فجأة وبلا مقدمات اتسعت دائرة الحوار حول الخطر الإيراني في العالم العربي وربما نسي العرب الخطر الأمريكي والخطر الصهيوني وبدأ الحديث عن الخطر الإيراني، وهذا كله يمثل حالة ارتباك في القرار العربي ونظرة العرب لواقعهم الذي يزداد سوءا ولو أن هذا الكلام جاء من أطراف صغيرة لهان الأمر ولكن هذا الكلام يجيء من الرءوس ويأخذ طريقه نحو أطراف أخري، وعندما تأخذ إيران مكان إسرائيل وأمريكا في الأخطار التي تهدد العرب فهذه كارثة.. وعندما تصبح الجزر التي تتنازع عليها إيران ودول الخليج أهم من احتلال أمريكا للعراق واغتصاب إسرائيل لفلسطين فنحن بكل المقاييس قد فقدنا القدرة تماما علي التمييز بين العدو والصديق، إذا كان العرب يريدون تحديد الخطر الحقيقي الذي يهددهم فإن عليهم أن يراجعوا السنوات الأخيرة من تاريخهم المليء بالسواد والهوان، إن أمريكا تحتل واحدة من أكبر الدول العربية بلا سبب، وأمريكا تسيطر تماما علي البترول العراقي وتنهب منه ما تشاء، وأمريكا هي التي دمرت الدولة العراقية، وهي التي قتلت الملايين من العراقيين، فهل بعد ذلك يمكن أن يقال إن إيران هي السبب فيما يحدث في العراق إذا كانت إيران تتدخل في الشأن العراقي من أجل حماية الشيعة، فقد وقف العرب يتفرجون علي كل ما حدث ولم يمدوا يدهم لأحد لا الشيعة ولا السنة.. هل إيران هي التي تحمي إسرائيل وهي تطارد الشعب الفلسطيني؟ هل إيران هي التي فرضت الحصار علي غزة، وما هو الخطأ في السياسة الإيرانية إذا حاولت أن تستفيد من الفراغ الرهيب في المنطقة، وبدلا من أن نلوم إيران علي محاولاتها لماذا لا نلوم أنفسنا لأننا تجاهلنا كل ما يجري حولنا وخسرنا كل شيء أمام ذلك، إن شئون العرب كل العرب الآن تدار بالتليفونات والزيارات من العواصم الأجنبية خاصة تل أبيب وواشنطن وإذا حاولت إيران أن ترفع رأسها حتي تنجو من الطوفان بدأ الحديث عن الخطر الإيراني الذي يهدد العرب، لا أدري أين يمكن أن نضع هذا الكلام هل هي تخاريف أم عشوائيات أم كله عند العرب كما يقولون حكايات وقصص ومهازل، نحن أمام أمة ضيعت كل فرصها التاريخية في أن تكون صاحبة دور ومسئولية وتركت مصائرها في يد من لا يرحم، وبعد أن غرق كل شيء.. تصرخ الآن في البرية ولن تجد من يسمعها.