لم تعد الطماطم فقط هي "المجنونة" في السوق المصري ويبدو أن القمح ركب قطار جنون الاسعار هو الآخر ليس في السوق المحلي فقط ولكن في السوق العالمي بعد أن بلغت أسعاره أرقاما قياسية مع تضاؤل المعروض منه نتيجة القحط الذي أصاب شمال الصين الذي ينتج معظم محصولها من القمح ويسد حاجة الملايين من سكانها اضافة إلي فرض كل من كازاخستان وروسيا والأرجنتين قيودا علي تصدير القمح وأدي كل ذلك إلي تناقص المعروض من القمح مقابل ارتفاع الطلب عليه والارتفاع القياسي في أسعاره بالأسواق العالمية. وتعد مصر من أكبر المتضررين من هذه التطورات حيث تعتبر من أكبر مستوردي القمح في العالم وتصل وارداتها إلي أكثر من 6 ملايين طن سنويا لسد العجز في استهلاكها الذي يصل إلي نحو 13 مليون طن. وفي الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلي انخفاض حجم المخزون العالمي من القمح لأدني مستوي له منذ 30 عاما بسبب اتجاه الدول المستهلكة ومنها مصر إلي تأمين احتياجاتها لتلبية الاستهلاك المحلي تبرز التساؤلات المصرية الملحة: أين تذهب أسعار القمح وهل يمكن لمصر تأمين احتياجاتها لحين انفراج الوضع الحالي؟ توقعات غير دقيقة وفي هذا الاطار يلفت محمد عبدالفضيل رئيس غرفة صناعة الحبوب إلي أن مصر لديها قمح مستورد يكفيها حتي 30 يوليو القادم يبلغ حوالي 3 ملايين طن بخلاف القمح المحلي الذي سيورده الفلاحون منتصف شهر مايو ويوضح أن مصر تستهلك يوميا 20 ألف طن أي 600 ألف طن شهريا تتضمن حوالي 280 ألف طن موجودين في مراكب علي أرصفة الموانئ المصرية. ويري عبدالفضيل أن التوقعات بانخفاض المحصول القادم كلام غير دقيق ويدلل علي ذلك بأن سعر التعاقدات الآجلة علي إنتاج يوليو 2008 أرخص حوالي 60 دولارا للطن وهو ما يؤكد توقعات المتعاملين في سوق القمح بأن الإنتاج سيكون أكثر من الموسم السابق. ويشير رئيس غرفة صناعة الحبوب إلي أنه في ظل ارتفاع الاستهلاك المصري من القمح سنويا بنسبة تتراوح بين 2 و3% يجب أن تكثف الحكومة من إجراءاتها لتقليل الهالك خلال مراحل التخزين والطحن والذي يصل إلي 20% من المحصول موضحا أن الإجراء الذي اتخذه الدكتور علي المصيلحي وزير التضامن الاجتماعي بفضل الإنتاج عن التوزيع هو إحدي الآليات للتقليل من نسبة الهالك بالاضافة إلي رفع سعر التوريد للفلاح للموسم القادم ليصل الطن إلي 389 دولارا مؤكدا أنه دعم للمزارع المصري وأن كل هذه الآليات تخفف من الاعتماد علي الاستيراد وتقليل الضغوط في عملية توريد القمح من الدول المنتجة. المشكلة كبيرة ويوضح مستورد كبير فضل عدم ذكر اسمه أن المشكلة رغم كل ذلك ليست في الاسعار التي ارتفعت بشكل جنوني ووصلت إلي ما بين 520 و850 دولاراً وإنما في عدم توافر قمح أمام الدول.. مشيرا إلي أن أسعار العقود الآجلة في البورصات العالمية للقمح لا تعبر سوي عن 70% من السعر المستقبلي والذي أتوقع أن يصل إلي 500 دولار للطن وخصوصاً أن المحصول الأمريكي المتبقي ضئيل جدا اضافة إلي أن محصول استراليا لن يظهر قبل نوفمبر المقبل والارجنتيني في يناير 2009. وفيما يخص المحصول المصري من القمح فهو لا يزيد سنويا علي حد قوله بأكثر من 10% من الاحتياجات وهو غير كافٍ لتغطية الاستهلاك المحلي ويري كذلك أن الحلول لن تزيد عن الترشيد في الاستهلاك وخاصة ما يذهب علفاً لبعض المزارع سواء في صورة كسر أقماح أو عيش رديء بالاضافة إلي أن الدولة مطالبة بقدر الامكان بالوفاء بفاتورة دعم الخبز مع الارتفاع المستمر في سعر القمح خصوصا أن مصر تستورد أكثر من 6 ملايين طن في حين أن الانتاج المحلي رغم كل الارقام المعلنة لا يزيد علي 5 ملايين طن في حين يبلغ الاستهلاك 13 مليون طن يعني أن الارقام الفعلية للاستيراد تصل إلي 8 ملايين طن سنويا. تعاقدات ومن جانبه يوضح سيد الحفني نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية أن الهيئة اشترت 235 ألف طن من القمح الأمريكي والكازاخستاني وسيتم شحنه خلال الفترة من منتصف مارس إلي نهايته عبارة عن 115 ألف طن من القمح الأحمر اللين الأمريكي بسعر 5.391 دولار للطن و120 ألف طن من القمح الكازاخستاني بسعر 403 دولارات للطن تسليم ظهر السفينة وأضاف أن مصر استوردت منذ بداية السنة المالية في يوليو الماضي حوالي 5 ملايين طن من القمح منها مليون طن من روسيا وكازاخستان و2 مليون طن من أمريكا.