للوهلة الأولي تبدو شركات الطيران الامريكية وكأنها في حالة جيدة. فلأول مرة منذ 11 سبتمبر 2001 يمر عليها العام الماضي دون ان تلجأ أي منها الي قانون الحماية من الافلاس. وبعد خمس سنوات من الخسائر الضخمة عادت صناعة الطيران الامريكية الي تحقيق الارباح عام 2006 وستحقق ارباحا هذا العام ايضا للعام الثالث علي التوالي. وتسعي اثنتان من شركات الطيران الامريكية الكبري هما دلتا ونورث ويست الي الاندماج معا وتوسيع عملياتهما في الداخل والخارج علي حد سواء. ولكن مجلة "نيوزويك" تري ان النظرة الثانية علي شركات الطيران الامريكية توضح انها ليست علي مايرام. فهناك في الولاياتالمتحدة عدد كبير من شركات الطيران المدني ولكنها اقل ربحية وأثقل مديونية من شركات الطيران الاوروبية وهو ما يجعلها اهدافا يانعة وملائمة تماما لعمليات الاندماج. وعلي سبيل المثال فإن سعي دلتا ونورث ويست للاندماج يستهدف مجرد البقاء علي قيد الحياة بأكثر مما يستهدف البحث عن فرص جديدة. ولاشك ان تزايد المنافسة مع بدء سريان اتفاقية السماوات المفتوحة في ابريل القادم سيعطي لشركات الطيران الاوروبية الافضل حالا ميزة تنافسية علي الشركات الامريكية. فالشركات الاوروبية ستكون أقدر علي الاستفادة من تحرير سوق الطيران علي جانبي الاطلنطي. والحقيقة البارزة في هذا الصدد هي ان الولاياتالمتحدة متأخرة عن اوروبا في مجال الطيران المدني لأسباب تكنولوجية واخري تنظيمية. ولابد من الاعتراف بأن الطيران في امريكا صار يشبه ركوب اوتوبيس قديم علي ارتفاع 35 الف قدم، فأساطيل الطائرات لدي الشركات صارت قديمة وليس مع هذه الشركات ما يمكنها من شراء طائرات جديدة احدث واكثر وفرا في استعمال الوقود، أضف الي ذلك ان ارتفاع اسعار البترول ادت الي زيادة تكاليف الوقود علي الشركات الامريكية بنسبة 237% منذ عام 2002 حتي الآن. ونحن نعرف ان الولاياتالمتحدة لديها 6 شركات طيران كبري الي جانب العديد من الشركات الاصغر حجما. ونعرف ان عدد شركات الطيران الامريكية اكبر من عدد شركات الطيران لدي أي بلد آخر. ولكن 3 منها فقط هي التي تظهر ضمن اكثر 10 شركات ربحية في سوق الطيران العالمي. كذلك فإن شركات الطيران الامريكية الرئيسية ترزخ وحدها تحت عبء اكثر من نصف ديون صناعة الطيران العالمية والتي تبلغ قرابة 190 مليار دولار. وقد كان قانون الحماية من الافلاس هو طوق النجاة الوحيد الذي انقذ كثيرا من شركات الطيران الامريكية في فترة انكماش السوق التي أعقبت احداث 11 سبتمبر الارهابية عام 2001. وهذا القانون ميزة لا تتوافر للشركات الاخري في مختلف انحاء العالم. والملاحظة التي تؤكد عليها مجلة "نيوزويك" هي ان شركات الطيران الاوروبية تعافت من ازمة 11 سبتمبر بسرعة وقوة. وعلي سبيل المثال فقد اندمجت شركة "KLM" A380, A350 ليس من بينها اي شركة امريكية. وخلال العقد القادم ستقوم شركات الطيران في اوروبا وامريكا اللاتينية والشرق الاوسط باحلال 6% سنويا من اساطيلها بطائرات جديدة اما نسبة الاحلال في اساطيل الشركات الامريكية والافريقية خلال نفس العقد فلن تتجاوز 3.5% سنويا، ونظرا لأن الطائرات الجديدة توفر 40% من استهلاك الوقود فهذا سيعطي ميزة تنافسية للشركات الاوروبية علي حساب الشركات الامريكية التي ستتآكل قدرتها التنافسية ومما يزيد الطين بلة ان القوانين البيئية الجديدة في الولاياتالمتحدة ستزيد من تكلفة الوقود علي شركات الطيران الامريكية. والمفارقة السيئة في اتفاقية السماوات المفتوحة هي ان الشركات الاوروبية ستكون الاكثر استفادة عند سريان الاتفاقية في الشهر القادم. فالاتفاقية سوف تسمح لأية شركة طيران بتنظيم رحلات مباشرة بين المدن الاوروبية والمدن الامريكية وهذا حق تتمتع به فعلا الشركات الامريكية التي يمكنها الطيران المباشر الي المدن الاوروبية. ومعني ذلك ان الشركات الاوروبية سيصبح لها حق منافسة الشركات الامريكية في هذه الرحلات الطويلة الاكثر ربحية وانها سوف تقتطع دون شك جزءا من ارباح الشركات الامريكية. ونظرا لتقادم اساطيل الشركات الامريكية فان هناك تزايدا في حوادث الطائرات في السماوات الامريكية وهذا دفع الشركات الي التخلص من الطائرات التي لم تعد صالحة أو آمنة في الاستعمال ولذلك اصبحت نسبة الاشغال في الرحلات اعلي مما كانت عليه وتقول الارقام ان 80% من الرحلات تكون كاملة العدد حاليا في حين ان هذه النسبة لم تكن تتجاوز 55% منذ نحو ثلاثة عقود. وتقول "نيوزويك" ان زحام المطارات قد يدفع الي صفقات اندماج بين الشركات الاوروبية والامريكية، لم تقم السلطات الامريكية المختصة بمنع مثل هذه الصفقات تحت سطوة القانون الذي يمنع الاجانب من امتلاك اكثر من 25% من القوة التصويتية في اي شركة طيران امريكية.. وعموما فإن الوقت مبكر بالنسبة لامكانية مناقشة مثل هذه التطورات وما علينا سوي ان ننتظر لنري!