات العجاف المقبلة وتدور حلقة متسارعة من الصراع بين الجوع وبين اكتشاف بدائل للموارد الناضبة مثل البترول والكوارث الطبيعية مثل الجفاف. العلماء يبحثون في الاستعانة بمصادر طاقة بديلة اقتصادية تعزز القدرة علي مواجهة نقص البترول وارتفاع اسعاره الجنوني وقد أثارت تجربة تحليق طائرة جامبو بواحد من محركاتها يعمل بوقود عضوي الخيال بامكانية انتاج مثل هذا الوقود بكميات اقتصادية ولكن مما يؤسف له ان الوقود العضوي يعتمد هو الآخر علي انتاج المحاصيل كقاعدة للهرم الغذائي من ناحية ولانتاج الوقود العضوي من جهة أخري. يسعي علماء آخرون الي التحكم في "الجينة" النباتية التي تسبب جفاف النبات حين تقل المياه وهذه الأبحاث التي حققت نتائج أولية تؤكد انه في الامكان انتاج نبات معدل وراثيا بحيث يمتص ثاني اكسيد الكربون أكثر ويحتاج الي مياه أقل. والمهم عندنا.. كيف سيكون الحال في السنوات العجاف التي ستصل حتما قبل ان يتمكن الانسان من هزيمة الطبيعة ولو في معركة توفير الغذاء.