لأي مدي تحقق سياسة الدعم الحالية الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية؟ ما البدائل الممكنة لتطوير سياسة الدعم الحالية؟ كيف يمكن تعزيز قدرات المواطنين علي اكتساب الدخل للحد من حاجتهم"؟ أسئلة عديدة اخري ناقشتها "الأسبوعي" تتعلق بسياسة الدعم وما اذا كان المطلوب دعم الاسعار أم دعم القدرات. ربما كان للجدل الذي شهده مجلس الشعب وما تضمنته لجنة الخطة والموازنة للعام الحالي هو الدافع الاساسي لمناقشة وضع هذه السياسة خاصة بعد الارتفاع الكبير في الأسعار العالمية للغذاء والبترول وانعكاساته علي تكلفة الانتاج المحلية وأسعار كثير من السلع والخدمات بالاضافة إلي تفاقم ظاهرة طوابير الخبز المدعوم، وهو الامر الذي أودي بحياة العديد منهم ليس هذا فحسب وانما كان لتزايد الانفاق علي دعم المنتجات البترولية ليقترب من الانفاق الكلي علي أجور نحو 6 ملايين موظف يعملون بالجهاز الاداري، حيث ان 5 أضعاف توجه إلي الصحة وضعفين للإنفاق علي التعليم. 4 ملاحظات سألنا الدكتور إبراهيم العيسوي الاستاذ بالمعهد القومي للتخطيط حول وضع سياسة الدعم الحالية؟ وهل نحن نحتاج دعماً للسلع أم للقدرات.. فقال ان "هناك 4 ملاحظات علي سياسة الدعم الحالية أولاها تتعلق بالجانب العام وهو أن الدعم جزء من كل، وجانب من مجموعة من القضايا المتشابكة، وبالتالي لا يمكن حل مشكلة دون الأخري". وتابع أن مشكلة الدعم موسمية تتعامل معها الحكومة بسياسة المسكنات الوقتية فلا أحد يتخيل اصلاح قضية الدعم دون التعرض لقضايا الأجور والأسعار وتوزيع الدخل والثروة وهو ما يطلق عليه مربع السياسات؟ لم تكن هذه الملاحظة فقط علي مشكلة الدعم وانما - كما يري - فإن مشكلة الدعم مستمرة بسبب اصرار الحكومات المتعاقبة علي تجاهل بعض الاقتراحات الصائبة التي قدمتها المعارضة ليس لسبب سوي انها نابعة من المعارضة. كما ان قانون الضرائب الذي وضعته الحكومة سييء وليس به من التصاعدية سوي الرائحة فمن الممكن دعم الاغنياء والفقراء، حيث يتم دعم الاغنياء من خلال توفير الأراضي والمشروعات التي تسهم في التشغيل وايجاد فرص للشباب وبالتالي لا يكون دعم الاغنياء في السلع الغذائية وانما في الصناعات كثيفة العمالة علي ان يكون الدعم فيما يتعلق بالغذاء نسبياً وليس مطلقاً، وذلك من خلال اعادة النظر في نسب تكاليف الانتاج لهذه السلع بين الحين والآخر. وعلي حد قوله: فإن ضعف الهيكل الانتاجي يعد من أحد أهم الملاحظات الخاصة بسياسة الدعم فعندما تم زيادة العلاوة الاجتماعية بنسبة 30% لمواجهة الارتفاعات العالمية في أسعار الغذاء التي لم تتجاوز 5% شهدت ارتفاعا في السوق المحلي بنسبة تجاوزت 16% وكانت بمثابة الصدمة، هذا بخلاف ان العديد من القطاعات كانت محتكرة في يد أفراد ومنها القطاع الزراعي الذي لم يشهد التحرر وظل ربع قرن في يد شخص واحد يفعل فيه كيفما يشاء. قال من غير المعقول أن يتم دعم الصناعات الكثيفة دون تفريق بين صناعة وأخري، ومن غير المقبول ان يتم الدعم بنسبة 60% تتوجه إلي عدد قليل من المصانع يمتلكها اشخاص محددون . اضاف د.العيسوي وحينما اتجهت الحكومة إلي الغاء الاعفاء الضريبي علي المناطق الحرة كان عليها الالغاء التدريجي حتي لا تحدث الصدمة ورد الفعل العنيف من العديد من الشركات. قال ان 40% من سكان مصر فقراء ولذلك فإن الأمر يتطلب دعم الأسعار والقدرات معاً، والعمل علي إصلاح النظام التقليدي لأنه لا جدوي من تكرار الحديث عن استهداف الفقراء ومدام الفقر سائداً فلا جدوي من هذا الاستهداف. دعم أم إعانات علينا تغيير مسمي الدعم إلي اعانات هكذا كان تفسير الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق. وقال إن 75% من المواطنين في حاجة إلي دعم وإعانات فالدعم يمنح لفترة معينة والاعانة تمنح للضعيف وعلي الحكومة القيام بحساب الدعم بطريقة دقيقة كما ان الأمر يتطلب إعادة توزيع الدخل، وتغيير سلوكيات رجال الاعمال بالعمل علي أداء مسئولياتهم الاجتماعية المكلفين بها، اضافة إلي ضرورة دعم القطاع الزراعي فالقطاع يموت ويتقلص مع التطور الاقتصادي. وقال ان وجود 41% من المنشآت تم اغلاقها فهذا مؤشر خطير، والحل لا يكون إلا بحكومة فعالة تساعد المجتمع ولا تعارضه، وقيام البنوك بتوجيه فائض السيولة للصناعة والزراعة. الدعم المشروط وحسب تفسير الدكتورة فايقة الرفاعي وكيل البنك المركزي السابق فإن الدعم يجب ان يكون بسعر السوق، وفي العديد من الدول الاخري نجد ان الدعم لا يكون الا في الحروب والأزمات وليس باستمرار وبذلك فإن الدعم الفعال او المشروط هو المطلوب لكي ينهض المجتمع من جديد. كما انه يجب علي البنوك فتح إدارات داخلها لتمويل المشروعات الصغيرة وقيام الصندوق الاجتماعي بهذا الدور ايضا. وحسبما ذكرت الدكتورة أمنية حلمي الباحث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية فإن سياسة الدعم الحالية تحقق العديد من المزايا الخاصة بتوفير السلع والخدمات الاساسية بأسعار مناسبة لمحدودي الدخل، والعمل علي تخفيض نسبة الفقراء او لإجمالي السكان خاصة في عام 2005 وتوفير 40% من احتياجات محدودي الدخل، ورغم ذلك فإن عيوب هذه السياسة تنحصر في ارتفاع التكلفة المالية، حيث ان الانفاق علي الدعم مرتفع اذا ما قورن بالدول ذات الدخل المتوسط هذا بالاضافة إلي استحواذ دعم المواد البترولية علي 74% من اجمالي المخصصات عام 2006/،2007 فيما استحوذ الخبز علي 8.14% والسلع التموينية علي 6.2% حيث يستفيد من هذا الدعم حوالي 3.55 مليون مواطن يمثلون 70% من السكان. وقالت ان سوء تخصيص الموارد نتيجة تشوه الاسعار والمغالاة في الاستهلاك والتربح من ازدواجية الاسعاروالأسواق للسلعة الواحدة يعد من أهم العوامل الخاصة بانخفاض الكفاءة الاقتصادية، هذا بالاضافة إلي ان المواطنين الاعلي دخلا يستفيدون من الدعم عن الفقراء ويستحوذ سكان المناطق الحضرية وسكان الوجه البحري علي غالبية الدعم والنصيب الاكبر مقارنة بالقري ومحافظات الصعيد الأشد فقراً. والبدائل الممكنة لتطوير سياسة الدعم تنحصر في استخدام الآليات المختلفة لاستهداف المستحقين للدعم، ورفع كفاءة نظام توزيع السلع، والعمل علي ضبط الانفاق العام وتقييم الآثار المحتملة لإعادة تسعير المنتجات المدعومة، حيث إنه رغم رفع أسعار المنتجات البترولية يساعد علي ترشيد الاستهلاك وزيادة الايرادات العامة. الا انه يسهم في زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات كالنقل والمواصلات والسلع الغذائية هذا إلي جانب العمل علي دعم القدرات من خلال رفع مستويات الأجور للعاملين بالجهاز الاداري بحيث يتم رفع صافي الحد الأدني لأجر الموظف عند أدني درجة مالية إلي 660 جنيها شهريا، بحيث يتمكن هذا الموظف من تجاوز خط الفقر القومي المحدد بنحو 644 جنيها في ابريل 2008. ووفقا لقولها فإنه من المهم التوسع في الاستثمارات الصناعية وذلك من خلال تخفيض تكلفة الانتاج المحلي وتشغيل المنشآت الاقتصادية حيث ان 41% منها اما مغلق بشكل مؤقت أو نهائيا كما ان الدعم النقدي المشروط ليس مجرد تحويلات نقدية للفقراء وإنما برنامج لاستثمار الأموال في تخفيف حدة الفقر وتحسين الاوضاع التعليمية، ويقوم هذا الدعم علي ايجاد بنية اساسية، لتوفير خدمات تعليمية وصحية، وتحديد قيمة الدعم النقدي واكتساب افراد الاسرة تدريجيا للقدرات التي تمكنهم من الاندماج في دائرة العمل والانتاج.