باتت قضية التلاعب في أسهم الشركات المقيدة استنادا للأصول غير المستغلة كالأراضي والعقارات أشبه بقنبلة موقوتة داخل البورصة، فبين الحين والاَخر تحدث طفرات هائلة في أسعار بعض أسهم السوق وتصل تلك الأسهم إلي مستويات جنونية ثم تخرج الشائعة تقول إن الشركة تمتلك أراضي وأصولا هي السبب فيما حدث للسهم من صعود مفاجيء. خبراء أسواق المال والمحللون أوضحوا أن المضاربين هم أكثر الفئات استغلالا لهذه النقطة في التأثير علي سعر السهم بين الحين والحين مؤكدين أن السبب في ذلك هو عدم إفصاح كثير من الشركات بشكل واضح عن أصولها غير المستغلة، وكذلك عدم معاقبة الجهاز المركزي للمحاسبات تلك الشركات علي ذلك. ووضع المحللون شروطا يجب مراعاتها في عمليات استغلال الأصول المملوكة للشركات المقيدة، فضلا عن تحذيرهم للمستثمرين من الوقوع في فخ التلاعب باسم الأصول غير المستغلة للشركات الذي تكرر في الفترة الأخيرة داخل أسهم شركات متنوعة في قطاعات مختلفة. ناجي هندي مدير إدارة سوق المال ببنك مصر إيران للتنمية أوضح أن ظاهرة امتلاك بعض الشركات أصولا ثابتة لا تدخل في عملية الإنتاج لابد من التخلص منها لتحقيق أرباح رأسمالية للشركة، مشيرا إلي أن استخدام الشركات هذه الأصول لرفع سعر السهم من خلال شائعات بيع أحد تلك الأصول التي قد تتمثل في أراض يعد أمرا مؤقتا ومرتبطا بانتهاء عملية البيع التي لا تتكرر بعد ذلك من خلال الأصول غير المستغلة. ويضرب هندي مثالا لاستغلال الأصول غير المستغلة في التأثير علي سعر السهم بما حدث أخيرا في شركة النيل لحليج الأقطان التي تعمل في مجال صناعة الغزل والنسيج بالأساس غير أن بعض المستثمرين والقائمين عليها أشاعوا امتلاكها بعض الأراضي التي لا تدخل ضمن العملية الإنتاجية، وأن تلك الأراضي مطروحة للبيع بأسعار عالية مما صعد بسعر السهم. ويري أن تملك الشركات أصولا والاتجاه لبيعها يعد صحيحا ولا خلاف عليه في الأسواق الناشئة الأخري لكن السوق المصري لايزال يمر بمرحلة نمو تدريجي، وحتي مرحلة التصنيع يجب توعية المستثمرين بقضية تلاعب الشركات في أسعار أسهمهما. وأوضح هندي أن شركات قطاع الأعمال العام هي الأكثر امتلاكا للأصول غير المستغلة، ويجب أن تقوم بإعادة هيكلتها والاستفادة منها واستخدام الفوائض من تلك الأصول ودعم نشاط الشركة.. موضحا أن هناك أمثلة كثيرة لشركات تم بيعها وتمتلك أصولا، وفاق سعر الأصول التي تمتلكها خاصة الأراضي للسعر الذي تم بيع الشركة به. ويشير هندي إلي أنه لابد أن تلجأ الشركات وتستعين بالجهات المتخصصة لمساعدتها في العمل علي إعادة الهيكلة، خاصة مع وجود العديد من الشركات تعمل في السوق المصري لمساعدة الشركات الأخري علي إعادة هيكلتها، مؤكدا أنه بإعادة هيكلة الشركة تتحول من شركة تحقق خسائر إلي شركة تحقق أرباحا مما يساعدها في مساهمتها في الدخل القومي. وأشار إلي أنه توجد مجموعة من المضاربين يقومون باستغلال المعلومات وما تمتلكه الشركات من أصول لرفع قيمة السهم بطريقة متعمدة ومرحلية، لافتا إلي أنه يجب أن تقوم الشركة بالإيضاح حتي يتم التغلب علي ما يقوم بعمله المضاربون من خلال الإفصاح والشفافية والعمل علي تقدير قيمة الأصول حتي يتم بيعها بالقيمة الحقيقية دون مبالغة من الجهات المتخصصة، مؤكدا أن الإفصاح والشفافية مطلوبان ويعدان في غاية الأهمية لمنع المضاربة في السوق المصري. ومن جانبه يشير مصطفي بدرة محلل مالي وخبير سوق المال إلي أن الشركات التي تمتلك أصولا غير مستغلة كثيرة بالسوق المصري لابد أن تقوم باستغلالها بما يفيد الشركة، موضحا أن الأصول تختلف من شركة لأخري باختلاف النشاط.. فالنشاط المصرفي يختلف عن النشاط العقاري الذي يقوم علي امتلاك الأراضي والعقارات بينما النشاط التجاري مرتبط بعمليات إنتاج فقط. ويري أنه لابد من استغلال الأصول التي تمتلكها الشركات وأن تسريب الأخبار من خلال الشركة قبل انعقاد الجمعية العمومية فيما يخص بيع الأصول يؤدي إلي رفع سعر السهم بطريقة مبالغ فيها ومتعمدة. ويؤكد أن الإدارة الجيدة والشفافية والإفصاح تؤدي إلي استغلال أصول الشركة استغلالا جيدا، وتسهم في رفع أداء الشركة وإعادة هيكلتها، موضحا أنه يجب استغلال الأصول لصالح الشركة لتحقيق أرباح رأسمالية للشركة. أحمد شحاتة مدير التحليل الفني بشركة نوران لتداول الأوراق المالية يري أن ارتفاع أسعار الأسهم لبعض الشركات يلفت نظر المستثمرين إلي أن الشركة تمتلك أصولا وأراضي موضحا أنه قبل ارتفاع سعر السهم يظل السهم لفترة طويلة في فترة "تجميع".. وفي خلال فترة "التجميع" يصل سعر السهم مستويات عالية، ثم يقفز السعر مرة واحدة بشكل مبالغ فيه دون سبب واضح. ويوضح أنه بعد انتهاء فترة التجميع يشهد السهم ارتفاعات ملحوظة وبعد وصول السهم إلي هذه الارتفاعات يتم اكتشاف أن الشركة تمتلك أراضي وأصولا، مشيرا إلي أن الشركة تستفيد خلال فترة التجميع من الأموال الداخلة لها، وخلال فترة التجميع تلك يتم تسريب المعلومة من خلال إدارة الشركة للمستثمرين المرتبطين بشراء الأسهم بحيث إن أصول الشركة المنحصرة في الأراضي سيرتفع ثمنها أو أن تقوم الشركة ببيعها مما يسهم في ارتفاع سعر السهم. ويري أن استغلال الأصول من الممكن أن يكون مفيدا للشركة في حالة إذا كان هناك إدارة ناجحة تقوم باستغلال الأصول لتمويل المشروعات الاستثمارية ذات العائد أو النمو المتصاعد، وليس لتغطية العجز، موضحا أنه في هذه الحالة يكون علاجا مؤقتا ولا يفيد الشركة.