تضمنت ملامح السياسة التي تبناها المؤتمر السنوي الثاني للحزب الوطني في ختام مناقشاته مؤخرا تشجيع القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي وتأتي إدارة الاصول المملوكة للدولة علي قمة أولويات العمل الاقتصادي للحزب خلال المرحلة المقبلة. ولعل ما خرجت به المجموعة الاقتصادية برئاسة الرئيس مبارك مؤخرا من قرارات جاءت تأكيدا علي ذلك والتي كان منها استمرار احتفاظ الدولة ببعض المشروعات الاستراتيجية ولكن لكي تحقق أعلي عائد فقد أعلن مؤخرا أنه قد يتم اللجوء إلي إدارة القطاع الخاص لإدارة تلك المشروعات وقد تستعين الادارة الخاصة بخبرة أجنبية يكون لديها أفكار جديدة لتحقيق الربحية وخدمة المواطنين وسيكون المجال بالتالي مفتوحا للاستثمارات المصرية والعربية والأجنبية في إطار احترام قواعد الأمن القومي المصري والاستراتيجية العامة للدولة في إدارة استثماراتها وأموالها. حاول (الاسبوعي) التعرف علي تصورات وافكار الخبراء والمتخصصين حول أفضل كيفية لتنفيذ ذلك تأكدوا أن الاستعانة بخبرات إدارية خاصة لإدارة المشروعات الاستراتيجية ممكن ولكن بشروط قد لا تكون مستحيلة. بداية أكد حسن جعفر عضو مجلس إدارة "جلبال كابيتال" إن الاتجاهات الأخيرة للحكومة في امكانية الاستعانة بإدارة خاصة في المشروعات الاستراتيجية شيء ايجابي كما أن الاستعانة بخبرات أجنبية مهم وضروري موضحا أن هذا الاتجاه سيكون فرصة عظيمة لشركات إدارة المخاطر التي نشأت في مصر منذ عام 1995 تقريبا كي تعمل خاصة أنها وحتي وقتنا هذا لم تثبت نجاحها بالرغم من أن إدارة المشاريع الخاسرة علي وجه الخصوص هي جزء من نشاط مثل هذه الشركات ولكن نجاحها سوف يرتبط برؤوس أموال ضخمة لابد أن تمتلكها وكذلك علاقات واتصالات خارجية مع شركات أجنبية من أجل أن تدير الشركات الاستراتيجية وفقا لأحدث الاساليب العالمية. وأضاف جعفر أن الاستعانة بشركات أجنبية وخبرة أجنبية فقط في إدارة المشروعات سوف تواجه صعوبات كبيرة في التنفيذ الواقعي حيث سيصعب التوصل لنقطة التقاء بين طرفي التعاقد المتمثل في الشركة الأجنبية والحكومة خاصة إذا كانت هذه الشركات في قطاع الغزل والنسيج التي تعاني من مشاكل أغلبها متعلق بالعمالة الزائدة. ضروري بشروط ومن جانبه قال شريف الجبلي رئيس غرفة الصناعات الكيماوية إن الاتجاه الجديد ضروري ولكن بشروط وهي ألا يؤثر ذلك علي إنتاجية وربحية المشروع.. فلابد من أن يوضع لهذه الادارة نوع من الحوافز حتي نتمكن من النهوض به وكذلك لابد أن تتوافر لها الخبرة في مجال المشروع ذاته ولا يوجد ما يمنع - وهو ما أكدت عليه القرارات الأخيرة - أن تتم الاستعانة بخبرة أجنبية ولكنها لا يجب أن تكون استعانة مطلقة ولكن في المكان الذي لا تتواجد فيه الخبرة المصرية فقط. ويري حمدي رشاد خبير الخصخصة ورئيس مجموعة الاستشارات الادارية أن المنهج الجديد سيؤدي إلي نجاح المشروعات الاستراتيجية للدولة والتي قررت الاحتفاظ بها متصورا نجاح ذلك بوجه الخصوص في المجمعات الاستهلاكية لتتحول إلي مجمعات كبيرة مثل سلاسل السوبر ماركت الكبيرة المنتشرة في أنحاء العاصمة والتي أثبتت نجاحا كبيرا في الفترة الأخيرة. وأوضح شريف نور الشريك المسئول عن الاستشارات المالية "ببرايس وترهاوس" أن. مفاهيم جديدة الدولة عندما انتهت من بيع الشركات الرابحة أصبح لزاما عليها التخلص من الشركات الخاسرة التي تعوق حركة التنمية مشيرا إلي أن من أهم مشاكل تلك الشركات والتي بها عدد كبير من الشركات الاستراتيجية - هي مشكلة الادارة التي تتلخص في عدم وجود الادارة المناسبة للمكان المناسب وعلي ذلك فإن التوجه الجديد للحكومة سوف يقوم علي فكرة خصخصة الادارة قبل خصخصة الملكية. ويؤكد نور أن هناك اتجاها عالميا قويا بأن تتولي شركات معينة متخصصة إدارة الشركات الخاسرة وتقوم الشركات العالمية باختيار مديرين ذوي خبرة عالمية في هذا المجال مقابل مبلغ سنوي لتغطية التكاليف ونسبة من الأرباح عندما تتحول الشركات من الخسارة إلي الربح. وأضاف أن هذا الاتجاه يستلزم تغيير الكثير من المفاهيم في الادارة مثل التخلص من العمالة غير المنتجة نتيجة ضعف أداء العامل وأن يتم ذلك دون مقابل حيث لا يتم تعويض العامل ذي الانتاجية الضعيفة ولا يمنح مكافأة ترك الخدمة، وكذلك التعامل مع شركات القطاع العام الأخري علي أساس الاستقلالية والنظر إلي مصلحة الشركة المراد اصلاحها فقط وهي نظرية قد تكون صعبة التطبيق في بداية الأمر لكنها ستؤدي لنتائج باهرة في سنوات قليلة. وأشار شريف نور إلي أن تطبيق هذا المنهج علي الشركات ذات الخسارة العالية والتي لا تصلح معها إعادة الهيكلة التشغيلية أو التمويلية.