أثارت نتائج تقرير التنافسية الخامس للمجلس الوطني المصري للتنافسية والتي كشفت عن احتلال مصر للمركز قبل الاخير ال 130 من بين 131 دولة التي تعرض لها التقرير وذلك في مؤشر كفاءة سوق العمل واحتلت المركز ال 126 من ال 131 وفقا لمؤشر جودة التعليم. الفجوة الكبيرة بين المناهج التعليمية واحتياجات ومتطلبات سوق العمل صارت الشغل الشاغل لجميع قطاعات المجتمع، والتقت العالم اليوم الخبراء والمتخصصين لالقاء الضوء علي هذه المشكلة الشائكة: يقول د. فرج عبدالفتاح استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ان النتائج التي خلص اليها تقرير التنافسية واحتلال مصر مرتبة متأخرة بسبب تدهور الكفاءة الانتاجية لسوق العمل هما نتاج ثقافات اجتماعية اثرت علي القوي العاملة وطريقة تكوينها مما ادي لحدوث اختلالات هيكلية علي عملية العرض والطلب للعمالة سواء في كمية العمالة المطلوبة أو المعروضة حيث نجد ان داخل التخصصات المختلفة خللا هيكليا بمعني ان بعض الشركات تعلن حاجتها عن عمالة ذات مهارات معينة ولكنها تعجز عن ايجاد هذه النوعية المطلوبة علي الرغم من توافر عمالة تنتظر في طوابير البطالة. ويؤكد عبدالفتاح ان هذا الخلل الهيكلي يظهر واضحا في نوعية المنتجات التي تنتجها مصانعنا ويكفي القول بأن السلع عالية التقنية تمثل نسبة ضئيلة جدا من حجم انتاجنا وصادراتنا مقارنة بدول اخري سواء عربية او اجنبية ومنها علي سبيل المثال تونس وتركيا. ويؤكد عبدالفتاح اهمية التدخل القوي من قبل الدولة لحل المشكلة والاهتمام بالمعاهد الفنية المتخصصة وتغيير النظرة المجتمعية لها وذلك بالتعاون بين الحكومة ووسائل الاعلام والاسر المصرية. وكذلك فلابد من النظر لخريجي المعاهد الفنية في الكادر الحكومي او الخاص باعتبارهم في نفس مستوي كادر خريجي الجامعات، علاوة علي ضرورة اضافة تخصصات جديدة بهذه المعاهد ومراعاة احتياجات سوق العمل وربطها بهذه الاحتياجات. الثقافة السائدة تبدأ د. هالة السعيد الرئيس التنفيذي للمعهد المصرفي المصري واستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة حديثها بالتأكيد علي اهمية تبني القطاع الخاص انشاء اكاديميات ومعاهد متخصصة والاستثمار في مجال التعليم بهدف خدمة احتياجاتهم من العمالة الفنية والكوادر المؤهلة، مشيرة الي ان ذلك يدخل في اطار المسئولية الاجتماعية لرجال الاعمال. وتؤكد هالة السعيد حتمية تغيير الثقافة السائدة في المجتمع والتي تسيء النظر الي المعاهد الفنية حيث ان الاهالي يضغطون علي ابنائهم للالتحاق بالكليات والجامعات وفي حالة الالتحاق بالمعاهد الفنية يكون رغما عن ارادة الطالب ولذلك سيأخذ الامر دون اتقان او اهتمام حقيقي ولابد من دعم وتشجيع التعليم الفني لانه عنصر اساسي في قيام العديد من الصناعات. وتلفت هالة السعيد الي ان متطلبات سوق العمل سريعة وتحتاج لكفاءات وخبرات معينة وهناك فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل علي الرغم من ارتفاع نسبة البطالة. وتؤكد اهمية تسلح الطالب بالمهارات والخبرات التي يحتاجها سوق العمل وذلك يتطلب تعديل المناهج الدراسية واضافة مواد وانشطة جديدة ولكن ذلك يجتاج الي فترة طويلة والبديل السريع الان يكون من خلال الدورات التدريبية المتخصصة، وبالفعل بدأت بعض الكليات في عقد مثل هذه الدورات. وتضيف ان سوق العمل يحتاج الي خريجين اصحاب مهارات شخصية وفنية وتقنية ومنها قدرة الشخص علي القيادة والتحدث مع الناس ولديه مهارات خاصة في فن الاتصال وهذه المهارات لايمكن اكتسابها من الدراسة في الجامعات المصرية، بالاضافة الي المهارات التقنية من اتقان الحاسب الآلي واللغات الاجنبية. وتستطرد هالة السعيد قائلة: "إن الحصول علي خريج متميز يتطلب تطوير وتعديل المناهج الدراسية الحالية التي تعتمد علي الحفظ والتلقين بدون اعطاء فرصة لاتقان مهارات وخبرات عملية يحتاجها سوق العمل.