يناير شهر السد العالي، ففيه انطلقت شرارة العمل، وبالتحديد في 9 يناير قبل نصف قرن، وفي منتصفه عام 0791 تم الانجاز الذي ترجم ارادة شعب مصر وقدرته علي التحدي، واصراره علي تحويل الحلم الي مشروع قومي بكل ما تعنيه الكلمة. مصر اليوم في حاجة الي مشروع بحجم السد العالي، ولا أظن أن هناك أفضل من التوجه الي سيناء ليكون تعميرها بالبشر والمشروعات الصناعية والزراعية، واقامة مجتمعات متكاملة حديثة، هو مشروع مصر القومي في القرن الحادي والعشرين. وكما كان الحال عند بناء السد العالي، فان تعمير سيناء لا يمثل فقط بندا رئيسيا في معركة التنمية، لكنه بنفس القدر يعكس وعيا بضرورة التعامل مع التحديات التي تمس أمن مصر القومي، فكما كان ترويض النهر، وتأمين رصيد من المياه، وحفظ مصر من تقلبات النيل التي تتراوح بين شح قد يصيبنا بالقحط أو فيضان يهددنا بالغرق، فان تعمير سيناء -من منظور الأمن القومي- يمثل دعما لخط الدفاع الأول عن أمن مصر،ويقطع الطريق علي أصحاب المخططات الطامعة في سيناء، وقد أصبحوا سافرين في اعلان مطامعهم، ولا يخفون تطلعاتهم لتصدير الازمات الي مصر عبر سيناء، ولاشك أن الأمر سيختلف تماما حين يكون هناك جدار من البشر اليقظين، الذين يحرصون علي حماية أمن ومستقبل الوطن. لقد كان السد العالي -بشهادات غربية- اعظم مشروع هندسي في القرن الماضي، وتعمير سيناء يمكن أن يصبح معجزة في القرن الحالي، عبر تحويلها الي جزيرة نابضة بالحياة، تحتضن مجتمعا يسعي للتنمية المستدامة، ويقام بين مشروعاته الزراعيه وقلاعه الصناعية واد للسيلكون يضم مراكز لأرقي التقنيات، ويوفر للباحثين الامكانات التي تجعله منافسا للأودية التي سبقته، فالمصري لا يقل قدرة ولا ذكاء، ولا إبداعا، فقط يتوافر له المتاح الملائم. وإذا كان السد العالي قد بات جزءا من تاريخ مصر، فان سيناء، يمكن أن تصبح أحد المعالم شديدة التميز لمستقبلها. علاء عبدالوهاب