منذ أكثر من عام، أطلقت مصر «الاستراتيجية الوطنية للصناعة»، التي تمتد حتى عام 2030، بهدف تحقيق عدة أهداف، أبرزها زيادة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 20% بحلول عام 2030، بدلًا من 14%، وذلك بالتزامن مع إقامة المدن والمجمعات الصناعية التي تُعد ركيزة أساسية لتعزيز الإنتاج الصناعي والنهوض به، وتوفير بيئة صناعية متكاملة تسهم في رفع كفاءة الإنتاج وتحقيق أعلى مستويات الجودة. كما عملت الدولة المصرية على نقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات الحديثة. ثمرة التوطين تقفز بمصر في مؤشرات دولية وقبل إطلاق هذه الاستراتيجية، وعلى مدار عشر سنوات، بدأت مصر في تحقيق تنمية صناعية شاملة، ما أسهم في تقدمها 11 مركزًا في مؤشر تنوع الصناعات المحلية الصادر عن منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية، لتحتل المركز ال34 عام 2024، مقابل المركز ال45 عام 2021، علمًا بأن هذا المؤشر يُعد مؤشرًا فرعيًا لمؤشر الابتكار العالمي، وصدر لأول مرة عام 2021. ويأتي ذلك في وقت أشارت فيه وكالة «فيتش» إلى أن المنتجات المصنعة محليًا في مصر أصبحت أكثر تنافسية في الأسواق الخارجية، الأمر الذي دفع العديد من الشركات إلى السعي لتوسيع وجودها الصناعي في السوق المصرية للاستفادة من هذه الميزة. أما «Oxford Business Group»، فقد ذكرت أن الحكومة المصرية تعمل على تعزيز القدرات الصناعية مع التركيز على التوطين والتخصص في قطاعات بعينها، مضيفة أن خطط التنمية تستهدف ترسيخ مكانة مصر كمركز صناعي إقليمي من خلال الاستفادة من موقعها الجغرافي وتكاليف العمالة التنافسية. وزارة الصناعة وتعميق التصنيع المحلي وقال الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، إن ما تشهده الصناعة المصرية من تطور ليس جهدًا منفصلًا، بل هو ثمرة رؤية وطنية واضحة تتمثل في الاستراتيجية الوطنية للتنمية الصناعية 2025–2030، والخطة العاجلة للنهوض بالصناعة، التي تنفذها الدولة بتوجيهات القيادة السياسية، بهدف تحسين جودة المنتجات المصرية في الأسواق المحلية والدولية، وتعميق التصنيع المحلي، ورفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة تنافسية الصادرات المصرية عالميًا. وأشار الوزير إلى أن مصر تُعد بوابة لقارة إفريقيا، اعتمادًا على ربط سلاسل الإمداد المحلية والإقليمية، بما في ذلك مورّدو المكونات العالميون، بمنظومة سلاسل الإمداد العالمية. التوطين.. محور للانطلاق نحو المستقبل وفي لقاء خاص مع «بوابة أخبار اليوم»، قال المهندس فاضل مرزوق، عضو لجنة تنمية الصادرات بمجلس الوزراء ورئيس المجلس التصديري للملابس، إن توجه الدولة نحو توطين الصناعات يُعد خطوة محورية، مضيفًا أن الحكومة استثمرت في بناء بنية تحتية قوية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم عام 2014 وحتى اليوم، وهو ما جعل مصر من أبرز الدول الإفريقية في مجالي الطرق والموانئ، وبدأت نتائجه تنعكس بوضوح في زيادة الاستثمارات الأجنبية بقطاع الصناعة. وأكد مرزوق أن الاستثمارات التي ضختها الدولة خلال السنوات العشر الماضية أسهمت في ربط المدن الصناعية بكافة احتياجاتها عبر شبكة طرق ونقل عملاقة وبنية تحتية متطورة، مما عزز قدرة مصر على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. انبهار المستثمرين الأجانب وأشار إلى أن الدولة، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، نجحت في تعميق سياسة التوطين وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال تحقيق ربط فعّال بين محافظات الصعيد والمدن الساحلية، بالتوازي مع استثمارات ضخمة في الموانئ أسهمت في استقطاب كبرى الخطوط الملاحية العالمية. وأوضح مرزوق أن البنية التحتية الحديثة من طرق ومدن صناعية وموانئ أصبحت محل إشادة وانبهار من المستثمرين الأجانب، وهو ما يعكس حجم التطور الذي شهدته مصر في هذا المجال. 150 مليار دولار صادرات ومع السير بخطى ثابتة في طريق التوطين، توقع فاضل مرزوق وصول حجم الصادرات المصرية إلى نحو 150 مليار دولار بحلول عام 2031، استنادًا إلى خطط التوسع الحالية، منوهًا بأن الصادرات مرشحة للنمو بمعدل يصل إلى 20% سنويًا خلال السنوات الخمس المقبلة، في ظل اقتراب الصادرات المصرية من مستوى 53 مليار دولار بنهاية عام 2025. استثمارات صينية وكورية وأوضح مرزوق أن مصر تعمل على سد احتياجاتها من خامات قطاع المنسوجات، متوقعًا تحقيق اكتفاء ذاتي يصل إلى 90% من هذه الخامات خلال السنوات العشر المقبلة. وكشف أن مصر كانت تستورد نحو 90% من مستلزمات إنتاج الملابس الجاهزة، إلا أن توافر الخامات محليًا وتحسن بيئة الاستثمار جعلا مصر وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية، لا سيما من الصين والهند وكوريا الجنوبية وفيتنام، حيث أُنشئت مصانع لإنتاج الأقمشة ومستلزماتها. توطين تصنيع مستلزمات الإنتاج وبيّن مرزوق أن قطاع الملابس شهد انطلاقة قوية خلال العامين الماضيين، مضيفًا أنه من المتوقع خلال السنوات الثلاث المقبلة ضخ استثمارات أجنبية تتراوح بين 2.5 و3 مليارات دولار، موجهة لتصنيع مستلزمات الإنتاج الخاصة بالقطاع. واختتم المهندس فاضل مرزوق حديثه بالتأكيد على أن صادرات الملابس الجاهزة ارتفعت بنسبة 26% خلال عام 2025 مقارنة بعام 2024، مع توقعات بالوصول إلى 12 مليار دولار صادرات في هذا القطاع وحده بحلول عام 2031.