الدعم العيني أم النقدي.. أيهما يفضل الفقراء؟ "الفرخة ولا البيضة" هذا المثل الشعبي الحائر ولم يجب عنه أحد للآن يبدو أن معضلة الدعم تحولت هي الأخري إلي مسألة محيرة للخبراء ومقلقة للحكومة وقد أصبح الدعم صداعا في رأس الحكومة وأيضا أثار مخاوف الذين لا يملكون بطاقات تموينية، فبعد أن تجاوز الدعم كما قال الرئيس مبارك في حواره لجريدة "القوات المسلحة" المائة مليار جنيه في موازنة العام الحالي بعد أن كان 2 مليار جنيه فقط أي أنه يمثل 28% من ميزانية 2009/2010 ومن المتوقع أن يتجاوز ال29% من ميزانية 2010/2011 مع ارتفاع أسعار القمح بعد أزمة القمح الروسية.. ووفقا للدراسات فإن 62% من اجمالي الدعم يذهب إلي دعم المنتجات البترولية و22% لدعم الغذاء.. وخلال ندوة نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية للحديث عن بدائل لتطوير الدعم أوضح المهندس سامح فهمي وزير البترول ان اجمالي الدعم الذي تحملته الدولة خلال السنوات العشر الماضية للمنتجات البترولية بلغ 368 مليار جنيه.. مؤكدا ان استمرار الدعم للمنتجات البترولية سيزيد من أعباء الموازنة العامة للدولة ويعوق فرص التنمية ولا يحقق العدالة في التوزيع. وهو ما اتفق عليه الدكتور علي مصيلحي وزير التضامن الاجتماعي مؤكدا ان نظام الدعم الحالي لا يحقق العدالة الاجتماعية بسبب القواعد القديمة التي تحكم هذا النظام منذ قرن خاصة أن الرقابة الحالية لا تصلح لعلاج الخلل في منظومة توزيع الدعم. والأسئلة المثارة حاليا.. هل يحقق الدعم الحالي العدل الاجتماعي؟ وهل هو إهدار للمال العام؟ وهل يجب توجيهه إلي اتجاهات أخري؟ وما أهمية التحول من النظام الحالي إلي نظام بديل للاقتصاد؟ وهل هذا البديل هو الدعم النقدي؟ بداية أكدت الدكتورة ماجدة قنديل المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية ان الدعم يستحوذ علي 25% من ايرادات الضرائب ومن المحتمل ان يزيد من عجز الموازنة بنسبة تتجاوز 8% خلال 2010/2011 خاصة في ظل ارتفاع اسعار الغذاء عالميا حيث لا توجد آلية لربط الأسعار المحلية بالأسعار العالمية وبالتالي فإن ارتفاعها عالميا يؤدي الي ارتفاع فاتورة الدعم. وأوضحت الدكتورة ماجدة قنديل ان الغاء الدعم كلية والتحول الي الدعم النقدي ليس الحل حاليا لانه سوف يسهم في زيادة معدل التضخم لتصل الي 30% لبعض السلع.. مشيرة الي ان البديل الآمن هو التحول التدريجي مع مراعاة التضخم بمعني إزالة الدعم عن السلع غير المؤثرة والتي تستفيد منها بشكل أكبر الطبقات الغنية وتحويلها إلي شكل نقدي إلي الأسر الأكثر فقرا من خلال نموذج يضمن وصول هذه المدخرات الي 50% من الفقراء في المناطق الريفية بحيث لا يتركز الدعم في المدن والمناطق الحضرية كما يحدث في النظام الحالي. أضافت انه رغم ان مصر من أكثر الدول انفاقا علي الدعم فإن نسبة الفقراء بها مرتفعة جدا مؤكدة ان الحجة التي يعتمد عليها الفريق الذي يطالب بابقاء الدعم علي ما هو عليه للفقراء هي حجة باطلة بدليل ارتفاع اعداد الفقراء رغم زيادة الدعم من عام لآخر وهو ما يعني ان الدعم الحالي يهدر الكثير من الأموال الحكومية ولا يحقق الهدف المطلوب وبالتالي فإنه يحتاج للتعديل والبديل هو المنهج التدريجي لحماية محدودي الدخل مع التركيز علي سياسات تكميلية تعني باعطاء المزيد من الدعم لقطاع الغذاء خاصة انه يمثل 5.41% من اجمالي نفقات الأسر المصرية. طالبت قنديل بالبدء في الاصلاح خاصة فيما يتعلق بالاصلاح الإداري المرتبط بمنظومة الدعم حتي نقلل الاهدار في المرحلة القادمة مع ضرورة احتفاظ الاقتصاد بمعدلات النمو المتوقعة.. بينما أوضح الدكتور ديفيد كودي الخبير بصندوق النقد الدولي ان الاصلاح يحتاج لسنوات مشيرا إلي التجربة التركية حيث كانت من أكثر الدول التي تقدم دعما لقطاع البترول ومع توجهها للاقتصاد الحر وضعت آلية تسعير للطاقة مرتبطة بالأسعار العالمية وأصبحت من أكثر الدول التي تفرض ضرائب مرتفعة علي الطاقة. وأكد كودي ان الدراسات التي قام بها صندوق النقد خاصة في دول اقتصاداتها قريبة من الاقتصاد المصري كشفت عن أن كل دولار ينفق علي دعم الطاقة يذهب 70% منه للطبقات الغنية خاصة ان استهلاك تلك الطبقات للطاقة اكثر من الطبقات الفقيرة كما أن زيادة الدعم للمنتجات الغذائية يزيد من الاستهلاك وبالتالي فإن المشكلة تزداد تعقيدا. وأضاف الدكتور ديفيد كودي ان الاصلاح يحتاج للإعداد الجيد قبل البدء في تنفيذه بمعني ضرورة التمهيد له من خلال الإعلام لشرح القضايا فبعض التجارب الدولية كشفت من خلال الإعلام ان دعم النفط مثلا أكثر من الدعم الموجه لقطاعي الصحة والتعليم وهو ما دفع مواطني هذه الدول لقبول الاصلاح رغم قسوته.. كما يجب توضيح ان ما سيتم