وقعت الواقعة ولم يعد هناك طريق أمامنا سوي اللجوء للزراعة المصرية فهي رهاننا الوحيد حيث أعلنت الاحصاءات العالمية عن انخفاض المخزون العالمي من القمح عام 2006 ليصل الي 125 مليون طن ويتوقع ان يصل المخزون الي 114 مليون طن عام 2007 مما أدي الي مزيد من ارتفاع الاسعار الي مستويات قياسية وكانت النتيجة الاولي ان أعلنت أكثر من 20 دولة من الدول المنتجة والمصدرة للقمح وقف تصديره للخارج وعلي قمتها روسيا والارجنتين وكازاخستان. ولم تقف الامور عند هذا الحد بل أعلنت الولاياتالمتحدةالامريكية انها ضاعفت انتاجها من الايثانول- الوقود الحيوي المستخرج من الحبوب بنسبة 500% وانها ستضاعفه بنفس النسبة خلال الفترة القليلة القادمة في ظل ارتفاع البترول المجنون مما أدي الي ارتفاع اجمالي الاستثمار العالمي في الوقود الحيوي من 5 مليارات دولار عام 1995 الي 38 مليار دولار عام 2005 وسيصل الي 100 مليار دولار عام 2010 وللتدليل علي اهميته يكفي ان نذكر اسماء بعض الشركات العالمية التي دخلت بقوة في هذا المجال بريتش بتروليوم شل كارجيل فورد جورج سوروس اذن الامر جد لا هزل فيه واذا لم نستطع توفير القمح اللازم لرغيف الخبز فأمامنا البديل وهو نماذج الفوضي التي بدأت تظهر في الدول التي لم تستطع توفير الغذاء لمواطنيها تبقي الاجابة عن السؤال التاريخي وهو هل يمكننا تحقيق اكتفاء ذاتي في القمح؟ او علي الاقل تقليل نسبة الاعتماد علي الخارج واذا كان ذلك ممكنا فأي الوسائل نتبع؟ هل نتبع وسيلة التوسع الافقي أي زيادة المساحة المزروعة؟ أم التوسع الرأسي وهو زيادة انتاجية الفدان. للاجابة عن هذا السؤال الحيوي بصراحة ووضوح فإن البديل الاول وهو زيادة المساحة المزروعة غير ممكن لمحدودية المساحة الزراعية في مصر والمساحة التي يتم استصلاحها سنويا يتم البناء علي مساحة مقاربة لها إن لم تزد بقي امامنا الخيار الثاني وهو زيادة انتاجية الفدان كيف؟ للاجابة عن هذا السؤال فإننا يجب ان نعود الي عام 1944حيث بدأ هذا الطريق باستنباط اصناف جديدة تحقق انتاجية اعلي وفي نفس الوقت تقاوم الامراض وكان صنف القمح "بوري " هو اول عملية تهجين ناجحة في مصر حيث ارتفعت انتاجية الفدان من 2 اردب الي 4 أو 5 ارادب ثم استمرت عملية التهجين حتي وصلت اخيرا الي 36 اردباً للفدان وهناك عدة عوامل تتحكم في هذا الموضوع اولها طريقة الري المستخدمة فهناك طريقتان للري هما:- الطريقة الاولي: الزراعة علي المطر ولا تحتاج لمورد مياه ولا تسوية أرض وأبرز الامثلة علي ذلك هي امريكا وباكستان التي تزرع 20 مليون فدان ولكن انتاجية الفدان لا تزيد علي طن واحد والدول التي تزرع القمح علي المطر يطلق عليها الدول التي تقع في ظل حزام المطر وقد تردد الحديث كثيرا في الفترة الماضية عن زراعة الساحل الشمالي بالقمح واقصد هنا الزراعة الاقتصادية ولحسم هذا الموضوع هناك عدة حقائق. الحقيقة الأولي: ان مصر دولة صحراوية وقد دخلت في عداد الدول التي تعاني من ندرة المياه حيث ان مؤشر الفقر المائي عندنا أقل من 1000 متر مكعب للفرد "معدل الفرد المصري 780 مترا مكعبا فقط". الحقيقة الثانية: ان معدل الامطار السنوي علي مصر جميعها لا يتجاوز 10 مم/م2 أما في الساحل الشمالي حيث أعلي معدلات الامطار علي مصر فهي لا تتجاوز 150 مم /م2 وهو معدل لا يمكن انتاج قمح اقتصادي عليه. العامل الثاني: هو نوعية القمح المنتج من حيث مواعيد الزراعة والحصاد حيث هناك نوعان:- النوع الأول: ويطلق عليه "الربيعي" وهو القمح الذي نزرعه في مصر في شهر نوفمبر ويتم حصاده في مايو وتحتل مصر المركز الاول عالميا في انتاجه حيث يعادل انتاجها 3 أضعاف انتاج الفدان في امريكا. أما النوع الثاني: وهو ما يطلق عليه القمح الشتوي حيث يزرع في شهر نوفمبر ولكنه يحصد بعد 10 أشهر أي في شهر سبتمبر وهذا النوع لا يوجد لدينا. أما العامل الثالث: فهو يتوقف علي نوعية الارض التي سيزرع فيها ومناخها وهي تتلخص في الاصناف التالية: الصنف الاول: خاص بالصعيد حيث درجات الحرارة العالية. الصنف الثاني: خاص بالاراضي المستصلحة الجديدة وهي اصناف تتميز بتحمل ارتفاع نسبة عالية من الملوحة. الصنف الثالث: خاص بالدلتا حيث اعتدال درجة الحرارة. العامل الرابع: وهو يتوقف علي الهدف من انتاج القمح وهناك هدفان هما: الهدف الاول: انتاج قمح خاص بانتاج الخبز. الهدف الثاني: انتاج قمح خاص بانتاج المكرونة حيث يستخرج منه دقيق بمواصفات خاصة لانتاج المكرونة. بعد هذا العرض بقيت الاجابة عن السؤال وهو كيف نصل الي الاكتفاء الذاتي؟ وهناك تجربة قام بها المهندس احمد الليثي اثناء توليه منصب وزير الزراعة حيث طرح تصوره للحصول علي اكتفاء ذاتي في القمح وارتكز علي المحاور الآتية: