في يوم من الأيام كانت العلاقات المصرية السوفيتية من اكثر العلاقات التي اثرت في تاريخ مصر الحديث. واذا أردنا ان ندلل علي ذلك فهناك شاهدان الأول السد العالي أعظم مشروعات التنمية في مصر الحديثة ولولا هذا السد لتغيرت اشياء كثيرة في تاريخ نهر النيل.. الشاهد الثاني علي اهمية هذه العلاقات ان مصر انتصرت في حرب اكتوبر بالسلاح الروسي الذي قدمه لنا الاتحاد السوفيتي.. ولاشك ان مصر لا تنسي مثل هذه المواقف خاصة ان العلاقات بيننا وبين الاتحاد السوفيتي قد تعرضت لحالة من الفتور استمرت سنوات.. والآن تبدأ هذه العلاقات مرحلة جديدة بعد زيارة الرئيس حسني مبارك لموسكو وتوقيع اتفاق التعاون النووي في الاغراض السلمية وقد كانت هناك تكهنات كثيرة حول الدولة التي ستلجأ إليها مصر في هذا المشروع الكبير باستخدام الطاقة النووية في انشاء محطات لانتاج الكهرباء.. كان هناك اعتقاد بأن فرنسا هي الدولة التي تحتل أول القائمة وهناك من تصور انها امريكا بحكم العلاقات بين القاهرة وواشنطن وجاء دخول روسيا في هذا المشروع مفاجأة للجميع وربما كان السبب في هذا الاختيار ان الروس عملوا في مصر كثيرا في مشروعات مختلفة في مقدمتها السد العالي وبعض الصناعات كما ان التعاون الاقتصادي في مجالات الصناعة كان له تاريخ طويل ولهذا فإن عودة هذا التعاون تعتبر خطوة مهمة ربما ترتبت عليها نتائج اخري كثيرة.. واذا كانت الحسابات السياسية هي التي حكمت العلاقات المصرية السوفيتية في ظل الحرب الباردة فإن الحسابات الاقتصادية هي التي ستحكم علاقات اليوم بين مصر وروسيا.. ان روسيا في حاجة لأن تستعيد وجودها الغائب في المنطقة خاصة ان امريكا تحاول ان تفرض سيطرتها علي كل منابع البترول كما ان روسيا لم تستطع حتي الآن ان تعوض شيئا من خسائرها بعد غياب الاتحاد السوفيتي وربما يفتح التعاون بين مصر وروسيا مجالات اكثر لعلاقات اوسع في المنطقة وقد يؤدي ذلك إلي فك جوانب كثيرة من الحصار الذي تفرضه امريكا علي الدول العربية سواء كانت صديقة أو غير صديقة.