تتجه الحكومة الي تطبيق الدعم' النقدي' بدلا من' العيني' بهدف ترشيد هذه المبالغ الكبيرة التي تخصص لهذا الغرض من ناحية و بما يضمن وصول الدعم إلي مستحقيه الحقيقيين من محدودي الدخل من ناحية اخري. الدكتور أحمد نظيف, رئيس مجلس الوزراء شن هجوما علي النظام الحالي للدعم وقال انه يعاني من مشكلتين أساسيتين: الأولي وجود فاقد كبير في المبالغ الضخمة المخصصة للدعم, فعلي سبيل المثال,' رغيف الخبز' الذي تدعمه الحكومة حاليا بأكثر من15 مليار جنيه سنويا, يتعرض لتجاوزات من بعض المخابز والتجار, فالحكومة تدفع في جوال القمح باكثر من250 جنيها وتعطيه للمخبز ب61 جنيها لإنتاج الرغيف المدعم, بينما يلجأ الكثيرون إلي بيع الدقيق في السوق السوداء ليحقق أرباحا خرافية علي حساب المواطن, وبالطبع لا تستطيع الحكومة أن تضع' عسكري' علي كل مخبز, حيث تقدر الإحصاءات حجم التسرب في الدعم لرغيف العيش ب03% من مجمل المبالغ المخصصة له, أي ما يزيد علي5 مليارات جنيه سنويا. أما المشكلة الثانية والكلام للدكتور نظيف فتتعلق بالدعم علي الطاقة, حيث ارتفع هذا البند في الموازنة العامة للدولة بصورة مذهلة. في موازنة2003/2004, كنا ندعم الطاقة ب12 مليار جنيه تقريبا, ثم رفعناه إلي20 مليارا ووصل الآن إلي33 مليار جنيه, بينما نعلم جميعا أن هذا المبلغ الضخم يذهب إلي من يستحق ومن لا يستحق, وقال: إن الصورة الحالية لا تحقق العدالة الاجتماعية, والرئيس مبارك قال لنا فكروا بطريقة مجتمعية وموضوعية وإعادة التفكير قد تقودنا إلي التفكير من خلال الحوار المجتمعي, في أسلوب الدعم النقدي علي السلع, التي تباع بغير سعرها الحقيقي, فمثلا الخبز السعر الحقيقي ل الرغيف هو25 قرشا والدعم النقدي نظريا هو أن أعطي المواطن ال25 قرشا ليشتريه بسعره الحقيقي, ونعترف بأن هناك مشاكل لهذا النظام, منها أن هناك تخوفا عاما حول من الذي يستحق الدعم النقدي ومن الذي لا يستحقه, ومن مزاياه أنه سيقضي علي المبالغ التي تهدر من الدعم بسبب تجاوزات المخابز والتجار, كما أن المخابز ستعمل علي مدي24 ساعة بدلا من النظام الحالي كذلك سوف يؤدي ذلك إلي تحسين مواصفات الرغيف وسيتم ذلك من خلال البطاقة التموينية الذكية. وقال نظيف: إنه لا إلغاء للدعم, كما يشيع البعض, وأن علينا خلال المرحلة المقبلة أن نلغي من قاموسنا عبارة إلغاء الدعم, لأن الهدف الآن هو استخدام مواردنا بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق العدالة الاجتماعية. وحول سؤال عن كيفية الوصول إلي مستحقي الدعم, قال نظيف: إن الصيغة المطروحة حاليا هي أن كل من يتقدم للحصول علي الدعم النقدي سوف يأخذه, وهذا سيوفر للدولة, لأن الدعم يمنح الآن للجميع, وبالتالي سوف نوفر في كل الحالات, وهذه الصيغة تعتمد علي نظرية' الدعم لمن يطلبه. وضرب رئيس الوزراء مثلا بالتجربة المكسيكية قائلا: في المكسيك تحولوا إلي نظام الدعم النقدي علي الخبز, ولكنهم ربطوا الحصول علي هذا الدعم بمحددات ومعايير أخري, منها أن علي الأسرة أن تعلم أبناءها, وأن تحصل الأم علي الرعاية الصحية الكاملة, ومحو الأمية, وهو ما جعل الدعم النقدي إيجابيا وحول تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع السلع التموينية يقترح الدكتور رمزي كاظم الخبير الاقتصادي والاداري ضرورة قصر الدعم علي السلع التموينية الضرورية التي تمثل الجزء الأكبر من ميزانية انفاق الأسر المحدودة الدخل التي تم تحديدها بكل دقة وتوزيعها عليهم بواسطة البطاقات التموينية المتطورة مع ترك أسعار باقي السلع حرة حيث تتحدد وفقا للأسعار الحقيقية لها ويضيف إن تحديد السعر العادل الذي يدفعه المستهلك في شراء باقي السلع الاستهلاكية يتطلب دراسة مدي إمكانية وضع نظام صارم وفعال لإحكام الرقابة علي أسعار السلع التي توجد بالأسواق لدي التجار والموزعين والسوبر ماركت محلات الجزارة والخضر والفاكهة وغيرها بما يضمن وجود هامش ربح مناسب وعادل لسعر بيع تلك السلع لكل من المنتج والموزع والمستهلك وتحديد حد أعلي لهذا السعر لا يجوز تجاوزه وذلك للحد من جشع التجار والوسطاء المستغلين للمواطنين. كما يطالب بضرورة زيادة منافذ توزيع السلع الأساسية وانتشارها بالمناطق السكنية ومواقع العمل المختلفة وتعميم الاتجاه إلي البيع المباشر للمستهلكين في صورة أكشاك أو سيارات متنقلة لتوزيع السلع المعبأة رغيف العيش المعبأ أنابيب البوتاجاز وبحيث يتم اختيار منافذ التوزيع بما يتفق والأسس العلمية التي يجب مراعاتها عند الاختيار مثل عدد السكان في المناطق وطبيعة الاحتياجات للأسواق وكمية الطلب علي تلك السلع والقدرات الشرائية للمستهلكين في تلك المناطق ويقترح كاظم توجيه الاعتمادات التي سيتم توفيرها نتيجة لإلغاء دعم بعض السلع الاستهلاكية والبترولية إلي زيادة الأجور والمرتبات لكل العاملين بوحدات الجهاز الإداري للدولة وأصحاب الدخول المحدودة بمعدلات عادلة ومحسوبة وجزء آخر يوجه لطرح مزيد من السلع في الأسواق وزيادة المعروض منها وهذا يؤدي بدوره إلي استقرار الأسعار في الأسواق. ويقول الدكتور محمد الغريب الاستاذ بقسم الصحافة جامعة الزقازيق إن الدولة لو أرادت التحرك لتحديد الشرائح والأسر المستحقة للدعم بالإضافة إلي الحد الأدني من الدعم المطلوب فانني أقول لهم البيانات جاهزة وموجودة لدي الأجهزة ويمكن من خلال شهر واحد تحديث هذه البيانات بكل دقة. كما أن الجمعيات الخيرية المنتشرة علي مستوي المحافظات والمدن والقري لديها حاليا سجلات كاملة للأسر المحتاجة للدعم من خلال ما تقوم به هذه الجمعيات من تقديم عون ودعم للأسر في الحيز الجغرافي الذي تعمل به سواء في مجال الرعاية الطبية أو الرعاية الاجتماعية ويمكن من خلال هذه البيانات المتاحة لدي هذه الجمعيات ولدي وزارة الشئون الاجتماعية تحديد الشرائح المحتاجة للدعم وتوزيعها الجغرافي علي مستوي المحافظات والمدن والقري هذا إذا كانت هناك جدية في التحرك الحقيقي وليس الإعلامي.