دعا خبراء المال والاقتصاد في مصر الحكومة إلي تنفيذ عدد من الاجراءات التي تستهدف الحفاظ علي ما تبقي من أصول بعض الشركات والعمل علي وضع استراتيجية جديدة لبرنامج الخصخصة في الفترة المقبلة وإنهاء مرحلة "خصخصة بلا حدود" مع الاحتفاظ بالشركات الرابحة والاستراتيجية وتوجيه حصيلة الخصخصة إلي إقامة مشاريع انتاجية تفتح مجالا لفرص عمل جديدة موضحين أن الحفاظ علي الهيكل العام للشركة وعدم تسريح العمالة وتوفير فرص عمل جديدة من أهم الشروط التي يجب أن تراعيها الحكومة في الفترة المقبلة حتي يكون هناك مردود اقتصادي حقيقي للبرنامج، مؤكدين أن الاسراع في بيع بعض الشركات الخاسرة التي يصعب اصلاح أوضاعها أمر يمكن قبوله حيث إن الاحتفاظ بشركات خاسرة لا يرجي اصلاحها هو بالتأكيد عمل غير اقتصادي، خاصة إذا كانت تلك الشركات لا تنتج سلعا استراتيجية. حيث يري في البداية عادل العزبي الخبير الاقتصادي ونائب الشعبة العامة للمستثمرين أنه ليس ضد برنامج الخصخصة ولكنه ضد عمليات البيع غير المدروسة مؤكدا أن التخلص من الشركات الخاسرة أمر لا يختلف عليه أثنان وبالتالي فعلي الحكومة خلال الفترة المقبلة دراسة أوضاع كل شركة علي حدة لأنه ليس من المعقول أن نعرض أكثر من شركة للبيع دون دراسة وضعها الاقتصادي ومعرفة أفضل طرق علاجها سواء بيعها أو ضخ استثمارات جديدة. مشيرا إلي أنه ضد بيع الشركات الرابحة خصوصا الاستراتيجية التي لا تستطيع الدولة الاستغناء عنها حتي لا يتكرر ما حدث مع قطاعات الأسمنت والحديد والأسمدة مطالبا الحكومة بضرورة الحفاظ علي نشاط الشركة والعمالة ووضع شروط صارمة لذلك والتأكد من جدية المستثمر وخبرته في ذلك. كذلك يري محمود عبد الحي مدير معهد التخطيط القومي السابق أن توجيه عوائد الخصخصة في طريقها السليم من أهم ما يجب أن تراعيه الحكومة في الفترة المقبلة لأن الواقع يؤكد أن الفترة السابقة كانت الحكومة توجه حصيلة الخصخصة في ثلاثة مجالات فقط، الأول برنامج المعاش المبكر للتخلص من العمالة الزائدة في شركات القطاع، والجزء الثاني للتخلص من بعض مديونيات شركات القطاع العام، أما الجزء الثالث فكان يضخ في الموازنة العامة للدولة التي أصبحت منذ بداية تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي استهلاكية، ولا تحظي فيها الاستثمارات سوي بنسبة محدودة مقارنة بحجم الانفاق. مطالبا بضرورة تغيير الطرق التي يتم بها التعامل مع برنامج الخصخصة، حتي يعرف بشكل دقيق، ما هي المشروعات التي تنوي الحكومة اخضاعها لهذا البرنامج، وكذلك القطاعات الخدمية المرشحة للخصخصة لأنه ليس من المعقول أن نفاجأ كل يوم بشركة جديدة مطروحة للبيع بدون أبداء أي أسباب وأضاف عبد الحي أن تطبيق برنامج إدارة الأصول والاستثمارات المملوكة للدولة بشكل صحيح يعني بالأساس تطوير وتحسين أداء شركات قطاع الأعمال العام طالما بقيت ملكيتها في حوزة الدولة من خلال عمليات إعادة هيكلة شاملة أو جزئية، بالاضافة إلي طرح استثمارات وأصول وشركات قطاع الأعمال العام لمشاركة القطاع الخاص، وتطبيق قواعد الإدارة الرشيدة ومبادئ حوكمة الشركات الطريق الصحيح لتصحيح الحكومة لأخطائها السابقة في برنامج الخصخصة الذي بدأته الحكومة بدون دراسة واقعية أو خطط. د.ليلي الخواجة أستاذ الاقتصاد بكلية الأقتصاد والعلوم السياسية تقول: إن خطة الابقاء علي الشركات الخاسرة وبيع الشركات الرابحة، يكلفنا سنويا 1.3 مليار جنيه أي 20% من قيمة كل ما تم بيعه من شركات ويعني أنه بعد خمس سنوات ستكون مصر خسرت كل أموال الخصخصة، مشيرة إلي أن بيع الشركات التي يصعب اصلاحها أمرلا يستطيع أحد الاعتراض عليه لكن بشرط أن تكون هناك عمليات تقييم حقيقية. الدكتور إبراهيم العيسوي الخبير الاقتصادي يري أن الاعتماد علي القطاع الخاص وكسب رأيه قد ينتج تنمية من الأخطاء الكبري للسوق لأن التنمية برأيه بحاجة إلي عملية جراحية كبري والمعروف أن النظام الرأسمالي وحرية السوق والاعتماد علي القطاع الخاص لا توفر استثمارات كافية للمرافق والخدمات الأساسية موضحا أن الخصخصة في مصر تم تنفيذها علي أسوأ ما يكون حيث إن معظم الدول التي تتبع برامج الخصخصة نجد أن الاقتصاد ومستوي دخل الفرد فيها ينمو ولكن نحن للأسف ننفذ برنامج الخصخصة منذ بداية التسعينيات وللأسف ديون مصر تخطت حاجز الأمان والبطالة ما زالت موجودة وتتفاقم يوما بعد يوم نتيجة إلي خروج آلاف العمال إلي التقاعد وبالتالي فإن طرق استكمال برنامج الخصخصة في الفترة المقبلة يجب أن تكون مختلفة لا تكرر الأخطاء التي وقعت فيها في الوقت السابق لأن الهدف من الخصخصة هو الصالح العام والصناعة مضيفا أن هناك شركات يجب أن تحتفظ بها الحكومة وهناك شركات لا يوجد مانع من خصخصتها بشرط أن تتحول إلي الأفضل وليس الأسوأ كما حدث مع بعض الشركات التي تم بيعها وفشلت وقامت الحكومة باستردادها.