في إبريل 2001 كتبت مجلة الايكونوميست تقول إن مستخدمي الانترنت اعتادوا في السنوات الاخيرة الوجبات المجانية من الاخبار الي الموسيقي الي البريد الالكتروني الي المعلومات الدقيقة عن الاسهم وحتي وصلات الانترنت السريع، ولكن شركات الدوت كوم التي تعاني من انفجار فقاعة شركات التكنولوجيا لم تعد قادرة علي مواصلة تقديم هذه الخدمات المجانية فهي تتساوي الان بالاستغناء عن العمالة وفرض رسوم علي ما نقدمه من خدمات. هذه الكلمات التي صدرت في "الايكونوميست" منذ 8 سنوات تنطبق الان تمام الانطباق علي اوضاع شركات الانترنت.. فخلال ازدهار شركات الانترنت في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي اتجه التفكير الي امكان تقديم كثير من خدمات الشبكة العالمية بالمجان، وانطلقت الشركات تقدم خدماتها المجانية بهدف جذب اكبر عدد ممكن من الزوار والمستخدمين علي أمل ان تبيع لهم الاعلانات فيما بعد فيتحول الملايين من الزوار والمستخدمين الي مصدر لتحقيق الايرادات والفوز بالنصيب الاكبر من كعكة اعلانات الانترنت، لكن الامور لم تمض علي نحو ما خططت له شركات الانترنت، وكانت النتيجة هي حدوث الانهيار الاول لشركات الانترنت في عام 2000 وبدأت هذه الشركات تجرب انماطا اخري من "البزنيس" مثل فرض رسوم علي الاتصال بمواقعها، ونجح هذا النمط مع عدد محدود من شركات الانترنت. والغريب أن نفس القصة تكررت مرة اخري اعتبارا من عام 2004 وهو العام الذي قامت فيه شركة الانترنت جوجل بتسجيل نفسها في البورصة بعد عدة سنوات ظلت فيها شركات الانترنت بعيدة عن وول ستريت.. وبدأت جوجل بذلك مرحلة جديدة هي مرحلة "الويب 2" ولا شك ان قدرة جوجل علي استخدام محركها البحثي الشهير لجذب الاعلانات سواء علي مواقعها او علي موقع اي شركة انترنت اخري كان يعني ان انماط "البزنيس" التي ماتت مع انفجار فقاعة شركات الانترنت الاول عام 2000 عادت مرة اخري للحياة، وبدا واضحا ان هناك فرصة لاستخدام اعلانات الانترنت في صنع الايرادات بشرط ان تحسن اجتذاب هذه الاعلانات، وهي مشكلة كانت جوجل قد نجحت في حلها ببراعة.. لقد كان هناك اتفاق عام علي ان عدم توافر وصلات الانترنت السريع هو السبب الاساسي لفشل شركات الانترنت خلال ازدهارها الاول في جذب الكثير من الاعلانات، وعلي هذا فقد بدأت مرة اخري محاولات جذب الملايين من الزوار لمواقع شركات الانترنت.. وظهر علي الشبكة العنكبوتية نجوم جديدة مثل: ماي سبيس، ويوتيوب، وفيس بوك، وتويتار.. وكانت كل منها تقدم خدمة مجانية تستهدف جذب اكبر عدد ممكن من ملايين الزوار، علي امل تحويلهم عند نقطة معينة الي قوة جذب للاعلانات وايراداتها المتزايدة.. ولكن النجاح الحقيقي في هذه العملية اقتصر علي جوجل وحدها وإن كان زمن الوجبات المجانية قد عاد من جديد. وتقول مجلة "الايكونوميست" ان الحقائق عادت الان لتفرض نفسها مرة اخري، فعدد الشركات التي تستطيع تحقيق أرباح من ايرادات الاعلانات يتناقص بشدة الي حد ان كثيرا من الناس صاروا يعتقدون ان شركات الانترنت ومعها وادي السيليكون كله يتحركون للدخول الي "شتاء نووي" جديد شبيه بذلك الذي حدث عقب انهيار فقاعة شركات الدوت كوم عام 2000 اي قبل 9 سنوات من الان تقريبا.