«صنع في مصر».. أينما تسافر إلى أي من بلدان العالم، قلما كانت تسمع أذناك عزيزي القارئ هاتين الكلمتين، لكن هذا الحلم تحول إلى حقيقة الآن، فلكما تولي وجهك صوب بلدان كُثر سترصد عيناك تلك العبارة تزين كثير من المنتجات. باتت الصناعة المصرية مصدر فخر لمواطني «أرض الكنانة» الذين تعلقت آمالهم بالرئيس عبد الفتاح السيسي الذي خلّص «أم الدنيا» من براثن حكم الجماعة الإرهابية في عام 2013، وتبع ذلك «طفرة» غير مسبوقة في البنى التحتية وتدشين شبكة طرق حديثة تليق ب«الجمهورية الجديدة» وقفزة في الصناعة المصرية التي باتت تعيش «انتعاشة» بتوجيات الرئيس السيسي واختيار الفريق المهندس كامل الوزير نائبًا لرئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزيرًا للصناعة في يوليو من عام 2024. ◄ مدينتان صناعيتان في الصعيد.. مشروع قومي بأبعاد عالمية في قلب صعيد مصر، وتحديدًا في محافظتي المنياوالفيوم، بدأت مصر تنفيذ حلمها بأن تتحول إلى مركز إقليمي لصناعة الملابس الجاهزة والمنسوجات، وذلك عبر تدشين أكبر مدينتين متخصصتين في هذه الصناعة الحيوية، ورغم تربع الصين على عرش أكبر الدول المصنعة للملابس الجاهزة في العالم بنسبة 28% من إجمالي الملابس الجاهزة عالميًا، إلا أن عددًا من مصنعيها بدأوا يدرسون جديًا نقل نشاطهم إلى مصر لتصنيع الملابس الجاهزة وتصديرها إلى الأسواق العالمية والاستفادة من المميزات التي توفرها «المحروسة» للمستثمرين، وكذلك فعل مستثمرون من تركيا وغيرها من الدول، خاصة مع إعلان مصر عن تدشين مدينتين للمنوسجات والملابس الجاهزة في محافظتي المنياوالفيوم، لتصبح مصر مركزًا عالميًا جاذبًا لصناعة المنسوجات والملابس. ◄ إشارة البداية الثالث والعشرون من شهر مايو الماضي، كانت محافظة المنيا على موعد مع افتتاح الفريق المهندس كامل الوزير لمصنع شركة جيزة لتنمية الصعيد للمنسوجات والملابس الجاهزة، الذي يعتبره الوزير نموذجا ناجحا للاستثمار الصناعي المحلي، ويمتد المصنع على مساحة تقدر بنحو 46 ألف متر مربع ويعمل به 2,500 عامل، حيث أشاد الوزير بجودة المنتجات وتطوُّر العمليات التصنيعية التي تُدار بأعلى المعايير التكنولوجية. وأكد أن المصنع يُعتبر أحد الصروح البارزة في صناعة النسيج المحلية، حيث تبلغ نسبة المكون المحلي في الإنتاج 50%، وهي نسبة عالية تدعم توجهات الدولة لتعميق التصنيع المحلي، كما قام الوزير خلال زيارته للشركة بافتتاح المصنع الجديد بشراكة مصرية فيتنامية والمتخصص في إنتاج الجواكت المبطنة ويقوم بالتصدير بنسبة 100% الى دول أوروبا وأمريكا باستثمارات تقدر بنحو 3.5 مليون دولار، ويعمل به 350 عامل ومن المستهدف الوصول 1500 عامل نهاية العام. ◄ خطة مضاعفة صادرات الملابس الجاهزة يأتي هذا بعد أسابيع من إعلان الفريق مهندس كامل الوزير، إطلاق مدينتين نسيجيتين متكاملتين بكل من منطقة وادى السريرية بالمنيا والمنطقة الصناعية بشمال الفيوم على مساحة تصل إلى 5.5 مليون م2 لكل منهما، مؤكدا أن قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة أحد القطاعات الواعدة التى تمتلك فيها مصر مميزات تنافسية كبيرة تسهم بشكل كبير في نمو الاقتصاد المصري، مشيرا إلى أن الدولة لديها خطة واعدة لمضاعفة الصادرات المصرية في هذا القطاع وخاصة الملابس الجاهزة. اقرأ أيضا| وداعًا استيراد الخام.. فكرة «ذكية» لتحويل مصر لمركز عالمي لتصنيع الحديد | خاص ◄ استثمارات أجنبية.. وصادرات مرشحة للزيادة في حديث خاص ل«بوابة أخبار اليوم»، كشف المهندس فاضل مرزوق، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة وعضو لجنة تنمية الصادرات التابعة لمجلس الوزراء، أن مصر تسير بخطى واثقة نحو تحقيق صادرات ملابس بقيمة 12 مليار دولار بحلول 2031، بعد أن سجلت مصر في 2024 صادرات بقيمة 2.85 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع في 2025 إلى 3.8 مليار دولار. ◄ لماذا مصر الآن؟ عوامل الجذب العالمية واستعرض «مرزوق» في حديثه أبرز الأسباب التي جعلت مصر وجهة جاذبة للاستثمارات الأجنبية في قطاع الملابس والمنسوجات، قائلا: «أول تلك العناصر الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة من الصينوتركيا والهند وفيتنام بعد جائحة كورونا حتى الآن، وهي استثمارات من الصينوتركيا وفيتنام والهند، والدليل على هذا الكلام زيادة صادرات الملابس الجاهزة في الأعوام الثلاثة الماضية من 15 إلى 18%، ووصلت الزيادة في عام 2025 حتى الآن نحو 25% بفضل الاستثمارات التي دخلت مصر وبدأنا في جني ثمارها الآن، فتلك الاستثمارات موجودة في العاشر من رمضان والإسماعيلية والمنطقة الاقتصادية بالعين السخنة والمنطقة الاقتصادية شمالي الإسماعيلية الجديدة». ◄ «كنز» الاتفاقيات التجارية وتابع: «ثاني تلك العناصر ارتفاع تكلفة الإنتاج في دول مثل تركياوالصين، ما جعل من مصر بديلًا تنافسيًا ومركزا إقليميا جاذبا للاستثمارات الأجنبية، كما أن ثالث تلك العناصر هي الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الكثير من بلدان العالم، وبالتأكيد تأثر قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة من تلك الإجراءات، لذلك تهافت المستثمرون على مصر، ف«أرض الكنانة» تتميز بكم الاتفاقيات التجارية التي أبرمتها مع حوالي ثلث بلدان العالم، فمصر دخلت باتفاقية «ديوتي فري» أو «Duty-Free» والتي تنص على عدم فرض رسوم جمركية على أي صادرات لأوروبا في قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، كما أن مصر لديها اتفاقيات مع البرازيل والباراجواي والأرجنيتن، فضلا عن اتفاقية تجارة حرة بين مصر وتركيا في هذا القطاع ومع إفريقيا والدول العربية. ◄ البنية التحتية.. حجر الأساس للمستقبل وأوضح رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن الحكومة خصصت 11 مليون متر مربع في كل من المنياوالفيوم لإنشاء المدن الصناعية الجديدة، وتعمل حاليًا على توصيل المياه والكهرباء والغاز، استعدادًا لدخول القطاع الخاص كمطور رئيسي لتلك المناطق، مشيرا إلى أن أعمال التطوير ستبدأ خلال ال12 شهرًا المقبلة، وأن بعض الاستثمارات الأجنبية قد بدأت بالفعل دخول هذه المدن. اقرأ أيضا| كل ما تريد معرفته عن شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى واستطرد «مرزوق»: «الحكومة بنت واستثمرت في بنية تحتية قوية منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في عام 2014 وحتى الآن، حتى صارت مصر من أفضل الدول بالبنية التحتية في قارة إفريقيا من حيث الطرق والموانئ، وناتج ثمار كل هذا الاستثمارات الأجنبية بقطاع الصناعة، وقد اقترحت على الحكومة برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي بصفتي عضو لجنة تنمية الصادرات التابعة لمجلس الوزراء، مشروعًا قوميًا لزيادة صادرات الملابس الجاهزة في السنوات الخمس المقبلة من مليارين و850 مليون دولار إلى 11.5 مليار دولار، وبالفعل تجاوبت الحكومة ووفرت أرضًا لقطاع المنسوجات بمساحة 5.5 مليون متر في المنيا و5.5 مليون متر في الفيوم لكي تصبحان أكبر مدينتين للمنوسجات في أفريقيا والشرق الأوسط، وأزف بشرى سارة أن هناك استثمارات أجنبية دخلت بالفعل بهاتين المدينتين». ◄ كامل الوزير.. «وزير التنفيذ» على أرض الواقع واختتم المهندس فاضل مرزوق، رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة وعضو لجنة تنمية الصادرات التابعة لمجلس الوزراء، تصريحاته بالإشادة بدور الفريق كامل الوزير ومتابعته «الدقيقة» لتنفيذ المدينتين بالصعيد، واصفًا إياه ب«وزير الأفعال والتنفيذ»، لدوره الكبير في المتابعة الميدانية ودفع عجلة التنمية الصناعية على أرض الواقع، مختتمًا حديثه قائلًا: «هو وزير النشاط والحيوية.. وما يفعله على الأرض يُترجم بنتائج ملموسة.. فبمزيج من رؤية استراتيجية، واستثمار أجنبي، وبنية تحتية قوية، يمكننا القول إن مصر تسير بخطى ثابتة نحو أن تصبح مركزًا عالميًا لصناعة الملابس».