قد لايحفظ العديد من القراء اسم الفاضلة نهاد أبو القمصان، أو اسم المغفور له الراحل الكبير د.عادل أبو زهرة. ولكن كلا من الاسمين علامة في التاريخ السري الحقيقي للحفاظ علي كرامة المصريين. وأدعو بطول العمر للشابة الرائعة نهاد أبو القمصان، وهي من تدير المركز المصري لحقوق المرأة وهو المركز الذي حصل هذا العام علي جائزة خصصتها مكتبة الإسكندرية باسم د.عادل أبو زهرة، هذا المصري العظيم الذي رأس جمعية اهلية كان همها الاساسي هو الحفاظ علي بيئة الاسكندرية التاريخية من ان تدهسها جحافل الباحثين عن المال، دون اهتمام بقيمة الاماكن وقد استطاع - علي سبيل المثال لا الحصر - منع تشويه حدائق الشلالات بمباني أو تحويلها إلي ارض للبناء فهي الرئة الحية التي تتوسط المدينة وهو من راح يحذر من "عدم احترام الكورنيش" عن طريق توسيع الشارع الذي بجانبه، وهو من حاول منع البناء بأدوار مرتفعة تفوق قدرة المدينة علي التنفس أو صيانة نفسها من الحرائق. نجح عادل أبو زهرة في منع تدمير حدائق الشلالات، ولم يسعفه القدر علي ان يصون كورنيش الاسكندرية من الدمار الذي اصابه ويأكل يوميا جثث عدد من ضحايا العجز عن عبور الشارع العريض، مات الرجل علي سرير مستشفي مصطفي محمود بعد جراحة تغيير فص للكبد. ولكن لأنه أسس منتدي الحوار في مكتبة الإسكندرية، اصرت المكتبة ان تخصص جائزة سنوية باسمه لمن يعمل في العمل الاهلي وفازت نهاد أبو القمصان بالجائزة لهذا العام، وهي المصرية التي لا تبيع جراح الوطن علي مائدة المساعدات الاجنبية ولكنها من تحاول بالفعل تنبية الواقع إلي اهمية مشاركة المرأة في الحياة العامة. فكرت اثناء الجائزة بان من حق نهاد أبو القمصان جائزة اخري تضاف لها، وهي ان تلتقي من خلال إسماعيل سراج الدين الرجل الذي أسس جامعة للحفاة في الهند ونشر في القري الواقعة علي الجبال مواقد شمسية تستخرج المياه من باطن الأرض، وتدير الحياة اليومية المعاصرة علي احدث مايكون، ويقوم بكل العمل نساء حفاة لم يدخلوا مدرسة أو جامعة. وتكلفة انتاج تلك السخانات الشمسية لا تتعدي جنيهات قليلة. فكرت في انه من المهم ان تقوم مشاركة اخري بين مصر والهند في العمل الاهلي، بحيث نرسل بعضا من المستفيدات من عمل المركز المصري لحقوق المرأة، وننشر في مصر المواقد الشمسية بنفس الطريقة الزهيدة الثمن بعد ان ندرب العديد من النساء عليها. وأثق ان كلا من نهاد أبو القمصان وإسماعيل سراج الدين يمكن ان يصنعا مع بانكر روي معجزة بسيطة ودائمة ومتجددة علي أرض مصر، حين نفتح فرص عمل للعديد من النساء المصريات غير المتعلمات، ونوفر في القري والاحياء الفقيرة فرص عمل في زمن يئن من البطالة. وتلك جائزة نكسب فيها جميعا.