خسرت شركات الطيران الامريكية في السنوات الاخيرة 32 مليار دولار وتقول مجلة "الايكونوميست" انه كانت هناك خمسة اسباب وراء هذه الخسائر هي احداث 11 سبتمبر 2001 الارهابية، وانهيار فقاعة شركات الانترنت "الدوت كوفر"، والحرب ضد العراق.. اما السبب الرابع فهو وباء سارس في آسيا، والسبب الخامس هو المنافسة الشرسة من جانب شركات السفريات الجوية الرخيصة.. وقد اضيف مؤخرا الي هذه الاسباب الخمسة ارتفاع اسعار البترول كسبب ثالث مدمر لشركات الطيران الامريكية.. ومنذ ايام وبالتحديد يوم 14 سبتمبر أعلنت شركة دلتا ايرلاينز وشركة نورث ويست ايرلاينز ثالث ورابع اكبر شركتي طيران في الولاياتالمتحدة افلاسهما. ومما يذكر ان كلا من شركة يونايتد وشركة يو. اس. ايروايز تعملان فعلا بمقتضي الفصل 11 من قانون الحماية من الافلاس وهذا معناه ان نصف صناعة الطيران الامريكية قد اعلنت افلاسها وسوف تظل طائرات هذه الشركات الاربع الكبري تسافر خالية من الركاب مادامت المحاكم الامريكية تحميها من الدائنين ولكن ما لا شبهة فيه الان هو ان صناعة امريكية كبري صارت راكعة رسميا علي ركبتيها تنتظر الموت او معجزة تخرجها من هذا المأزق. والحقيقة ان جيوفاني بيزيناني المدير العام للرابطة الدولية للنقل الجوي قد حدد مؤخرا التأثير السلبي لارتفاع اسعار البترول حينما أعلن توقعه ان تخسر شركات الطيران الامريكية نحو 8 مليارات دولار هذا العام وذلك بزيادة ملياري دولار عن توقعاته السابقة في مايو الماضي عندما كان سعر برميل البترول لا يتجاوز ال 47 دولارا.. اما الان فسعر برميل البترول قفز الي 64 دولارا كما ان شركات الطيران الامريكية تواجه منافسة شرسة من جانب القادمين الجدد نسبيا مثل ساوث ويست وجيت بلو اللتين لا تزالان تحققان ارباحا ولأن تكاليف هذه الشركات كبيرة واسعار تذاكرها مرتفعة فلن يمكنها نقل عبء الزيادة في اسعار البترول الي الركاب وستضطر الي تحملها كخسائر اضافية. لقد ظهرت بارقة امل في سماوات شركات الطيران الامريكية في مطلع هذا الصيف عندما زادت اعداد المسافرين جوا.. وتحسنت نسبة الاشغال في الطائرات نسبيا لتصل الي 79% في المتوسط ولكن ايرادات المقعد ظلت في انخفاض بنسبة 1.8% عن عام 2004 وهو ما يعتبر جزءا من ظاهرة طويلة تدفع الايرادات نحو الانخفاض. وبفضل سياسات خفض التكاليف والتعاون بين الشركات ونقابات العمال ظهرت بوادر امل في الافق.. وفي الربع الثاني من العام الحالي تمكنت امريكان ايرلاينز كبري شركات الطيران الامريكية من تحقيق ارباح حجمها 58 مليون دولار اما شركة كونتيننتال ايرلاينز فقد حققت نتائج افضل حيث زادت ايراداتها في ذات الربع بنسبة 12% واصبحت ارباحها 100 مليون دولار وحتي شركة يونايتد التي تحاول الخروج من طائلة الافلاس خفضت خسائرها في الربع نفسه الي 26 مليون دولار بعد ان كانت 247 مليون دولار في الربع الثاني من عام 2004. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان ارتفاع اسعار البترول جاء ليطيح بهذه الآمال ويجعل اوضاع شركات الطيران الامريكية اوضاعا حرجة مرة اخري.. وقد اعلن بيزيناني ان ارتفاع اسعار البترول يحول دون عودة صناعة الطيران الامريكية الي الربحية مرة اخري وان شركة دلتا قد اعلنت افلاسها برغم الدعم والاستغناء عن 7 آلاف من العمال يمثلون عشر عمالتها الكلية.. كما اضطرت نورث ويست الي الدخول في طائلة قانون الحماية من الافلاس طالبة حمايتها من الدائنين طبقا للفصل 11 من هذا القانون. والحقيقة ان تطبيق الفصل 11 علي اي شركة يعني انها في حالة افلاس مؤقت.. وبرغم نتائجها الطيبة في الربع الثاني من العام الحالي فقد قررت شركة يونايتد منذ نحو 6 اسابيع تأجيل خروجها من حالة الافلاس المؤقت حتي شهر فبراير القادم حيث تكون الشركة في ذلك الحين قد امضت 38 شهرا تحت حماية المحاكم لها من الدائنين، بل ان يونايتد قد لا تحقق هذا الهدف في موعده سالف الذكر.. ولكن شركة يو. اس. ايرلاينز هي الاقرب احتمالا للخروج من براثن قانون الحماية من الافلاس الذي انضوت تحته مرتين في السنوات الاربع الاخيرة. وربما كانت الاندماجات هي الحل السعيد لمثل هذه المشكلات الحرجة ولكن حتي الشركات الكبري لم تعد قادرة علي هضم المنافسين في صناعة الطيران الامريكية.. وباستثناء شركة امريكا ويست التي قبلت يوم 13 سبتمبر الاندماج مع يو. اس. ايروايز فان باقي الشركات بما فيها شركات السفريات الجوية الرخيصة لا تأخذ بفكرة الاندماج. وهكذا يبدو الافق امام شركات الطيران الامريكية ملبدا بالغيوم وان ظلت خطوطها الدولية هي نقطة الضوء الوحيدة في حياتها ولكن التوسع في هذه الخطوط سيغضب شركات الطيران الاوروبية التي صارت تعتبر القانون الامريكي للحماية من الافلاس بمثابة نوع من الدعم الحكومي للشركات الامريكية وتطالب بالغائه وتشديد شروطه علي اقل تقدير.